أسماء خليل تكتب: بوصلة مشاعرنا ويد أمينة

لم تعد مشاعرنا وأحاسيسنا – الآن – في يدٍ أمينة؛ فربما تظل طوال يومٍ تكد وتتعب لتكافئ نفسك في نهاية اليوم، ببضعٍ من النسمات العليلة تستنشقها وأنت تجلس بالشرفة تقتص بعض النظرات للنجوم وتُمتع روحك بسكون الليل وآخره، وتحتسي مشروبك المفضل وتستمتع بقراءة مقال أو أقصوصة على أحد وسائل التواصل الاجتماعي،،

وفجأةً.. تجد من أتى ليسرق كل ذلك الجو المُبهج، ويزج بك وسط صخب الحياة وضجيجها مرة أخرى، ويطرح بتأهبكِ أرضًا، ويغير اتجاه بوصلة مشاعرك 180درجة؛ لتجد إشعارًا بهاتفك يظهر لثوانٍ مُصيبًا إياك بالنكد ثم يرحل.. وحتى إذا كنت تقرأ بكتاب ورقي، سيأتي ابنك أو ابنتك أو ابن الجيران ليخبرك بما يحدث حتى لو كنت في برجٍ مشيد..

هاكِ نيرة الجميلة الرقيقة المحبة للحياة، يذبحها زميلها الذي كان يتمنى أن تحلو له الحياة بقربها ويعيش لا يموت، ويؤثر على العائلتين بل ومصر كلها بالنكد، وهاك شابٌّ في مقتبل العمر يُلقي بنفسه مُنتحرًا بعد تركه رسالة لوالده تدمي القلوب..

هاكِ أمٌّ سمَّت زوجها الذي يمرر عيشتها، ثم قامت بقتل أولادها حتى لا يعيشون دونما أب وأم إشفاقًا عليهم، وفي وسط الجُرم الفاحش يحنو قلبها بكل قسوة على أطفال أبرياء، هاكَ يقتل زوجته التي انقلبت في طريق العشق هائمة، وتلكَ تقتل زوجها الذي تحبه ويحبها بسلالم المنزل دون قصد، وعلي حد قولها “السلاح طول”..

ما يشغلُني الآن ويتردد صداهُ داخل قلبي، هي تلك الجملة الشهيرة “أشكيك لمين”، من هو الجاني الذي نقتص منه في تلك الحالة؛ المجتمع؟!.. نحن المجتمع.. الآباء والأمهات؟!.. نحن الآباء والأمهات.. المؤسسات الحكومية؟!..كُلنا موظفوها.. المسؤلين؟!.. كلنا مسؤولون!!..

من الجاني؟!.. من الذي يسلب هدوء حياتنا؟!.. من الذي يحيل واحتنا الخضراء إلى صحراء جرداء؟!..
الحب أم الكره.. القسوة أم الشفقة.. الربيع أم الخريف..؟!… إلخ.. ها هي كل الأصوات تداخلت وامتزجت بأنات البشر الرقيقي والمرهفي الأحاسيس الذين لا يحتملون ما يحدث..

هل عدم الترويج والإعلان لما يحدث كل لحظة أفضل؟!..
من قال.. لا.. نحن مع الترويج للاستفادة والعبرة والعظة؛ فلماذا إذا لم يتعظ العالم رغم كل ما مر به من نكبات متلاحقة خلال السنوات القلائل الماضية!!..
ومن قال نعم.. نحن مع عدم الإعلان ترفقًا بحال كبار السن ومرهفي الإحساس، فهل سينصلح الحال بعدم الإعلان؟!..
إن المناشدة لن تصح أبدا بتوجيهها للبشر.. إنها ستكون لله، الذي يعلم السر وأخفى،، رُحماك بعبادٍ وإماءٍ مسهم الضر وأنت الراحمين، فهو الرب الرحيم الذي يقدم رحمته لكونه رغم علمه أنهم من ظلموا أنفسهم بما قدمته أيديهم فسُلطت عليهم النكبات..

زر الذهاب إلى الأعلى