محمد فؤاد يكتب : الرضا والقناعة وجهان لعملة واحدة
إذا أردت بلوغ السعادة؛ فليس عليك سوى أن تمتلك عملة واحدة أحد وجهيها القناعة، والآخر الرضا، ولا شك أن هناك معلومة لا يعلمها الكثير؛ وهي أن هناك علاقة طردية بين الطاقة الإيجابية والقناعة..
فكلما زاد الإنسان قناعة ورضا بما قسم الله له – كلما ارتاح نفسيًّاوأمتلك طاقة إيجابية انعكست على كل جوانب حياته، وبالفعل يصبح الإنسان أغنى الناس تصديقا لما جاء بديننا الحنيف، أن الإنسان إذا رضي بما قسمه الله -سبحانه وتعالى -له؛ أراح قلبه وبدنه وكان عند الله محمودا .
إن الإنسان الذي يُسلم أمره لله شاكرًا إياهُ على نعمه، قانعًا بما رزقه الله من نعم لابد أن ينعم بطاقة إيجابية، ترفع معنوياته للتغلب على الضغوط المحيطة و سلبيات ومصاعب الحياة..
إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”، وهنا لابد أن نتأمل كلمة “نعمة” وما تحويه من تأويلات، إذ أن نعم الله كثيرة جدا، ورغم ذلك جاءت الكلمة مفردة، ولكنها على هذه الصورة من الإفراد والتنكير تفيد التعظيم وعموم وشمول النِعم التي أنعم بها الله على خلقه.
ولتفسير كلمه نعمة الله ،،
إذا نظرنا على سبيل المثال – لا الحصر- نعمة “البصر”.. تحتوى على مجموعة نعم منها قرنية وشبكية وشرايين و جفون.. والأكثر من ذلك الدموع وضغط العين، ماء العين نفسه يُعد إعجازًا، فلا أحد تجده تتساقط منه دموعًا إلا وقت الضيق والحزن والألم والقرب إلى الله ، أى سقوط الدموع له وقته وظروفا معينة، بمقدار معين فربما تكن تخفيفًا عن بركان من الحزن والغضب يُنفس الإنسان عن نفسه وذلك من رحمة الله،،
إن “القناعة والرضا هما رسالة من الله عز و جل يمنحها لمن يشاء؛. فالحياة بها بشر مختلفة الطباع منهم راضيًا بالمقسوم، يرضى ويعيش وينعم ويسعد بحياته، وهناك من أعطاه الله كل شىء المال والبنون والزوجة الصالحة، والصحة والعافية والعلم وأوتي من كل شيء، ولكنه ساخط ناقم لا يحمد الله، والأكثر من ذلك إنهم يمنحون من حولهم طاقة سلبية بكثرة التشكي والتبكي على كل شيء،،
إنني أتذكر ما كان عليه البشر قديما من بساطة، وأتعجب أين ذهبت تلك السلوكيات، وهؤلاء الراضون بأى شيء من متاع الدنيا، غير ناطرين لمن حولهم بحقد، فقد كان الناس قديما يقومون بتفصيل الزي الرسمي لملابس أولادهم من الأقمشة غير الباهظة الثمن، وما يتبقى من ذلك القماش يفصلونه حقائبًا لأولادهم، ولم يكن هناء بغضاء بين الطلاب نابعة من النظرة الطبقية التي تفرق بين الناس، وكانوا أسعد حالا، وكان أبناؤهم متفوقين رياضيا وعلميا، كذلك يحملون الرضا داخل قلوبهم كإرث، ولا يسخطون مما يقدمه له آباؤهم، ويطلبون المزيد والباهظ كما يحدث مع أبناء تلك الأجيال الحالية،،
وكم كان الرضا والقناعة – في الأزمنة السابقة- يتلازمان مع الاحترام وحسن الخلق، وكم كانت المعايير في نصابها الصحيح، لحمد الله سبحانه علي كم ما منحه الله لخلقه، من نعم اعترافًا بفضله، ويحضُرني ذلك الحديث القدسي من رب العزة: يا بن آدم خلقت الأشياء كلها من أجلك وخلقتك من أجلي فسر في طاعتي يطعك كل شيء.يا بن آدم لي عليك فريضة ولك على رزق، فإن خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك.يا بن آدم إن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك, وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البرية، ولا ينالك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذموما”، ونفهم من ذلك طلب الله سبحانه من عباده الرضا والقناعة ووعدهم براحة قلوبهم،،
إنني لا أدعو إلى التواكل وعدم السعي، فعلى كل إنسان أن يسعى ويبذل قصارى جهده للوصول لهدفه، ولكن عليه أن يرضى بما بلغ إليه من فضل الله، فقد اجتهد وفعل ما بوسعه، فلا تعارض مع الرضا بما قسمه الله، وعلي المرء استثمار ما منحه الله لك من طاقة ووقت وصحة، بدلا من إقحام الأحقاد داخل القلوب، تمنيًّا أن تصبح مثل فلان، وأنت لا تعلم ماذا به من ابتلاء.. فكن راضيا.
……………………………………………………………………………
كاتب المقال: خبير طاقة ومحاضر معتمد من مركز الدراسات الاستراتيجية جامعة عين شمس، ومدير عام تنفيذي بشركة صان مصر إحدى شركات وزارة البترول المصرية.