محمد نجم يكتب: الرغبة المتوحشة في الثراء السريع على حساب الفقراء

بيان

المصريون.. حكومة وأهالى، ومن الأجداد إلى الأحفاد.. يحبون الذهب ويسعون لاقتناءه، باعتباره مظهرًا للثراء ومصدرًا للسعادة، فضلا عن أنه “مخزنا” للقيمة والمنقذ عند التعرض لعثرات الزمن.
وقد أنفق المصريون خلال العام الماضى أكثر من 2 مليار دولار لشراء الذهب، بينما بلغ هذا الإنفاق فى العام الأسبق حوالى مليار و970 ألف دولار.

ولم يقتصر الأمر على المواطنين، فقد اشترت الحكومة 47 طنا فى العام الماضى، ليرتفع احتياطى مصر من الذهب إلى حوالى 125 طن يمثل 1% من احتياطى العالم، وكانت الحكومة قد اشترت العام الأسبق 34 طنا!

والطريف أن عملية شراء الذهب واقتناءه لم تقتصر على مصر وحدها، ولكنه بدى وكأنه سلوكا معتادا لأغلب الدول العربية، وطبقا لبيانات مجلس الذهب العالمى؛ اشترت قطر 35 طنا، والعراق 34، والإمارات العربية 25، وسلطنة عمان 2 طن فقط!

وما تقدم يكشف أن لدينا احتياطى معقول من الذهب، بالإضافة إلى ما تنتجه المناجم المصرية سنويا، هذا فضلا عن مبادرة إعفاء واردات الذهب بصحبة القادمين من الجمارك والرسوم، والتى أدخلت للبلاد أكثر من 300 كيلو ذهب ساهموا فى توازن السوق، فلماذ يرتفع سعر الجرام عيار 21 إلى حوالى ألفين و500 جنيه، وعيار 18 إلى أكثر من 1800 جنيه؟..

الإجابة المباشرة: لأننا تركنا السوق ليقوده مجموعة من المضاربين وراغبى الثراء السريع!

والغريب أن يردد بعض الإعلاميين أو التجار أن أسعار الذهب المحلى ترتبط بالأسعار العالمية، وأيضا بأسعرا الدولار!
ويبدو أن بعض الإعلاميين يروجون لاستثماراتهم الخاصة أو لأصدقائهم من رجال الأعمال الذين يتاجرون فى الذهب أو الأراضى والعقارات!

وأعتقد أن هؤلاء الإعلاميين يعلمون بزيادة احتياطى البلاد من النقد الأجنبى مؤخرًا لأكثر من 35 مليار دولار، تزامن ذلك مع ارتفا عوائد النشاط السياحى والصادرات ورسوم المرور بقناة السويس..، وهو ما عوض بعض النقص الذى حدث فى تحويلات المصريين فى الخارج.

ليس ذلك فقط، بل أعلن البنك المركزى مؤخرًا أن موارد مصر من النقد الأجنبى بلغت 121 مليار دولار، مقابل متطلبات دولارية قيمتها 126 مليارا (100 استيراد، و26 أقساط الديون).

ومع ذلك نجد بعض الإعلاميين يروجون لإشاعات بأن مصر تعانى من “فجوة دولارية” ستستمر لمدة ثلاث سنوات قدرها 20 مليار دولار.

ولا أعلم كيف طاوعتهم أنفسهم بترديد هذا الكلام المغلوط، فحصيلة البلاد من النقد الأجنبى تتغير “شهريا” إن لم يكن أسبوعيا!

وذلك بسبب التغير السريع فى حجم السياحة الوافدة، وحصيلة المرور بالقناة، وعائد الصادرات، إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج.

ومن ثم لا يمكن الحديث عن “فجوة” دولارية تستمر ثلاث سنوات!، إلا إذا كان لدينا “غرض”، والغرض مرض كما قال السلف الصالح!

للأسف الشديد.. تراجعت القيم المهنية وغاب الضمير السليم، وسادت الرغبة المتوحشة فى الثراء السريع ولو على حساب محدودى الدخل والفقراء.

طالع المزيد:

لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: مستقبل الحرب التجارية بين أمريكا والصين

زر الذهاب إلى الأعلى