العودة إلى القمر بعد نصف قرن من انقطاع الزيارات.. القصة كاملة
كتب: عاطف عبد الغنى
14 ديسمبر 1972، كان آخر يوم للبشرية على سطح القمر، وفى هذا اليوم استيقظ، كان هناك على سطح القمر رجلان تحملهما سفينة الفضاء الأمريكية أبولو 17 هما رائدا الفضاء يوجين أ. سيرنان وهاريسون شميت، وقبل بضع دقائق من وقت الاستيقاظ المقرر لهما قاما بالاتصال بالأرض من الوحدة القمرية (أبولو 17) ذات الرائحة الكريهة والمليئة بالغبار وأرسلا التحية إلى من يراقبهما على الأرض “صباح الخير عليكم” ورد عليهما التحية طاقم مراقبة المهمة، وتم تسجيل وداعهما الرسمي بكاميرات التليفزيون، وأصبح المتبقي على تنفيذ قرار عودتهما إلى الأرض هو العمل على عدد قليل من قوائم المراجعة السابقة ، واستئذان وحدة القيادة ثم السماح لهما بالتوجه إلى الأرض.
قال رائد الفضاء سيرنان “الآن ، دعونا ننزل” ، وهكذا ودّع رواد الفضاء من وكالة ناسا القمر للمرة الأخيرة في 14 ديسمبر 1972، انطلق الصاروخ الذى يحملهم إلى الأرض من فوق سطح القمر الرمادي ومضى حتى ضاع في سماء سوداء.
انقطعت الرحلات
وبعد هذه المشاهد بات من المقرر ألا يعود أحد إلى القمر في أي وقت قريب، وتم إلغاء خطط مهام أبولو الإضافية قبل عامين.
وبينما احتفلت أمريكا في عام 2019 بمرور نصف قرن (50 عامًا) على قيام أبولو 11 بنزول رائدا الفضاء نيل أرمسترونج، و بز ألدرن على سطح القمر لأول مرة ، فإن هذه الذكرى، لاختتام أبولو 17 مهمتها – بعد بضع سنوات وجيزة ، تم خلالها ربط الأرض والقمر بجسر تم بناؤه من خلال البراعة والتكنولوجيا – حملت أكثر من وخز أبر الحزن لمحبي استكشاف الفضاءعلى هذا النشاط.
وبعد نصف قرن ، استمرت الخلافات، وتفجرت الأسئلة حول جدوى ذهابنا إلى القمر؟!.. وكيف نذهب؟! وما إذا كان ينبغي لنا حتى معاودة المحاولة وإنفاق مبالغ هائلة من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين؟!.. ومع ذلك ، لا يمكن لأحد أن يتجاهل شعوره بالدهشة والإعجاب، وهو يشاهد الصور التي تم بثها إلى الأرض من مهمة أرتيمس1 Artemis I التى وصلت إلى القمر في نوفمبر وديسمبر الماضيين، وبعد 50 عامًا من مهمة أبولو 17 ، يبدو القمر أقرب من أي وقت مضى.
تجهيز المسافرون إلى الفضاء
وامس الاثنين، الثانى من إبريل 2023 كشفت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ، عن تجهيز أربعة رواد فضاء سوف يتجهوا فى مهمة إلى القمر، وقدمت “الوكالة” رواد الفضاء إلى العالم من مركز جونسون للفضاء في هيوستن.
رواد الفضاء الأربعة – ثلاثة منهم أمريكيون وكندي واحد – هم طاقم سفينة أرتميس2 Artemis II ، الذين يتجهون إلى الفضاء فى مهمة مدتها 10 أيام، تنطلق في موعد لا يتجاوز نهاية العام القادم 2024 وستسافر حول القمر قبل العودة إلى الأرض.
وحسب “الوكالة” ينضم الطاقم إلى مجمع رواد الفضاء الأمريكيين الذين زاروا القمر من عام 1968 إلى عام 1972 خلال حقبة مركبة الفضاء “أبولو”.
ولأن هناك كنديا ضمن طاقم الرواد المتجه إلى القمر فى مهمة “أرتيميس2” القادمة، فقد اتصل رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هاتفيا برئيس وكالة “ناسا” وقال له: “هناك 24 شخصًا فقط في تاريخ العالم شاهدوا الدائرة الكاملة للأرض ، وجميعهم أمريكيون.. حسنًا ، سيكون أول كندي وأول غير أمريكي، فى الرحلة القادمة هذه صفقة كبيرة.”
السفر إلى الماضى
والآن دعونا نعود إلى الماضى قبل نصف قرن أو يزيد قليلا، لنعرف ماذا حدث.
هناك 12 إنسان تمكنوا من السير على سطح القمر، حيث خطت أول قدم بشرية على سطح القمر في 16 يوليو 1996، وفى هذا اليوم وطئت قدم رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونج سطح القمر فى خطوة تم وصفها بـ “خطوة صغيرة لإنسان وعملاقة للبشرية”.
