أمل أمين تكتب: حماية الأطفال

في عقولنا ارتبطت دائما البراءة والعفوية بالطفولة، لكن في عالمنا المعاصر اختلفت الأمور بعض الشيء وأصبح الكثير من الأطفال سابقين لأعمارهم يتحدثون في أمور الكبار ويتصرفون مثلهم.

وتحول الأطفال من ملائكة صغار إلى فاعلين وأحيانا مؤثرين في المجتمع، وأحيانا ضحايا وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلتهم يدركون بعض الأشياء الغير مسموح لغير البالغين ان يعرفوها، كما عرضت تلك الوسائل حياتهم للخطر واقتحمت حياتهم البسيطة لتنقلهم إلى عوالم أخرى حبذا لو انهم لما يدخلوها فهي مليئة بالمفاهيم المختلة والشاذة .

وهذا ينقلنا إلى سؤال هام هل الأطفال ضحايا وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الجديد؟

أم إنهم أحد المستفيدين من هذا التطور التقني الذي ساعد الجميع على التعلم والمعرفة؟

هل أساء الإعلام للأطفال وحطم براءتهم ام انها سمة العصر الحديث؟

في محاولة للفهم حضرت حفل إطلاق “دليل تصحيح المصطلحات والصور الخطأ المتداولة حول الاطفال بوسائل الإعلام العربية”، والذي يعد أحد مكونات مشروع المرصد الإعلامي لحقوق الطفل العربي الذي ينفذ تحت شعار “إعلام صديق للطفولة”، وبالشراكة بين كل من المجلس العربي للطفولة والتنمية وجامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند”.

وطرح المتحدثون أرائهم حول أهمية حماية الطفل من وسائل التواصل الاجتماعي الموجهة وحماية المجتمع من الأطفال الذين يستخدمون تلك الوسائل بدون توجيه مما جعل الطفل في مرمى النار يتعرض لكافة التعديات وتتم معاملته على أنه مجرم بينما في الواقع هو ضحية.

وربما أكثر ما أثار انتباهي هو قصة رواها الدكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام والرأي العام بجامعة القاهرة والخبير الرئيسي للدليل عن طفل أُتهم خطأًً بجريمة تم لاحقا تبرئته منها.

لكن الطفل ظل يعاني من تبعيات التشهير به في وسائل الاعلام وأصبح عرضة للتنمر في مدرسته وقريته ويقول الطفل لقد تمت تبرئتي في القانون، لكني سأظل مذنبا وملاحقا في المجتمع حتى مماتي.

وطبعا ليست هذه القصة الوحيدة من نوعها، فكل يوم يستخدم الاعلام صور الأطفال ضحايا الصراعات والحروب والهجرة لزيادة المتابعات دون أدى اهتمام بخصوصية هذا الجسد وقدسية روح الطفل المتوفي.

ومما لاشك فيه أن قضية حماية الأطفال من الانتهاكات والتعدي على خصوصيتهم في الإعلام وضرورة الحفاظ على حقوقهم في أمر حتمي.. ويتساوى في اهميته صناعة محتوى إعلامي عربي لائق للأطفال ومنبثق من التعاليم الدينية السمحة التى أنزلها الله سبحانه وتعالى .. وإذا لم يحدث هذا فعلينا أن نتوقع أن يكون البديل هو محتوى غير محدد المصدر ساهم الكثير منه حتى الآن في تشويه الهوية العربية، وتحويل الشباب إلى نسخ هشة ومتكررة لما يشاهدونه على التيك توك والفيس بوك وانستغرام وغيره.

أيضا أثار الخبراء المشاركون في الحفل نقطة في غاية الأهمية وهي ضرورة إضافة منهج ” التربية الإعلامية” ليتعلم النشأ كيف يتعامل مع فيضانات المعلومات التي تأتي إلى الجميع عبر النوافذ الإعلامية المفتوحة على الانترنت، وتساعد تلك المادة الجديدة على تعليم الأطفال كيف يميزون بين الأخبار الحقيقية والكاذبة وكذلك تقبل اختلاف الأخرين دون أن يؤثر هذا على هويتهم العربية أو ميولهم ومعتقداتهم وهذا هو المطلوب تربية جيل قادر على التعامل مع الاختلاف الثقافي لباقي المجتمعات دون أن يذوب فيه.

ختاما بارك الله جهود كل من يحاول إنقاذ براءة الأطفال ورعايتهم وحمايتهم سواء كانوا في بلدانهم أو على حدود الدول في الملاجئ، وكل يد تعمل جاهدة على الارتقاء بتعليم الأطفال فهم بناة المستقبل.

اقرأ أيضا للكاتبة:

زر الذهاب إلى الأعلى