طارق متولى يكتب: عناوين (2) الورثة

كنت أعرف طبيب شهير وصاحب منصب كبير كان له ابن شاب مدلل، عانى أبوه الأمرين فى تعليمه فتخرج فى أحدى الكليات النظرية بتقدير مقبول بعد عدة سنوات.

ونظرا لعلاقات الأب الواسعة عينه على الفور فى وظيفة ممتازة ومنصب كبير بالنسبة لشاب فى بداية حياته ، مع ذلك لم ينجح الابن فى الوظيفة وتسبب فى مشكلات كثيرة فى العمل وخسارة مما اضطر معه المسؤولون أن ينقلوه لمكان أخر ولم يحاسبوه إكراما لوالده.

وهكذا ظل هذا الشاب يتنقل من مكان الى آخر ومن شركة لأخرى ومن منصب لآخر ويثبت فشله فى كل مرة حتى اصبح مجرد موظف مهم على الورق فقط لا يسند اليه اى عمل لكنه يتقاضى راتب جيد، يحلم به كثير من الشباب الأكفاء الذين لا يجدون الفرصة.

فى مناسبة أخرى كنت أجلس فى مكتبي عندما دخل شاب مهذب يطلب منى ان اجد له فرصة عمل بالشركة وقدم لى نفسه على أنه خريج أحدى الكليات بتقدير ممتاز ويجيد حوالى خمسة لغات وجهته الي مدير الشركة، وأنا أعلم أنهم لن يقبلوه لعدم حاجة العمل رغم أنه فى نفس الوقت، ولو أرسل أحد أصدقاء صاحب الشركة قريب له ليوظفه سيوظفه على الفور بغض النظر عن كفاءته او احتياج العمل له .

فى كثير من الجهات و المجالات او تقريبا فى جميع المجالات فى مصر اجد العاملين فى هذه الأماكن ابناء عاملين كبار فى نفس المجال او المكان وكأنهم ورثوا هذه الوظائف والأماكن من آبائهم، وأمهاتهم .

أصبح العمل فى بلادنا غير متاح إلا بالواسطة او الرشوة بالمال وهذا امر خطير جدا يقضى على اى فرصة للتقدم والازدهار.

بمناسبة التقدم والازدهار انعقد منذ أيام مهرجان سمى بمهرجان التميز والإبداع، خاص بفن السينما والتمثيل.

وعندما تتابع مجال السينما والتمثيل والفن عموما تجد أنه أصبح عائلي جدا يعمل به فقط أقارب وأبناء الفنانين فى كل ما يتعلق بهذا الحقل من كتابة وإخراج وتمثيل وغناء وموسيقى، بينما الآف الخريجين من كليات الفنون ومن الشباب الموهوبين لا يجدون عملا .

مع أن الإبداع والتميز ليس وراثة، وأن هؤلاء الفنانين الكبار لولا عدم وجود الواسطة و الوراثة فى الماضى لما وجدوا فرصة للعمل والنجاح .

سيدة تعمل مديرة فى أحد البنوك الحكومية لها ثلاثة أبناء استطاعت ان تحصل لهم على وظائف فى نفس البنك مع أن التوظيف فى البنك للشخص العادى مستحيل .

فى يوم أعلنت أحدى الجامعات عن طلب وظائف فى الجريدة الرسمية، فتقدم الآف الشباب ممن تنطبق عليهم الشروط ولم يقبل منهم أحد.. لما سألت عن الأمر عرفت ان هذا الإعلان تم عمله فقط لتثبيت مجموعة من أبناء العاملين، الذين كانوا يعملون بالفعل فى الجامعة بعقود مؤقتة .

صديقى مجدى الذى يعمل فى أحد البنوك الأجنبية أراد أن يوظف ابنه فوجد أن لوائح البنك تمنع توظيف أقارب الموظفين فى البنك نهائيا حتى لا يؤثر ذلك على جودة العمل .

الحقيقة ان الواسطة فى مصر قضت على أى فرصة للتميز والإبداع والتقدم.. لذلك نحن فى حاجة لحل هذه المعضلة حل جذرى لكى نحقق الكفاءة والتقدم.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى