عاطف عبد الغنى يكتب: الزميل الصحفى عماد الفقى
الزميل الصحفى عماد الفقى، لا أعرفه شخصيا، ولكنى أعرف المهنة التى أزامله أياها، مهنة الصحافة، وأعرف ضغوط ممارساتها، المادية والمعنوية، وأعرف تأثير هذه الضغوط على من يملكون أحاسيس ومشاعر حية، وضمائر يقظة.
فى حادثة مفجعة فاجأنا الزميل صباح اليوم بإقدامه على التخلص من حياته بمقر عمله بجريدة الأهرام في مكتبه بالدور الرابع في مبني الجريدة.
خبر انتحار الزميل مفجع، وتفاصيل الحادث مؤلمة إلى حد لا يتصوره إلا ذوو القلوب، التى يسكنها شىء من الرحمة.
وكعادة الصحافة الإليكترونية اللحظية والرقمية التى لا تنتظر وتسعى للمنافسة على الحصرى، والسبق، حتى فى حالة حادث الزميل، لجأت إلى مصادر سريعة، أفادت أن الحالة النفسية السيئة للصحفى، فى ممارسة المهنة، هي ما قادته إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة فى حق نفسه، بالصورة البشعة التى صورتها بعض الأخبار، ولم ترحم بإيراد التفاصيل (التى تسكنها الأبالسة)، متلقى الخبر، وخاصة أهل الزميل والأقارب، والزملاء.
قلت لنفسى، هذه هى مهنة الصحافة، وهذا قلبها الذى هو أشد قسوة من الحجر، لكن مهما قسى قلبها على أبنائها لا يمكن أن يصل إلى هذا الحد.
لا ممارسات رئيس العمل، ولا منع من الترقية، ولا الكتابة، ولا غيرها من الممارسات، يمكن أن تؤدى إلى هذه النتيجة، وهذا ليس دفاعا عن أحد، ولكنه تقدير للموقف من خلال خبرة الحياة المهنية التى عشتها لسنوات طوال، ومازالت أعيشها، والتى أرى أن الصحفى فيها يملك أيضا أدواته فى الشكوى، ويستطيع أن يصل بشكواه إلى أفاق عديدة، من النقابة، والهيئة الوطنية للصحافة، إلى القضاء، وإلى أعلى رأس فى الدولة.. رئيس الجمهورية.
فالصحفى الذى يدافع عن الناس وحقوقهم ويسعى إلى مساعدتهم للحصول على الحقوق يستطيع أن يحصل على حقوقه، عندما يكون له بالفعل حقوق ضائعة، ويسعى جادا للحصول عليها، وفى هذه الحالة يجد من الزملاء من يقف إلى جواره، ويساعده.
وعاصرنا ورأينا فى نقابتنا مثل هذه الوجوه، والأيدى الممدودة بالمساعدة، خلال مشوارنا الصحفى، ولم نكن نعدم الوصول إلي هؤلاء الفرسان، ولم يكن البعض منهم يتأخر فى الوقوف إلى جوار الحق، والأسماء كثيرة.
وأتصور أن هناك ضغوطات وعوامل أخرى حياتية إلى جانب ضغوط العمل هى التى اجتمعت وأوصلت الزميل إلى ما أقدم عليه.
حزنت من أجلك والله يا عماد، وأسأل الله أن يرحمك، ويعفو عنك، فى الدار الأخرة بعد أن قست عليك الدار الأولى.
وأناشد الزملاء أصحاب الأفئدة الزكية ألا يتاجروا بالحادث، أو يتخذوا من حادث الزميل فرصة لتصفية الحسابات.. أى حسابات.
اقرأ أيضا للكاتب:
-
عاطف عبد الغنى يكتب: عندما يفاوض عبد السلام النابلسى الخليج على ثروته
-
عاطف عبد الغنى يكتب: موسم الحج إلى تل أبيب
-
عاطف عبد الغنى يكتب: « حيث يلعب العرب واليهود معا »