حامد محمود يكتب: أسباب الصراع فى السودان ومألاته (2 – 2)

لم يكن اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع غير النظامية، السبت، مفاجئاً، إذ جاء نتيجة لخلافات لم يستطع الطرفان التوصل إلى تسوية بشأنها، ما أدى إلى تصاعد التوتر إلى درجة الصراع المسلح . وبالطبع فان الحرب الدائرة في السودان بين قوتين عسكريتين بقيادة عبد الفتاح البرهان ومنافسه “حميدتي” لا تنحصر بينهما فحسب، بل يحاول كل طرف استخدام شبكة حلفاء نسجها خلال الأعوام الماضية من سياسيين واقتصاديين ودبلوماسيين للحصول على الدعم.

ولطالما اجتذب موقع السودان الاستراتيجي المطلّ على البحر الأحمر وموارده الطبيعية الساعين إلى مصالح أو نفوذ في المنطقة. وتأتي الاستثمارات الروسية والإماراتية مثالا على ذلك، إذ. يستثمر البلدان في قطاع الموانئ، وفي التعدين والذهب، القطاع الذي تسيطر عليه بشكل كبير قوات الدعم السريع بقيادة دقلو، المعروف بحميدتى.

وفي 2021، نفّذ الغريمان المتصارعان البرهان وحميدتى معا انقلابا اطاح بالمدنيين من السلطة الانتقالية التي بدأت بين العسكر وقادة الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس السابق عمر البشير بعد سقوط هذا الأخير في 2019.

لكن لكل منهما شبكة من العلاقات والحلفاء نسجاها منذ سنوات خلال توليهما مسؤوليات مختلفة حتى خلال حكم البشير، ولكل منهما موارده المالية الخاصة.

وكما ذكرنا من قبل فان “حميدتي” يملك ورقة اقتصادية قوية، إذ تدير قواته، العديد من مناجم الذهب في السودان الذي يعتبر ثالث منتج للذهب في إفريقيا. وتؤكد الولايات المتحدة أن قوات “فاغنر” الروسية المسلحة الموجودة في دول إفريقية عدة مجاورة للسودان، تعمل مع قوات الدعم السريع في تلك المناجم وتعدّ الإمارات أكبر مشتر للذهب المنتج بشكل رسمي في السودان.

رغم هذه الروابط بين الإمارات وحميدتي فان موقف أبو ظبي في النزاع الحالي هو “البراغماتية ” فكلا الدولتين روسيا أو الامارات لا تجد اشكالية لهما فى استمرار الحرب .

فالوضع الحالي “يتيح لدولة الإمارات الاحتفاظ بنفوذها، وهو ما قد لا يكون متاحا في ظل وجود سلطة ذات هيكلية واضحة وجيش لا منازع له”.

بينما يسعى حميدتي منذ أن وصل إلى السلطة، إلى تعزيز علاقاته في المنطقة وحتى على المستوى الدولى ولما لا فقد برز قبل ذلك بسبب دوره على رأس قوات الجنجويد في قمع المتمردين في دارفور إلى جانب قوات عمر البشير.

وان اشترك الرجلان “البرهان وحميدتي فى محاربة الحوثيين”، في إشارة إلى إرسالهما قوات للمشاركة في قوات التحالف بقيادة السعودية الداعم للحكومة في اليمن عام 2015 .

واستخدام القائدان العسكريان مشاركتهما لتعزيز صورتهما في المنطقة. لكن دول الخليج من جهتها “ستختار المنتصر، وسوف تنتظر لذلك حتى تتضح الصورة تماما”.

في المقابل، قد يعوّل البرهان على دعم دولي منبثق من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على ما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية. وعقب انضمامه إلى “اتفاقات أبراهام”، حصل السودان على مساعدات مالية أميركية بعد أن ظل لسنوات طويلة معزولا من جانب المجتمع الدولي وعلى اللائحة الأميركية ويبقى التساؤل مفتوحا فى خضم الصدام الحالى بين الطرفين هل سيدخل السودان فى أتون حرب اهلية طويلة الامد بدعم اقليمى ؟.
………………………………………………………………………………….

– الكاتب: المدير التنفيذى لمركز الفارابى لللابحاث والدراسات الاستراتيجية

اقرأ أيضا للكاتب:

حامد محمود يكتب: أسباب الصراع فى السودان ومآلاته (1 من 2)

حامد محمود يكتب: دبلوماسية الاغاثة.. سوريا مثالا

 

زر الذهاب إلى الأعلى