محمد فؤاد يكتب: مواجهة الغلاء بالصبر والعطاء
نحن نعيش الأيام الحالية التى يواجه العالم كله الكثير من التحديات الكبيرة والأزمات الكثيرة، وهنا لابد أن نتساءل ، كيف يعمل المواطن المصرى لكى يحافظ على التوازن والحياة الكريمة السعيدة، في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية جميعها، بالإضافة إلى الخدمات الضرورية..
وإذا كان الإنسان دائما يبحث عن السعادة في كل رحلته بالحياة، فلابد عليه رغم كل شيء أن يحافظ على هدوئه وتفكيرهِ المُنظم، فعلى كل إنسان مصرى أن يتعايش فى الحياة برضى تام، ويحاول إسعاد من حوله ويتعلم العطاء والجود والكرم، ويأخذ الحياة ببساطة رغم صعوبتها..
من أهم مفاتيح السعادة، أن يعمل الإنسان ويكد و يجتهد ويرضى بما قسمه الله له حتى ينعم بنعمة “الرضا”..فربما تكمن السعادة في ذلك المعنى، إنها بحق صفة جميلة موجودة عند الكثير من الناس، وهى العطاء والجود والكرم،،
إنني أرى من وجهة نظري، أن مفهوم العطاء هو تقديم منفعة مشروعة لكل محتاج لها، مثل تقديم العلم و المال والطعام والملابس وكل ما يحتاج إليه من مقومات الحياة..وإذا كانت الأشياء الجميلة لها عكسها او ضدها . فالبخل هو الضد للكرم والعطاء، وما أسوأ تلك الصفة الغير مذمومة ألا وهي الشح والبخل، فترى صاحبها حاقدا ناقما على كل من وما حوله، ولا يجد للسعادة طريقا،،
بينما هناك شخص آخر أسعد حالا، وهو الكريم المعطاء الذي يؤثر غيره على نفسه؛ لقول الله -سبحانه وتعالى- “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”، فهم الذين يمنحون بلا مقابل، يساعدون غيرهم، يعطون من حولهم مما أعطاهم الله، إذا كان قليلا أو كثيرا، إنها أشرف صفة يتحلى بها إنسان،،
ولم يقتصر الكرم على الناحية المادية فقط، من إعطاء أموال أو ملابس أو غيره، ولكن تلك الصفة تشمل الجانب المعنوي أيضا، فتجد الكريم يمنح غيره من وقته ليؤازره في محنته، وتجده ينشر على الكون من حوله طاقة إيجابية لإسعاد البشرية ..وبذلك يصبح المجتمع قوة مترابطة وبنيانًا مرصوصًا يشد بعضه بعضًا، خاصة وأن الكرماء في الحياة يُغدقون على الفقراء والبؤساء، ويخففون عنهم فقرهم، ويشدون أزرهم بما منحهم الله من أعطية.
نجد أنه لابد من التركيز على عدم الإفراط أو التفريط، فحينما يزيد الشيء عن حده ينقلب لضده، فالكرم من الصفات المحمودة بين الناس، ولكن حين الإفراط في هذا الأمر يصبح تبذيرًا، ويجعل الطامعين يطمعون فيه، وكذلك ينبغي ألا يكون المرء كريمًا على الآخرين لدرجة لا تُبقي له شيئًا من المال الذي ينفقه على أبنائه وزوجه، فلابد دائما من الاعتدال،،
إن جميع الأديان السماوية تدعونا بمؤازرة الأقرباء والأهل، حيث إنهم الأولى بالمعروف، فلا ينبغي الإنفاق على الآخرين بينما تعلم أن هناك من يمر بضائقة مادية شديدة كالأخ والأخت أو الوالدين والأبناء، إذ لا بأس من العطف والكرم مع من يحتاج إليه ولو بالقليل،،
هل من أحد لا يعلم قدر ذلك الكرم عند الله – سبحانه وتعالى- فربما يكون ذلك الجود والعطاء قربى لله، كي يرفع عن الناس الغلاء، إن لهم أجرًا عظيمًا عند الله، فقد يفرجون كربة إنسان يحتاج إلى المال أو يسهمون في تعليم شخص ما يحتاج لدفع نفقات ومصاريف دراسته، أو يدفعون ثمن عملية جراحية لمريض، فيدعو له ويفرج الله -سبحانه وتعالى- عنه كربته وعن كل المسلمين، فما أحوج المسكين ليد العطاء التي تمتد نحوه بالعطاء فيدعو لصاحبها بالخير الكثير،،
ولا يخفى علينا جميعًا أن الرجل المعطاء يجد حلاوة عطائه في كل خطوة يخطوها في حياته، وبذلك يكون الله تعالى قد أكرم الكرماء برحمته وفضله،، ونجد أن الفرق بين الكرم والجود والعطاء ليس كبيرا، ولكن كل معنى له مجالات متعددة فمنها ما يكون في المال؛ إذ يبذل الإنسان كل ما يملك من أموال، علمًا أنّ العطاء لا يكون في المال فقط وإنما في أشياء أخرى ينتفعون بها؛ كالذهب والفضة والأنعام والحرث والخيل وكل ما يؤكل أو يشرب أو يلبس أو يستخدم للركوب أو يسكن فيها، أو دواء يمكن التداوي به، أو أن يكون الكرمُ في دفع الضرر والبأس عن الغير،،
ولم يقتصر الكرم على ذلك فقط، بل يكون أيضا بالعلم والمعرفة؛ فنرى كثيرًا من الناس لديهم من العلم والمعرفة، لذا تراهم يعلّمون الناس بما يعرفون ولا يبخلون عليهم بمعلومة كبيرة أو صغيرة،،
لا تتعجب إذن إذا قلت لك واجه الغلاء بالعطاء، ففي سنة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “اللهم اعطِ مُنفقا خلفا واعطِ مُمسكا تلفا”، فنفهم من الحديث الشريف، أن الذي يعطي ويمنح يعوض الله تعالى عليه بالخلف، ولكن الذي يُمسك يده عن الإنفاق، يفسد الله سبحانه عليه حياته، بعد المباركة في رزقه وإصابته بالتلف..
إن أشكال الكرم كثيرة جدا، ولكن تعود أن تعطي وتمنح بأي شكل، فتقديم الخدمات للآخرين كرم، أيضًا العطاء من خلال مساعدتك لصديقك وقت الضيق كرم، وإماطة الأذى عن الطريق كرم، وحمل أغراض الآخرين كرم، والتضحية من أجل الناس كرم، وعفوك عن أخيك المخطئ كرم، وابتسامك في وجه أخيك كرم، فكن كريما كيفما تشاء وبأي طريقة.
……………………………………………………………………………………………..
كاتب المقال: خبير الطاقة، ومحاضر معتمد من مركز الدراسات الاستراتيجية ومدير عام تنفيذى بإحدى شركات وزارة البترول.