طارق السيد متولى يكتب «يوميات زومبى» (26): موسم رمضان

عندما يقترب شهر رمضان تجد نشاط غير عادى فى كل مكان، فرحة الناس بقدوم الشهر الكريم شهر العبادة والصوم وصلاة التراويح والجوامع تستعد لاستقبال المصلين وعادات الناس فى وضع الزينات والأنوار فى كل مكان احتفالا بالشهر الكريم.

لكن على الجانب الأخر تجد نوع من الهيستريا قد أصابت الناس وحولتهم لزومبى يتصرف بطريقة آلية، وتجد هجوم ولا هجوم التتار على محلات الفاكهة والخضار والحلويات وكل شىء، وكأن الطعام سينفد من الأسواق مما يؤدى بالطبع لرفع الأسعار وإختفاء السلع.

وفى كل بيت تجد كلمة “عايزين نشترى حاجة رمضان” حتى أصبح شهر رمضان موسم تجارى بالدرجة الأولى.

ورمضان برىء من كل هذا فهو شهر الصيام وتقليل الطعام، ويسيطر التفكير فى الطعام والشراب غالبا على الناس طوال شهر رمضان.

وعلى سبيل المثال عم إبراهيم صاحب المطعم فى حينا حى الظاهر يغلق المحل أوائل رمضان ويتفنن فى تضييع وقت الصيام فيأخذ فى يوم مثلا سيارته ويذهب فى رحلة ساعة ذهاب وساعة اياب لحى السيدة زينب ليشترى من هناك كنافة على الرغم من أن كثير من المحلات فى الحى تبيع نفس الكنافة، أو يذهب إلى آخر البلاد ليشترى مخلل معتبر من محل مشهور هناك ويتكبد عناء القيادة فى الطريق المزدحم للحصول على كيس مخلل ويعود به قبل موعد الإفطار وهو يشعر بالنصر والفخر .

و”العزومات” فى رمضان.. وما إدراك ما “العزومات” !!

فى يوم من أيام الشهر الفضيل عزمنا صديقنا عادل محاسب الشركة على الفطار فى أحد المطاعم الذى يمتلكه أحد أصدقائه وكنوع من المجاملة دعاه لتناول الإفطار وأخبره أنه مرحب به وهو ومن يأتى معه من أفراد العائلة أو الأصدقاء فى أى وقت لكن عادل فاجأ صديقه بأنه عزم كل موظفين الشركة وكان عددهم عشرون فردا .

ويبدو أنهم أرادوا أن يدبروا هذه “العزومة” الكبيرة التى فرضت عليهم بأقل التكاليف فعندما وصلنا إلى المطعم قبل موعد الإفطار بدقائق لم نجد سوى عصير وشوربة وتمر وعدد قليل من الأطباق لا يكفى أربعة أفراد على الأكثر.

وعلل صاحب المطعم هذا بأن الطهاة ما زالوا يصنعون مزيد من الأطباق لكن الوقت بالطبع لا يسمح فقد أذّن المغرب واضطررنا إلى تقاسم الطعام القليل جدا، والبعض منا اكتفى بالعصير والشوربة، وأخذ زميلنا سالم يؤنب عادل على عدم ترتيبه الفطار مع المطعم وأقسم أنه لن يفطر معنا مرة أخرى.

وراح عادل يستفسر من أصحاب المطعم عن عدم تجهيز الطعام ولو أن كل من عادل وأصحاب المطعم تعاملوا مع الأمر بوضوح دون مجاملة فارغة لما تعرضنا لهذا الموقف ونحن صائمون وجوعى بالطبع، لكن الزومبى كما اتفقنا عشوائى التصرف وكل شىء عنده متروك للظروف.

عدت إلى البيت حوالى العاشرة مساءا، كان الوقت لايزال مبكرا لتناول طعام السحور وأنا أشعر بالجوع فتناولت بعض الحلوى وجلست أمام التليفزيون لمشاهدة صراع البرامج والمسلسلات فى الشهر الكريم لأكتشف على الفور أنها كلها إعلانات فلايكاد يمر خمس دقائق فى أى عمل حتى أجد عشرة دقائق إعلانات.

المشكلة أن جميع الإعلانات تحاول بشكل مبالغ فيه إبهار المشاهدين بكل الطرق الطبيعية وغير الطبيعية انتابنى شعور أننى أشاهد قرود تتقافز على الشاشة، وتردد اسم المنتج مرارا وتكرارا بطريقة هيستيرية والجميع يضع اسم رمضان كريم فى وسط البضاعة وكأن الشهر الكريم تحول إلى سوق كبير ومولد بكل معنى الكلمة.

مولد من رقص وغناء وألعاب وكأننا رمضان تحول إلى مولد. مولد وصاحبه – رمضان الروحانيات والعبادة – غايب، لذلك أغلقت التليفزيون فالنوم أفضل فى هذه الحالة حتى يحين موعد السحور.

نكمل فى يوم آخر من يوميات زومبى فإلى لقاء.

اقرأ أيضا للكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى