أوروبا العجوز العقيم.. السحر ينقلب على الساحر
كتبت: أسماء خليل
لا يسعُنا إلا قول تلك الحكمة الشهيرة “انقلب السحر على الساحر“ ؛ ففي الحين الذي باتت فيه أوروبا -بالسنوات الماضية- تدعو وتُشدد على تحديد النسل والدعوة ليس لتنظيم الأسرة بل لعدم الإنجاب بالكُليَّة، باتت الآن هي القارة التي تشكو من النقيض، وتطالب من شعوبها محاولة الإنجاب، فقد صارت الدول الأوروبية بالطريق لتقلص عدد الشباب والفتيات، وربما ستنقرض وتنتهي تلك الدول جراء القرارات التي اتخذها رؤساء مسبقًا..هل ستصبح القارة مليئة بكبار السن دون الشباب، وتخالف القاعدة العريضة لهرمها السكاني بعكس ما عليه العالم؟!.. فمن المنطقي أن تكون القاعده العريضة لأي مجتمع هم الأطفال يليها الشباب كفئة قادرة على العمل في المنتصف، وفي نهايه القاعدة يأتي الأقل في العدد وهم كبار السن،،
خطورة تغيُّر الهرم السكاني
ولكن هل حقًّا هناك خطورة من تقليص فئة الشباب مقابل فئة كبار السن؟!..
تكمن الخطورة في مدى تأثيرها على الحالة الاقتصادية لأي بلدة؛ حيث أن الشباب يعولون كلا من الأطفال وكبار السن، فهم العنصر المنتج بالمجتمعات، هم عماد الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة لأي قارة، وفي حال وجود خلل في التركيب النوعي والعمري للسكان يحدث مقابله خلل آخر على كل المستويات المعيشية،،
معدلات إنجاب مُتدنية
في إحصائيات لم تكن مسبوقة، وصلت أوروبا إلى أدنى معدلات خصوبه في العام 2001، حيث بلغ متوسط الإنجاب بالمناطق الأوروبية نحو طفل واحد و0.4 لكل زوجين، وطفل واحد و 0.1 في بلغاريا وجمهوريه التشيك، وطفلين و0.2 في البانيا،،
طالع المزيد:
– «العاشرة بتوقيت واشنطن».. رواية عراقية تحاول فك شفرة حقيبة الرئيس الأمريكى النووية
– مصر.. القبضة الرباعية والإرادة الفولاذية
هل تلك الدول الأوروبيه المتقدمة تعاني مثل الدول النامية من التفسيرات الراسخة في العقول، من ارتفاع تكاليف التربية والمعيشة والضغوط الاجتماعية، التي باتت هاجسًا في ذهن أي شاب مقبل على الزواج؟!.. أم لحملة التنويه عن وسائل منع الحمل التي قامت بها اوروبا في الأعوام السابقة؟!..فتؤكد الدراسات أنه منذ سنوات كانت كل أربعة نساء أوروبيات من بين خمسة في علاقه شبية بالزواج، تستخدم وسائل منع الحمل ولا تنتوي الإنجاب، فأكثر من 90% يستخدمون تلك الوسائل ليس بشكل اجباري، ولكن بشكل اختياري، وقد قامت دراسات استقصائيه على مجموعة من النساء ما بين 20 إلى 45 سنة؛ قالت تلك النساء أنهن يستخدمن وسائل منع حمل قويه جدًّا؛ وذلك لرغبة منهن في عدم الإنجاب حفاظا على صحتهن، والاستقرار مع حبيبها، وكذلك تجنبا لمواجهة الارتفاع الباهظ لتكاليف المعيشة،،
تقلص إجباري أم اختياري
لقد أثبتت كثير من التقارير أن الدول الأوروبية ستعاني في نهايه القرن من أزمة تقلص السكان، أكثر من الأزمة التي يواجهها كل العالم وعلى رأسها مشكلة المناخ بانبعاثاته الكربونية واحتباسه الحراري؛ فعلى سبيل المثال ستعاني “بلغاريا“ من تلك تلك الأزمة، ففي عام 2017 انخفض عدد المواليد بمقدار 10 مليون نسمة، وصولا إلى عام 2050 ستطل فيه البلاد خسارة في المواليد بنسبه 40% ؛ بسبب تزايد عدد الوفيات، وكذلك “أوكرانيا “ و “بولاندا” و“المجر”، ما يعد خساره عظيمة جدا تحل بالبلاد، وأيضا روسيا سينخفض عدد سكانها من 145 مليون نسمة إلى 121 مليون نسمة بحلول 2050 كذلك كثير من البلاد الأخرى،،
