هل بدأت تركيا سياسة جديدة؟.. ترحيل 100 سورى يومياً و تغييرات هيكلية في إدارة الهجرة
من سوريا: أشرف التهامي
تصاعدت عمليات ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى مناطق الشمال السوري خلال الأسابيع الماضية، ليبلغ عدد المرحّلين يومياً عبر المنافذ الحدودية نحو 100 شخص، في وقت يؤكد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستتخذ خطوات إضافية لمنع الهجرة غير النظامية، وأن المواطنين الأتراك سيشعرون بالتغييرات الواضحة في قضية المهاجرين غير الشرعيين خلال وقت قصير.
تأتي حملات الترحيل، تزامناً مع تأكيد وزير الداخلية التركي “علي يرلي كايا” أن بلاده تكافح المهاجرين غير النظاميين، مضيفاً أنه “أصدر تعليماتٍ لملاحقة المهاجرين غير النظاميين في عموم تركيا، وأن أعدادهم ستنخفض بشكل ملحوظ خلال 4 أو 5 أشهر.
وتستهدف الحملة الأجانب الذين دخلوا إلى تركيا بطرق غير قانونية ويقيمون ويعملون فيها من دون تصريح رسمي، كما أنها تشمل جميع الولايات التركية وليس إسطنبول فقط، وبحسب الوزير، فإن كل شخص يُضبط في إطار الحملة يُحوّل إلى إدارة الهجرة بهدف إصدار قرار الترحيل كما يمنع مستقبلاً من دخول تركيا.
ترحيل 100 سورى يومياً
تُرحّل السلطات التركية السوريين إلى الشمال السوري عبر 3 منافذ حدودية رئيسية، وهي باب الهوى، وباب السلامة، وتل أبيض، ويصل عدد المرحّلين يومياً إلى نحو 100 شخص.
ووصل عدد المرحّلين من تركيا عبر بوابة تل أبيض الحدودية باتجاه منطقة “نبع السلام” 127 شخصاً خلال يوم الخميس الماضي، و75 شخصاً خلال يوم الأربعاء، وفقاً لما أكدته مصادر رسمية في المنطقة لموقع تلفزيون سوريا المعارض.
وحصل موقع تلفزيون سوريا المعارض على إحصائيات تفيد بترحيل 552 شخصاً من تركيا عبر معبر تل أبيض فقط، منذ مطلع تموز- يوليو- وحتى يوم الأربعاء الماضي، في حين بلغ عدد المرحلين عبر المعبر نفسه خلال شهر نيسان – ابريل – 838 شخصاً، و966 في شهر أيار- مايو ، و1538 في شهر حزيران – يونيه – الماضي.
ووفق الإحصائيات التي ينشرها معبر باب الهوى شمالي إدلب، بلغ عدد المرحلين عن طريقه من تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري 6,307 أشخاص، في حين أن معبر باب السلامة يدمج عدد المرحلين من تركيا مع العائدين “طوعياً”.
ويتعرض عدد من المرحلين للضرب والإهانة في مراكز الترحيل في الجنوب التركي قبل الوصول إلى شمالي سوريا، وقالت مصادر محلية في تل أبيض إن أحد الأشخاص أصيب بأزمة قلبية بعد ترحيله من تركيا يوم الثلاثاء الماضي.
ويعاني المرحلون من صعوبات كبيرة في إيجاد مأوى لهم، خاصة أن معظمهم ليس لديهم أقارب أو معارف في شمالي سوريا، الأمر الذي يدفع بعضهم للتوجه فيما بعد نحو مناطق سيطرة الدولة السورية أو “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الانفصالية.
تركيا ملزمة بعدم إعادة اللاجئين
قال الناشط في مجال حقوق اللاجئين، الارهابي طه الغازي، إن تركيا ملزمة بعدم إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، خاصة أن الحرب ما زالت مستمرة، وهناك وقائع ميدانية تؤكد ذلك، ومنها ترحيل 130 شخصاً من تركيا في 25 حزيران – يونبه- الماضي إلى الشمال السوري، وفي أثناء الترحيل كانت منطقة جسر الشغور تتعرض للقصف من قبل الطائرات الروسية رداً على استهداف الارهابيين للمدنيين الابرياء بالساحل السوري ما أدى إلى مقتل 11 مدنياً.
هذه الوقائع التي تتكرر بشكل شبه يومي، تؤكد أن منطقة شمال غربي سوريا غير ملائمة لإعادة اللاجئين من تركيا إليها بناء على انتهاكات الارهابيين ورد الدولة السورية على انتهاكاتهم، وفق إفادة “الغازي” لموقع تلفزيون سوريا المعارض.
