أسماء خليل تكتب: رفاهية بلا حدود
هل تتخيل أنك في تعيش فى مصر، فى حقبة زمنية ما، ولديك مالًا ولا تجد ما تشتريه به من الأسواق، وقد شح منها كثير من السلع الغذائية؟!..
لقد استوقفتني كلمات أبي وهو يقول “كانت الفلوس معانا ومش لاقين حتى الملح في السوق”، وكيف ترى حالك إذا كان لديك كثير من الوقت ولا تجد برنامجًا تُشاهده بالتلفاز فضلا عن عدم وجود أجهزة متصلة بالإنترنت..
في عهدٍ ليس بالبعيد، إذا أردت السفر كان عليك الانتظار كثيرًا حتى موعد حجز مقاعد بالقطار؛ فلم تكن هناك بدائل مواصلات لكل المحافظات، كالسيارات والـ“الميكروباصات” فضلًا عن “التوكتوك”، الذي تستأجره لِيُوصِلُكَ من أول الشارع حتى آخره..
هل تعلم أنه حينما كنت تريد شراء قميصًا أو بنطالًا أو أرادت المرأة المتواجدة بالمنزل ارتداء فستانًا، أنه كان على الجميع الذهاب إلى الترزي أو الخياطة لأخذ مقاس القماش، ثم الذهاب إلى السوق لانتقائه، ثم العودة به إلي مكان التفصيل، ثم الذهاب إلى ذلك الرجل أو تلك المرأة يوم بعد يوم ربما تجده قد قام بالتفصيل أو لم ينتهِ بعد!!..
أما الآن فليس على المرء سوى الذهاب لآخر الشارع لشراء ما يريد من المحال المُتراصة والتي تتنافس في عرض المنوعات بأسعار تنافسية..
ماذا كان على المرأة إذا أرادت طهو الطعام دون موقد حديث، وفرن كهربي و“ميكروويف”، وماذا كان عليها من جهد وهي تنظف المنزل بالمكنسة اليدوية، وتقوم بكى الملابس بنفسها، وماذا عليها إن أرادت الغسيل بشكل يدوي أو باستخدام غسالة عادية ليست “ أوتوماتيك”، وماذا كان عليها من مشقة إلم تعرف بعض المعلومات وهي تذاكر لابنها، ستنتظر إلى حين الذهاب إلى المكتبة وإحضار الكتاب لتستبين الأمر….. إلخ..
الآن.. يمكن الحصول على أي معلومة أو استشارة أو بضاعة من أي نوع أو وصفة أو بحث أو حتى لبن العصفور “أون لاين”.. ولكن، لماذا لا يعترف الإنسان بفضل تلك الطفرة التكنولوجية الهائلة التي حدثت في حياة البشرية.. لماذا ما زال ساخطًا ناقمًا على الحاضر بتقدمه.. هل كان هناك من يُصدق ذلك التطور يومًا؟!
لقد أصبح الترفيه لا محدود.. فلم يعد بين كل ما تريد شيئًا واحدًا مثل سابق العهود، ولكن أصبح لكل ما ترغب به آلاف البدائل، ولم يعد هناك مستحيل، وبما أن الإنسان جهول؛ فهو لا يُدرك أنه مُحاط بكثير من النعم التي يحسبُها هينة، وقد ظل المختصون لسنوات حتى وصولها بين أيدينا..
على المرء تنظيم وقته بشكلٍ يجعله لا ينهل من كل وسائل الراحة والترفيه بلا حدود فيجزع، بل عليه أن يجعل من بعض الوسائل مكافأة لنفسه بعد إتمام الأعمال التي يقوم بها، وأن يُقنع نفسه أن كل شيء ليس متاح في كل وقت، فيحاول التقنين من أجل الشعور بالمتعة الحقيقة..