رشا ضاحى تكتب: اشحن قلبك
بين فترة وأخرى يصيب قلب المؤمن الغم والحزن وشعور بالتقصير في العبادة والقرب من الله جل في علاه ، ويكون القلب بحاجة إلى شحنة من الإيمان والسكينة تدخل إلى أعماقه ثم تسري إلى جميع جوارحه فتعطيه القوة على السير في معركة الحياة.
ولأن الله سبحانه وتعالى عليم بخلقه فقد جعل لهم مواسم للطاعات فاصطفي الله جل وعلا من الأزمان ما شاء، فاصطفى رمضان على سائر الشهور، واصطفى العشر الأخيرة منه على سائر أيامه، واصطفى ليلة القدر على ليالي العشرمن ذي الحجـة، واصطفى يوم عرفة على سائر أيام السنة مع يوم النحر.
فهذه الأيام اصطفاها الله وهي الأيام التي نستقبلها من هذه الليلة، وهي العشر من ذي الحجة، اصطفاها الله على سائر الأيام والليالي، وجعل لها من المنزلة والقدر والشرف الشيء الكثير.
والله تبارك وتعالى قد أقسم بها، ومعلوم أن القسم لا يكون إلا بمعظم، فقال الله تبارك وتعالى تشريفًا لها وتعظيمًا: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ، فمن الله تعالى علينا بهذه العشر لشحن قلوبنا وتجديد السكينة بها ففضل هذه الأيام عظيم، يقول صلى الله عليه وسلم: ما مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى الله مِنْ هَذِهِ اْلأيام الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! و لا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ؟! فَقَال صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ
ومن الأعمال المستحبة في هذه العشر، الآتى:
أولا: التوبة
أن نستقبلها بتوبة نصوحة وهجر للمعاصي فالعشر من ذي الحجة تقع في أخر شهور السنة الهجرية فلنختمها بالتوبة والعزم على التغيير للأفضل فقد قال جل وعلا في كتابه الكريم (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) {النور:31}
فباب التوبة مفتوح دائما فسبحانه هو قابل التوب فاخلص النية في التوبة.
ثانيا: الصيام
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال:
(صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
ولنتذكر موقف الحجيج في هذا اليوم فكما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله (إن فاتتنا بركات المكان فلا تفوتنا بركات الزمان)
ثالثا: الصلاة
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات.
رابعا: التكبير والتحميد والتهليل والذكر
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد، وأعمال الخير كثيرة من بر الوالدين، وقضاء حوائج الناس، والصدقة وفضل الله واسع.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه عنا، فاللهم أعنا في هذه الأيام المباركة على فعل ما تحب وترضى وأجعله يا ربي خالص لوجهك الكريم .
كل عام والجميع بخير وصحة وسعادة.. دمتم في رعاية الله وأمنه.