طالع المزيد:
– خبير تركي: 88.5% من الأتراك يرغبون في رحيل اللاجئين السوريين عن بلادهم
وأشار الغازي إلى أن رئاسة الهجرة لا تعترف بكثير من القرارات والقوانين التي تحول دون ترحيل السوريين، وحول أسباب تصاعد الترحيل، يضيف: “الأسباب مكمّلة للحالة الدعائية ما قبل الانتخابات الرئاسة التركية، فلم تكن القضية السورية خلال السنوات الماضية سوى عبارة عن أداة سياسية للحكومة التركية والمعارضة”.
وبدأت الحكومة التركية تركز اهتمامها من الآن على الانتخابات البلدية، وتريد إعادة بلديتي أنقرة وإسطنبول بالسبب ذاته الذي أدى إلى خسارة الحكومة لهما، ألا وهو ورقة اللاجئين السوريين، وفق الغازي.
اتصلات لتخفيف وطأة حملة الترحيل
أفادت مديرة الاتصال في اللجنة السورية التركية المشتركة، إناس النجار بأن اللجنة تواصلت مع رئاسة الهجرة، التي أشارت إلى أن “ما يجري لا يختلف عن الفكرة السابقة والقديمة التي يريدونها، وهي أن يعيش المجتمعان السوري والتركي تحت ظل القانون”.
وقالت النجار في حديث مع موقع تلفزيون سوريا المعارض إن “الحملة لا تستهدف سوى الهجرة غير الشرعية، أما الأشخاص الذين يحملون بطاقات حماية مؤقتة من الولاية نفسها التي يعيشون فيها، ويحملون أوراقاً نظامية فلا يوجد عليهم أي حرج”.
وحول الأنباء عن ترحيل سوريين هم أصلاً يحملون بطاقات حماية من الولايات المنكوبة بالزلزال، قالت النجار: “لم يردنا أنه تم ترحيل شخص من ولاية منكوبة لأنه وجِد بولاية ثانية، وهذا أصلاً مخالف للقانون، وسبق أن أعدنا 55 شاباً عندما تم ترحيلهم بسبب إذن السفر، وتمت محاسبة الفاعلين كما أخبرونا بالهجرة”.
وأضافت: “المشكلة التي نتحدث بها الآن مع رئاسة الهجرة أن هناك بعض الأشخاص يحملون الأوراق الرسمية ولكنها غير مفعلة بسبب مشكلات بالقانون نفسه، مثل حالات لم الشمل أو الكمالك غير المفعلة أو الإقامات التي لم تجدد لسبب ما، أو قانون الإقامة الإنسانية واستحالة الحصول عليها، لذلك أي شخص تم القبض عليه لمثل هذه الأسباب، يُفترض أن يوكل محامياً، وهو سيكون قادراً على إثبات أن الحالة لا تستحق الترحيل”.
وأشارت النجار إلى أن “الخوف بالحقيقة يتمثل بحالات الأشخاص الذين يتم ترحيلهم مباشرة”، موضحة أن اللجنة السورية التركية المشتركة تتواصل مع الهجرة للتخفيف من أعباء هذه الحملة.
صمت الائتلاف الإرهابي والحكومة المؤقتة الإرهابية ورفض التعليق
اعتذر منسق مكتب شؤون اللاجئين في الائتلاف الوطني السوري الارهابي، عن الإجابة على استفسارات موقع تلفزيون سوريا المعارض بشأن موقف الائتلاف الارهابي من عمليات الترحيل، والإجراءات التي يتخذها للحد منها، وفيما إذا تم التواصل مع الجانب التركي لمعرفة مسببات الحملة، كما أن رئيس الحكومة المؤقتة الارهابية لم يجب أيضاً على هذه التساؤلات.
وأكد الناشط الارهابي طه الغازي أن المؤسسات الارهابية السورية، مثل الحكومة المؤقتة والائتلاف، لم تصدر بياناً بشأن عمليات ترحيل من تركيا، وفي بعض الأحيان، يكون رأي هذه المؤسسات ومعظم المنظمات حول عمليات الترحيل القسري مماثلاً لموقف رئاسة الهجرة التركية.
سياسة تركية جديدة تجاه السوريين؟
يرى المحامي والناشط الحقوقي الارهابي غزوان قرنفل، أن زيادة وتيرة ترحيل السوريين كانت متوقعة، لأنها جزء من سياسة تبناها حزب العدالة والتنمية الاخوانية مع حلفائه الآخرين، يكون من إفرازاتها اتخاذ إجراءات تضييقية على اللاجئين.
ومن أسباب ترحيل السوريين، وجود بعضهم في ولاياتهم غير الأصلية، كالذي يحمل بطاقة حماية مؤقتة صادرة عن ولاية كلس ويعيش في إسطنبول، وبهذا الخصوص، قال الارهابي قرنفل، إن السوريين بحاجة لعمل، والفرص موجودة في إسطنبول وولايات رئيسية أخرى.