كوكب اليابان
ليست اليابان بمنأى عن تلك الأزمة، بل هي في الواجهة، حيث أن اليابان في عام 2019 وصل عدد الزيادة 900 ألف نسمة، في المقابل بلغ عدد الوفيات مليون و 0.4 مليون حالة، وقد تجاوز عدد السكان لأعمار 65 عاما أكثر من 28%،،
وتؤكد كثير من الصحف أن كثير من القرى الأوروبية ستختفي بأكملها، ومن المرجح أن ينقص عدد السكان بنحو 16 مليون شخص على مدى الربع قرن المقبل،،
وأد البنات بالصين
لقد انتهجت الصين ومثيلاتها عدة أساليب لتقليل عدد السكان، وتخفيف المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فقد استطاعت الصين تقليص عدد المواليد إلى 400 مليون نسمة، وقد تم تنفيذ تلك السياسة بطريقه أثارت حفيظة الشعب واستهجانه؛ فقد كان ضمن خطط التنفيذ؛ الإجهاض القصري، ووأد البنات وتقليل الإبلاغ عن مواليد الإناث؛ حتى لا يتم تسجيلهن في سجل المواليد ،،
ومن الأغرب أن الدراسات الصينية، تؤكد أن 24 مليون رجلا لا يمكنه الحصول على زوجات بحلول 2020 ؛ بسبب وأد كثير من البنات في أرحام امهاتين بحلول عام 2050، وذلك مقابل الإبقاء على طفل واحد ذكر،،
وقد تم إلغاء تلك السياسه في 29 أكتوبر 2015، ولكنها أيضا لم تبيح الإنجاب بشكل مطلق، فقد سمحت لكل أسرة بطفلين فقط كحد أدنى،،
الانقراض البشري
وبحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية؛ يقول كاتب يسمى “ليس ناييت”، الذي ياتي بأفكار غريبة جدا في كتاباته، وله متبعوه، حيث يرى أن الانقراض الإنساني هو أفضل شيء للبشرية؛ حيث أن الإنسان جعل عناصر كثيرة جدا من الكائنات الحية تنقرض، وأدى إلى الانفجار السكاني، الذي تسبب في وجود مجاعة، ونقص في كمية الغذاء، وتدهور المناخ والنظم البيئية، فمن جهة نظره أن الانقراض هو أكثر عقاب للإنسان،،
مصر في قلب الحدث
ومن بين الدول التي تحارب إصدار رخصة لإنجاب الأطفال، ومن يقومون بوأد الإناث، ومن يقومون بقتلهن بعد الولادة؛ لم تعلق مصر المقصلة لشعبها، بل قامت بحملات توعية من أجل تنظيم الأسرة وليس التحديد، وقد استهدفت الحملات ضرورة التنظيم من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعيه والسياسيه، ولكنها لم تقم بعمل تلك الأفعال المشينة التي قامت بها الدول الأخرى، من وأد وتعذيب وحبس وغرامات، بل على النقيض إنها تحاول استهداف خطط التنمية المستدامة، ونفت الحكومة المصرية سن قانون تعاقب من ينجبون، ولكنها تناشد كل مواطنيها بضرورة تنظيم الأسرة لكي يستطيعوا العيش في حالة اجتماعية واقتصادية جيدة، فلم تقصد الحكومه تحديد النسل الذي يعلق المقاصل للنساء التي تنجب أكثر من طفل واحد، ولكن في النهاية لابد أن يشعر المواطن ببلده فقط، لأن تلك القضية قومية في المقام الأول، وتمس كل مواطن فلابد من تكثيف الجهود وتضافرها بصورة هدفها إسعاد الإنسان في الأخير.