أولويات الحكومة مع الأزمة الاقتصادية: تحديات البشر.. أم تنمية الحجر ؟!

إسلام كمالتقرير يكتبه: إسلام كمال

 

الضربات التى تلحق بالاقتصاديات الدولية، أصبحت أكثر إيلاما على الاقتصاد المصري بشكل غير مسبوق، ومن المتوقع أن تطول وتتنوع هذه الضربات من زيادة قيمة الدولار ومضاعفة سعر البترول وسعار نسبة التضخم!

كل الجيوب المصرية في أغلب الطبقات، تصرخ من هذه الضغوط الصعبة جدا، والتى تضع علامات استفهام كثيرة جدا حول طريقة التصرف مع هذه التحديات الخطيرة، التى أصبحت لها أبعاد في غاية التعقد خلال الفترة الأخيرة.

طالع المزيد:

ومن الخطورة أن تحل الأزمة بقروض جديدة، ومن الخطورة الأكبر آلا يتم مواجهة الأزمة بسرعة خاصة أن ضرباتها تكثر..فهل آن الوقت لتغيير جدول أولويات الحكومة أو الدولة بشكل عام؟!، فهل من الممكن أن يتم من خلال ذلك تأجيل بنود ما ترهق الموازنة المتوعكة أساسا، فعلى سبيل المثال سعر برميل البترول في الموازنة الأخيرة ٦٠ دولار، مقابل ١١٥ دولار الآن، ومرشح للزيادة، مما له من أثار على الموازنة بكل مناحيها.

الحكومة بالتأكيد تنظر للموقف بعين تقديرية بشكل ما، حتى لا تضرب السلام الاجتماعى بالكامل، فهى على سبيل المثال لا تستطيع أن ترفع سعر السولار، رغم التحريكات المتعددة لأسعار الوقود خلال الفترة الأخيرة، لأنها تدرك خطورة التعقيدات الاجتماعية على خلفية قرار كهذا، رغم أنها ستكون مضطرة له بشدة في وقت ما، لو استمرت الضربات على هذا المنوال.

لكن قصة تغيير جدول الأولويات، التى أطالب بها، أشمل من مجرد الحرص على تثبيت سعر السولار، بل النظرة يجب أن تكون أكثر شمولا، فمن المهم أن نتناقش حول تأجيل ما، ولو لفترة وجيزة لنسبة ما من المشروعات القومية المكلفة، والتركيز على البرامج الاجتماعية لدعم الفئات التى تعانى بشكل كبير من التحديات الاقتصادية المتصاعدة، ومنها مواجهة الفواتير المتزايدة في كل مرافق البنية التحتية من الكهرباء والماء والغاز وحتى الإنترنت.

بالطبع مشروع مثل ، حياة كريمة، من المشروعات المهمة، التى لا يمكن المساس بها، وهو يعتبر من البرامج الاجتماعية التى نطالب بزيادتها، بخلاف طبعا برنامج تكافل وكرامة، لكن الأمر لا يتوقف عند الطبقة الكادحة، خاصة أن التحديات الاقتصادية طالت الطبقة المتوسطة التى سحقت بكل مستوياتها بشكل لا يمكن اخفاءه على أحد، فكل يحاول إخفاء الموقف، متصورا إنها معاناته وحده، رغم إنها حالة عامة، ومن هذا المنطلق نتسائل عن دور المجموعة الاقتصادية الاجتماعية في الحكومة، وأين دور البرلمان بغرفتيه؟!

لا يمكن أن ننتظر تدخلات الرئيس كالعادة، فالدولة لها مؤسساتها، ويجب أن يكون التدخل هذه المرة من الحكومة بدعم من الرئيس، وهو بتأجيل لبعض المشروعات القومية المرهقة للموزانة، وأتصور أن هذا سيكون مسارا مهما، لكننا نتمنى أن يتخذ قرارا سريعا بهذا الخصوص، بالذات أن هناك تأجيلات وإطالات سابقة حدثت بالفعل لمشروعات قومية لأسباب أخرى، ولم تؤثر في الصورة العامة، فالعاصمة الإدارية على سبيل المثال، تمت فيها بعض التأجيلات لعدة مرات، ومنها التسليمات وانتقال الحكومة، ولم تتضر الصورة العامة بشكل أو أخر.

وأتصور أن قرار تعديل الأولويات، في هذا الوقت بالذات، وبهذه الرؤية، سيكون له مردودا طيبا في الجبهة الداخلية على كل النطاقات خاصة لو شعر الكل بتغييرات ما سريعة، فالرئيس على سبيل المثال تدخل في مواجهة سعر الخبز السياحى، فعاد سعره في بعض المناطق لجنيه واحد، لكن تراجع وزنه بشكل مغزى جدا، وبالتالى على الحكومة أن تتحرك هى الأخرى وبسرعة، والرئيس داعم في هذا الإطار بالتأكيد.

لكن بالطبع يجب أن يكون هناك قطاعا خاصا وطنيا، يشعر بالدولة والمجتمع الذي يحقق من وراءه أرباح مليارية، فلن يشعر أحد بأى شئ من قرارات حكومية مهما كانت قوتها واستثنائيتها، لو استمرت حالة سعار القطاع الخاص بكل مستوياته، متحججين بحجج واهية من نوعية إن مشتروات المصريين من الذهب كبيرة جدا، رغم ارتفاع أسعاره بمعدلات غير معقولة.

ومن أهم النقاط التى تحتاج تعديل في جدول الأولويات الحكومية والمجتمعية، هو فاتورة الاستيراد المستفزة في كثير من بنودها، ومنها الكثير من السلع المرفهة الاستفزازية، التى لا وقت لها بالمرة، ولا أرى أنه من الخطأ أن ندعو لخطة ترشيد أو حتى تقشف رسمى، في محاولة لمحاصرة نسبة التضخم المسعورة، التى تنهش كل الجيوب المصرية، مهما كانت طبقتها.

زر الذهاب إلى الأعلى