ويؤكد الارهابي قرنفل في حديث مع موقع تلفزيون سوريا المعارض أن هذه المسألة من إحدى مشكلات السوريين بتركيا، ولذلك يفترض طرح مقاربة مختلفة بموضوع السوريين، مضيفاً: “الجهات الصناعية التركية تقول إنها بحاجة لليد العاملة السورية، فلماذا لا تتم قوننة وجود هؤلاء الأشخاص في الولايات المتطلبة لليد العاملة؟”.
بتقدير الارهابي قرنفل، هناك “سياسة تركية ترى وجوب إبقاء نصف مليون سوري فقط في تركيا خلال أربع أو خمس سنوات في أحسن الأحوال، ولذلك فإن السوريين ليس لهم مستقبل في تركيا”.
وكرر المحامي الارهابي وجهة نظره قائلاً: “بعد خمس سنوات، لن يكون في تركيا أكثر من نصف مليون سوري، وما تبقى سيتم ترحيلهم، ولذلك دائماً أدعو السوريين ممن ليس لديهم القدرة على العودة لسوريا، إلى البحث عن ملاذ آمن غير تركيا، سواء كانت محكومة بحزب العدالة والتنمية أو المعارضة، فكلاهما متفقان على هذا الهدف، إلا أنهما مختلفان في وسائل تحقيقه”.
الرئيس التركي يصدر قراراً بإجراء تغييرات هيكلية في إدارة الهجرة
أصدر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قراراً نص على إجراء تغييرات شاملة في إدارة الهجرة التركية، شملت رئيس الإدارة والموظفين الرئيسيين.
ووفقاً للقرار الذي نُشر في الجريدة الرسمية التركية، عين أردوغان كبير المفتشين في وزارة الداخلية، أتيلا توروس، رئيساً لإدارة الهجرة، والذي شغل سابقاً منصب رئيس دائرة الهجرة بين عامي 2014 و2017، في حين سيشغل منصب نائبي الرئيس كل من قائم مقام بلدية بيشكتاش، أوندر باكان، والمفتش في وزارة الداخلية، حسين كوك.
ونص القرار على تعيين غوزده أزكورول مديراً لدائرة الأجانب، في حين شغل مدير دائرة الهجرة في إسطنبول، بايرم يلنسو، منصب رئيس المديرية العامة للحماية الدولية، ونائب والي إسطنبول، ياشار أكسانيار، رئيس المديرية العامة للاندماج.
كما نص القرار على تعيين رمضان شتشيلميش مدير الإدارة العامة لمكافحة الهجرة وشؤون الترحيل، ومصطفى فيرات تاشولار، مديراً عاماً للخدمات الإدارية.
من هو رئيس إدارة الهجرة الجديد؟
ووفق وسائل إعلام تركية، فإن رئيس دائرة الهجرة الجديد، أتيلا توروس، 54 عاماً، من مواليد مدينة تاتوان التابعة لولاية بتليس، درس العلوم السياسية في جامعة أنقرة وتخرج منها في العام 1989، ونال درجة الماجستير في معهد العلوم الاجتماعية في مدينة كهرمان مرعش.
بدأ عمله الحكومي كحاكم منطقة في ولاية بايبورت في العام 1990، وشغل منصب نائب حاكم ولاية جناق قلعة، وبعد دراسته في بريطانيا كجزء من فترة تدريبه في الخارج، شغل منصب نائب حاكم ولاية غيرسون.
وسبق أن شغل أتيلا توروس منصب رئيس إدارة الهجرة التركية بين عامي 2014 و2017، ليعود إلى رئاستها مجدداً بعد قرار الرئيس التركي.
ويأتي قرار الرئيس التركي في ظل حملة واسعة تشنها السلطات التركية لإعادة وترحيل اللاجئين السوريين من تركيا، في وقت شدد فيه أردوغان على أن بلاده “ستتخذ خطوات إضافية لمنع الهجرة غير النظامية، وأن المواطنين الأتراك سيشعرون بالتغييرات الواضحة في قضية المهاجرين غير الشرعيين خلال وقت قصير”.
وأكدت وزارة الداخلية التركية أن مسألة مكافحة الهجرة غير النظامية هي أحد المجالات الرئيسية ذات الأولوية لعمل أجهزة الشرطة.
وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إنه أصدر تعليمات بشأن ملاحقة المهاجرين غير النظاميين الذين يقيمون في عموم البلاد بشكل غير قانوني، متعهداً بخفض عدد المهاجرين غير النظاميين في جميع الولايات بشكل ملحوظ خلال مدة لا تتجاوز أربعة إلى خمسة أشهر.
وخلال الأيام الماضية، تزايدت حملات ترحيل اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي من تركيا نحو الشمال السوري، الذي تعتبره السلطات التركية “منطقة آمنة”، بالتزامن مع ارتفاع حدة الخطاب التحريضي وخطاب الكراهية، من قبل بعض الأحزاب التركية.