طارق متولى يكتب عناوين (3): الحس السليم فى العقل السليم
حواس الإنسان ليست خمسة فقط حواس الإنسان كثيرة ومتعددة أشهرها بالطبع الخمسة المعروفين السمع والنظر والتذوق واللمس والشم.
لكن فى الحقيقة اكتشف العلماء أن هناك حواس كثيرة ومتعددة أكثر تعقيدا مما نعرفه عن الحواس فهناك مثلا حس الفكاهة وحس الإتجاهات وحس المكان والزمان تقريبا كل نشاط يقوم به الإنسان نابع من حس معين، أو منطق معين، متوافق معه، ونستطيع أن نقول إن الحواس تصنع روابط بين مركز الأعصاب فى المخ وبين العوامل المحيطة به فى أى مكان تؤدى إلى أكبر قدر من التوافق، فيقوم المخ عند تلقى المؤثرات الخارجية بتحليلها وتحليل الشعور الذى يطرأ على الإنسان بسببها
فيتوافق مع الأشياء التى تؤدى إلى شعور جيد وينفر من الأشياء التى تؤدى إلى شعور سىء وهكذا .
فى اللغة الإنجليزية يوجد مصطلح يقول it doesn’t make sense بمعنى ليس منطقى أو لا يقبله الحس.
هذا المصطلح يضع أيدينا على كثير من التصرفات الغريبة والسلوك المنحرف الذى يصدر عن البعض ويتعجب له الناس فمثلا شخص يقف فى نهر الطريق دون سبب ولا يشعر أن هناك سيارات من الممكن أن تصدمه وعندما ينهره أحد قائدى السيارات ويطلب منه الوقوف على الرصيف لا يستمع له بل ربما تشاجر معه هذا الشخص فى الحقيقة لديه مشكلة فى الحس العام أو بمعنى آخر بلادة فى الحس والشعور .
الحس السليم فى كل شىء يؤدى إلى التصرف السليم والنتيجة الجيدة فمثلا لو أن شخص لديه حس الفكاهة علق على موضوع بشكل فكاهى فمن المؤكد أنه سيثير الضحك والعكس صحيح .
هناك حس مهم جدا ربما يعرفه الناس بصورة مبهمة ويتكلمون عنه دون معرفة ماهيته واصله ألا وهو حس الإنتماء sense of belonging وهو من أهم الحواس التى يحتاج لها الإنسان ويضعه عالم النفس الشهير ماسلو فى منتصف هرم احتياجات الإنسان التى تشكل دوافع سلوكه وتصرفاته بعد قاعدة الهرم من احتياجات أساسية مثل الطعام والشراب والأمن وقبل قمة الهرم من احتياجات للحب والرضا فالإنسان، يسعى دائما للإنتماء لجماعة من الناس، من أول أسرته الصغيرة إلى مجتمعه الكبير ويحاول جاهدا الحصول على القبول والتقدير فى هذا المجتمع .
القبول والتقدير acceptance and appreciation من قبل الأسرة أو المجتمع يعزز حس الإنتماء، وهو من أهم الدوافع للسلوك فالشخص من أجل الحصول على القبول والانخراط فى المجتمع أو المجموع يغير من سلوكه ليكون متوافقا من سلوك الجماعة المعينة فمثلا يلبس ما يلبسونه ويهتم بالمواضيع التى تهم هذه الجماعة أو المجتمع ويراقب الأشخاص البارزين فى المجتمع ويقلدهم كى يحصل على أكبر قدر من القبول والتوافق.
الشعور بالإنتماء والقبول والتقدير مهم جدا من ناحية السلامة النفسية والجسدية والشعور بالسعادة وهو سبب دوام العلاقات الإنسانية بصورة جيدة ومريحة على العكس إذا فقد الإنسان الحس بالإنتماء فأنه يشعر بالوحدة والعداء تجاه هذا المجتمع مما يؤثر فى سلوكه وتصرفاته فلا يعمل لمصلحة هذا المجتمع أو الجماعة بل وربما عمل ضدها .
أخيرا هناك عوامل تزيد الحس بالإنتماء لدى الفرد منها تقبل الإختلافات والآراء والروئ والعمل على إنجاز شىء لهذا المجتمع والصبر على الأذى الذى قد يصدر من بعض أفراد هذا المجتمع والإنخراط فى العمل العام والجماعى هنا يصل الإنسان إلى نسبة كبيرة من الشعور بالإنتماء والتصالح النفسى .