استغرقت الرحلة أربعة أيام ونصف من السفر عبر الفضاء، وفيما بعد تكررت الرحلة 9 مرات، منها 6 مرات حدث فيها هبوط رواد الفضاء على سطح القمر.
فى المرة الأولى التى هبط فيها أرمسترونج وزميله ألديرن على سطح القمر، قضيا ساعتين ونصف الساعة يستكشفان المكان، في حين دار مايكل كولينز بمركبة الفضاء في مدار حول القمر، كان هناك أكثر من 600 مليون شخص حول العالم يتابع البث المباشر على شاشات التلفزيون، ووثّق الإعلام مهمة السفينة الفضائية “أبوللو 11″، ومنذ هذا التاريخ أيضا، أصبحت الأقمار الصناعية مستعدة لنقل صور إلى الأرض عام 1969.
السفر إلى الفضاء
لقد بدأنا بالحديث عن رواد الفضاء الأمريكيون لأنهم كانوا سباقين فى الهبوط على سطح القمر، لكن الحقيقة أن الروس السوفييت، كانوا أسبق منهم فى السفر إلى الفضاء الخارج والدوران حول الأرض فى سفينة فضاء،
والقصة تبدأ فى 12 أبريل من عام 1961 وفى هذا التاريخ نجح أول إنسان فى السفر الى الفضاء، وهو رائد الفضاء السوفيتى يوري جاجارين، الذى دار حول مدار الأرض بواسطة مركبة الفضاء “فوستوك” التابعة للاتحاد السوفيتي ودامت رحلته 108 دقائق.
وكان السوفيت قد نجحوا عام 1957، فى إرسال أول قمر اصطناعي إلى الفضاء، وهو الأمر الذى أثار ذعرًا في أنحاء العالم، والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، فقد أصبح الخيال العلمي حقيقة بوجود قمر من صنع البشر يدور حول الأرض.
طالع المزيد:
-
ناسا تعلن عن رواد الفضاء المسافرون إلى القمر.. بعد 51 سنة من انقطاع الرحلات
-
من الأرض إلى الفضاء.. الشيخ محمد بن راشد يتصل برائد الفضاء الإماراتى سلطان النيادي
وكان سبق هذا الإنجاز الهائل تجارب كثيرة للوصول إلى القمر على الأرض وفى الفضاء، منها عدة تجارب فاشلة، ولم يكن نيل آرمسترونج هو أول إنسان يصل إلى القمر، بل كان فعليًا رقم 7 فى قائمة ضمن أسماء رواد الفضاء “فرانك بورمان و جيم لوفل و ويليام آندرز في رحلة أبولو 8 عام 1968، و توماس ستافورد و جون يونج و يوجين سيرنان في رحلة أبولو 10 عام 1969.
ولم تشتهر الأسماء السابقة لأن أصحابها وصلوا إلى مدار القمر ولم يهبطوا على سطحه، بمعنى أن مركباتهم دارت حول القمر دون أن تهبط، لكنهم كانوا أول من رأى من البشر الأرض كاملة بأعينهم، وأول من دار حول القمر، ورأى الجانب البعيد منه بالعين المجردة، وأول من رأى شروق الأرض من القمر.
أما نيل آرمسترونج فهو أول إنسان هبط على سطح القمر ومشي عليه، مع مرافقه بز ألدرين، ولهذا ذاع صيت رحلته على حساب الرحلات السابقة والتالية.
من الأول الأمريكان أم السوفييت ؟!
وإذا كان لهبوط على سطح القمر يعني وصول مركبة فضائية إلى سطحه، وهذا يشمل البعثات المأهولة وغير المأهولة (الروبوتية) على حد سواء، فنستطيع أن نقول إن أول مركبة فضائية من صُنع الإنسان تصل إلى سطح القمر هي المركبة الفضائية “لونا 2” التابعة للاتحاد السوفيتي، وكان ذلك في 13 سبتمبر 1959م.
أما مهمة بعثة السفينة “أبولو 11” التابعة للولايات المتحدة فهي أول مهمة مأهولة تهبط على سطح القمر كما أسلفنا في 20 يوليو 1969م.
حالات أخرى
وكانت هناك 6 حالات هبوط أخرى مأهول نفذتها الولايات المتحدة (بين عامي 1969 و1972 م) والعديد من حالات الهبوط غير المأهولة؛ على الرغم من أنه لم تحدث أي حالة هبوط بسهولة منذ 1976 بعد سادس وآخر رحلة إلى سطح القمر وحتى الآن.
وأخير فهناك 24 إنسانًا ذهبوا إلى القمر، 12 منهم فقط مشوا على سطحه (في كل رحلة من الرحلات الستة لسطح القمر، ينزل رائدان إلى السطح ويبقى الثالث في الفضاء، أما بقية الرحلات الثلاثة الأخرى فكانت إلى مدار القمر دون هبوط).