طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (38) زومبى الخروف
بمناسبة اقتراب عيد الأضحى المبارك ذهبت مع صديقى علاء لشراء خروف من منطقة المدبح القديم فى السيدة زينب وكان لغلاء جزار يعرفه هناك عن طريق أحد اصدقائه على أمل أن يحصل على سعر جيد وجودة عالية.
بعد ما وصلنا استقبلنا هذا الجزار واسمه ماهر بحفاوة على مقهى صغير فى الحى وبعد أن شربنا أكواب الشاى والقهوة اصطحبنا إلى داخل وكالة قديمة يمتلكها أحد التجار وجدنا فيها عدد من الخراف المنكمشة فى ركن الوكالة فى صمت وكأنها تنتظر حكم الإعدام.
أخذ صديقى علاء يتفحصها ليختار منها واحدا، أعجبه خروف كبير له فروة كبيرة لكن ماهر الجزار دخل بينها واستخرج خروف هزيل له فروة قصيرة وقال لعلاء هذا افضل خروف.
لم نقتنع أنا وعلاء بمنظر الخروف ولكن ماهر أكد لنا أن هذا الخروف لحمه جيد وطعمه جيد وحيث إنه هو الخبير فى هذا الأمر وافقنا فى النهاية ودفع علاء ثمن الخروف وأخذنا نفكر فى طريقة نقله لمنزل علاء.
سألنا ماهر عن سيارة نصف نقل لنقل الخروف فقال لنا الأمر لا يستدعى، ضعوه فى شنطة السيارة عليكم فقط أن تفتحوا له كل فترة ليستنشق الهواء حتى تصلوا به إلى البيت.
ولما كانت المسافة من السيدة زينب إلى الظاهر ليست كبيرة اقتنع علاء وبالفعل وضعه فى شنطة السيارة وانطلقنا عائدين.
فى ميدان التحرير قلت لعلاء توقف حتى نطمئن على الخروف ونفتح له متنفس من الهواء ،فتوقف على جانب الطريق وفتحنا شنطة السيارة فوجدنا الخروف يلهث ويتنفس بصعوبة بالغة، وقفنا قليلا لكى يستعيد أنفاسه أحد المارة اقترب منا ونظر إلى الخروف ثم قال لعلاء أن الخروف يحتضر فتشاءم منه علاء وطلب منه إلا يتدخل فيما لا يعنيه.
بعد فترة هدوء مرت استقر فيها الخروف نسبيا لم يكن أمامنا بد من تكملة الرحلة فالمسافة أصبحت قريبة لا تتعدى العشر دقائق حتى نصل إلى الحى فأغلقنا شنطة السيارة وواصلنا الطريق واسرع علاء فى القيادة حتى نصل بسرعة.
بالفعل بعد عشرة دقائق وصلنا أمام بيت علاء وفتحنا شنطة السيارة لكننا للأسف وجدنا أن الخروف قد فارق الحياة احضر علاء عم سعد جزار الحى لإنقاذ الخروف أو ذبحه إذا أمكن فأتى عم سعد وراح يقلب الخروف ويحاول أن يستحثه على النهوض دون جدوى فقال لعلاء أنه ميت ولا يمكن ذبحه أسقط فى يد علاء ووقف حائرا ثم قال لى ” مؤكد أن هذا الخروف كان مريضا لقد خدعنا الجزار تعال معى نعيده له ونسترد ثمنه”.
أخذنا السيارة وعدنا مرة أخرى إلى السيدة زينب فتفاجأ ماهر الجزار بعودتنا، وقابلنا بإستهجان هذه المرة وسأل ما الأمر؟.
فتح علاء صندوق السيارة وأشار إلى جثة الخروف الهامدة فقال ” ماهر لا حول ولا قوة إلا بالله كيف حدث هذا ؟
الم تفتحوا له ليستنشق الهواء كل فترة كما قلت لكم ” ، فقلنا له ” بل فعلنا ولكن يبدو أنه كان مريضا ” , فقال ” لقد كان سليما ونشيطا عندما اخذتموه لكنها إرادة الله ثم أخذ يعظنا قائلا إن الإنسان يكون صحيحا ثم يمرض فجأة ربما اختنق وهذا أجله “.
قال علاء من المفترض أن تعطينا واحدا بدلا منه أو تعيد لنا النقود فرد ماهر وكيف هذا ؟ والخروف مات وهو فى حوذتكم وقد عاينتموه قبل الشراء وكان سليما ومأمأته تملأ المكان.
كنا فى موقف لا نحسد عليه فإفتعال أى مشكلة فى هذا المكان الملىء بالجزاربن وتجار المواشى ليس فى صالحنا بالطبع، تركنا ماهر الجزار وراح يهتم بزبائن آخرين انتهى الأمر أننا رجوناه أن يأخذ الخروف الميت ليتخلص منه فنحن لا نعرف أين نذهب به ولا نريد القائه فى الشارع أو فى اى مكان فوافق على مضض وأمر بعض عماله أن يحملوه من السيارة وقال لنا ” اى خدمة يا بهوات ” ركبنا السيارة وانطلقنا عائدين هذه المرة بلا خروف ولا نقود .
قلت فى نفسى لو أن علاء لم يتحاذق ويذهب بعيدا لشراء هذا الخروف أو كان أوكل عم سعد جزار الحى بشراءه له لما حدث كل هذا! لكن كما يقول الزومبى أحيانا: “الشيخ البعيد سره باتع”.
نكمل فى يوم أخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.