من يجرؤ على معارضة القيصر.. من ليس مع بوتين فهذا مصيره

سردية تكتبها: أسماء خليل

رجل يُراعي الحقوق الإنسانية والمبادئ السامية؛ هذا هو تمثال الشمع الذى أقامه البعض فى أنفسهم للزعيم الروسى فلاديمير بوتين، هذا الرئيس والقائد الذي كان لوقتٍ ليس بالبعيد مثلا أعلى لدى الكثير من أفراد الشعوب، باعتباره قائدًا عظيما ويقدم الحقوق الإنسانية على المصالح السياسية.

لكن ما وراء الأكمة الكثير، فهناك دائما للحقيقة وجه أخر لا يعرفه إلا من يصطدم به، خاصة فى أجواء الغيوم، أو الظلام، مثل تلك التى تمر بها روسيا الآن.

ويحكي البعض مآسي حدثت معهم جراء معارضتهم لنهج الرئيس الروسي وخططه القمعية، وذلك بإبداء آرائهم تجاه الحرب الأوكرانية وأنهم بشجبون ما حدث من بلادهم ضد أوكرانيا من حرب ودمار، وبعد تلك الحرب أعرب عدة آلاف من الروس وخاصةً في موسكو وسانت بطرسبرغ ، عن معارضتهم لما أسماهُ بوتين“العملية العسكرية الخاصة” ، أو من قام من أفراد الشعب بالتوقيع على التماسات أو النشر على وسائل التواصل الاجتماعي ، أو الانضمام إلى احتجاجات الشوارع المناهضة للحرب؛ كان مصيره قاسيا حتما، من اعتقالات وتوجيه اتهامات..

لستُ انعكاسا لسياسة الدولة

كمران منافلى
كمران منافلى

“لا أريد أن أكون انعكاسًا لدعاية الدولة” هكذا أعترض مدرس الجغرافيا الروسي “كامران منافلي” البالغ من العمر 28 عامًا، وقد قام بنشر ذلك التعليق على Instagram.

فتم على إثر ذلك وضع اسمه من المقيدين والمحظورين من السفر، حيث أوضح أنه ليس إلزامًا على كل فرد أن يكون موافق للرأي مع الدولة..

وما آثار حفيظة الرجل، هو اجتماع للموظفين في مدرسته الثانوية في وسط موسكو ، حيث تم توجيهه هو وزملائه، وإرشادهم بكيفية التعامل والتصرف حيال أسئلة تلاميذهم حول الوضع في أوكرانيا؛ بشكل لا يجعلهم يتعاطون مع أوكرانيا.. وبالطبع رفض ذلك..

بعدما قام منافلي بنشر تلك الآراء، طلب منه مدير المدرسة حذف ذلك الكلام من وسائل التواصل الاجتماعي ، وذلك بعد الحدث بساعتين، عبر مكالمة هاتفية، وإلا فليترك وظيفته فورَا..

وقال معلم الجغرافيا لأحد القنوات الإعلامية العلمية“ لم أرغب في حذفها، وعلمت على الفور أنه لا جدوى من الجدال ، لذلك اعتقدت أنه من الأفضل الاستقالة”..

إقالة لا استقالة

وما دعا منافلى للدهشة، هو معاملته كجاسوس؛ حيث أنه ذهب إلى المدرسة في صباح اليوم التالي ليأخذ أغراضه ويوقع خطاب استقالته ، مُنع من دخول المبنى.

قال له أحد الموظفين، إن لديهم أمرًا بعدم السماح له بدخول المبنى كمؤسسة تعليمية، وقد قام الأطفال بالتنديد لما حدث مع معلمهم، وبدأ الأطفال في الخروج إلى الشارع لدعمه، وقول وداعا له؛ وما إن مر بعض من الوقت إلَّا وقد اتصل أحدهم بالشرطة وقال عني إنني كنت أخطط لتظاهر بشكل غير مصرح به.

قام المعلم باستعادة متعلقاته ، وحينما تمكن من مقابلة مدير المدرسة، بدأ محاولة التحاور معه ولومه على ما فعل، وطُلب منه تفسيرًا رسميًّا حول سبب تعبيره عن آرائه السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يرد منافلي وقبل الاستقالة؛ ليتم مفاجأته أن ذلك الأمر لم يعد متاحًا، واذكروا له أن الوضع قد تغير ، وأنه سيتم إقالته.

والأكثر من ذلك، أنه تم اتهامه-بعد يومين- أمام أولياء الأمور في غيابه بالطبع؛ بأنه طرد بسبب السلوك غير الأخلاقي في العمل..وأن المشاركات التي قام بها منافلي على وسائل التواصل الاجتماعي قد خرقت اتفاق العمل مع أصحاب العمل ، وهو ما ينفيه.

كاتيا دولينينا

كانت تلك السيدة تعيش في موسكو، وهي مديرة دورتين سينمائيتين في سلسلة سينما موسكينو التابعة للدولة، وعندما أخبرها أصدقاؤها والمقربون منها أن بوتين سيقوم بما أسماهُ عملية خاصة، تزامنًا لما كانت تسمعه من أن الرئيس لا يريد سماع صوت المعارضة ومخالفته الرأي فيما عزم عليه؛ قررت ألا تشارك في شيء لحبها الشديد لعملها الذي بذلت فيه قصارى جهدها لزمنٍ طويل،،
وما إن بدأت الحرب، حتى تغير شعورها حين رؤيتها للدماء السائلة البريئة؛ فقامت من فورها بالتنديد والتعبير عن رأيها وشجبها لما يحدث، وبعد فترة قليلة علمت من أصدقائه بالمركز الثقافي أو مديرها اتصل بها هاتفيا ويريد فصلها من العمل،،
لم تجد دولينينا بُد من “الاستقالة” وكان الخيار الوحيد هو مغادرة البلاد، وتم إخبارها أنها “حاملة للعار” في كل مكان أينما ذهبت، فهذا يكون الحال للشخص الذي لا يتبع سياسة بوتين حتى وإن كانت ظالمة..

حمامة سلام تبشر بالاستقالة

آنا ليفادنايا
آنا ليفادنايا

قامت الطبيبة آنا ليفادنايا ، بالعرض لهجمة شرسة، ريثما شاهدت ما حدث من حرب، فقامت بوضح “حمامة سلام” كصورة على طائرة، ووضعتها على مواقع التواصل الاجتماعي.. وقد كانت تقضي إجازة في الخارج عندما بدأ غزو أوكرانيا..

دعت آنا على Instagram“الإنستجرام” بوقف تلك المهزلة حفاظًا على أرواح جذور عائلتها في أوكرانيا وكذلك كل المدنيين الأوكرانيين، وحقنًا للدماء.. وحتما لم يمر ما نشرته بسلام،،
فبعد يومين علمت أن مديرة المركز الطبي، لم تؤيد تعليقاتها المناهضة للحرب خلال المؤتمر الصباحي أمام أكثر من 100 من زملائه..وعبرت الطبيبة عن شعورها بالخزي لأول مرة في حياتها.. وبالطبع فقدت ليفادنايا وظيفتها..

زر الذهاب إلى الأعلى