ماهر عبد العزيز يكتب: كيف أنقذنا راديو مصر من الأخونة.. وماذا حدث في اليوم المصيري؟!
بيان
بدأ الجميع يشعر مع بدايات شهر يونيو ٢٠١٣ بأن العد التنازلي لنهاية حكم الإخوان قد بدأ ، وكانت الفضيحة الكبرى في المؤتمر الذي عقد بقصر الاتحادية يوم ٤ يونيو ،وكنت خارج من المستشفى ، حيث مكثت سبعة ايام بالعناية المركزة نتيجة للضغط الشديد في العمل و محاولة السيطرة على الراديو من تدخلات الإخوان ،المهم فتحت الراديو في العربية وأنا في طريقي للمنزل و صعقت مما أسمع .. مناقشة مشكلة سد النهضة على الهواء و كل الهطل ده بلا رقيب و اتصلت بأحمد عبد العزيز اللي المفروض مستشار لرئيس الجمهورية ،و قلت له ساخراً الناس في الراديو مش عارفة مين اللي بيتكلم مش تخلي حد كده في الاجتماع يسلم الكلمة للمتحدث علشان الناس تعرفه فقال فعلاً حبلغهم في الاجتماع وسألت لماذا يافندم على الهواء فأجاب بأن دي رغبة الدكتورة بكينام الشرقاوي .. منتهى الجهل … مجموعة من المستشارين للرئيس عند اختيارهم كان الغباء مقياس النجاح .
المهم بعد هذه الفضيحة و ظهور حركة تمرد بدأ الإخوان يحاولون إثبات وجودهم وأنهم مازالوا في الشارع إلي أن أصدر اتحاد الإذاعة و التليفزيون بيانه الشهير الذي أعلن فيه أن الإعلام المصري إعلام الشعب و لن ينحاز إلا إلي الشعب وفور صدور البيان ، اتصل بي أحمد عبد العزيز وقال إنه انطلاقاً من هذا البيان سأملي عليك قائمة بفعاليات الإخوان في جميع محافظات مصر و موعد التحرك و رقم المسئول للاستضافة على الهواء ( طالما بتنحازوا للشعب ) .
و بعد المهلة التي حددها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي و خطاب المخلوع المعروف بخطاب الشرعية اتصل بي أحمد عبد العزيز في حوالي الثانية بعد منتصف الليل ، و قال غاضباً ( رئيس قطاعك مش بيرد عليا و بيقفل تليفونه .. طيب يبقى ليه معاه حساب بعد كده
و أصدر أمرا بعدم إذاعة أي بيانات لوزير الدفاع على راديو مصر و فقط ما يذاع هو خطاب الرئيس الشرعي للبلاد و بعد إنتهاء المكالمة أجريت اتصالاً بالراديو و قلت لرئيس التحرير الموجود أي حد يتصل يبلغك أي تعليمات قول له كلم ماهر عبد العزيز وأحنا ماشين زي ما إحنا و أغلقت هاتفي حتى لا أتلقى منه أي اتصال آخر .
ولم يقترب هذا المستشار من مبنى ماسبيرو بعد ذلك عندما علم من الوزير أن رجال قطاع الأخبار قالوا لو دخل تاني المبني حنضربه وبدأ كل من تقرب إلي الإخوان في الاختفاء ، واعتقد هي دي الفترة اللي هرب فيها الوزير صلاح عبد المقصود و المستشار أحمد عبد العزيز إلي تركيا بعد أن شعرا بأنه لا مكان في مصر لهذه الجماعة الارهابية ، هربا قبل ما يلبسوا الطرح زي مرشدهم و رجالته …وهنا يشعر الإنسان بقيمة ماسبيرو والانتماء للوطن .. كل واحد في مكانه يؤدي عمله ناس لم تترك مكانها .
و مع بداية يوم ٣ /٧ /٢٠١٣ و الإعلان عن بيان مهم للقوات المسلحة يلقيه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي بدأ يشعر الجميع بأن الغمة سوف تنزاح وخاصة عندما دخل علينا الاستوديو اللواء محمد عاشور مدير أمن قطاع الأخبار ومعه ضابط برتبة كبيرة من الحرس الجمهوري يتفقدوا المبنى و الاطمئنان على سير العمل بالمبنى بصورة طبيعية وكان من الطبيعى أن الأغنيات التي تذاع في هذه الفترة أغنيات وطنية و من أهم الأناشيد الوطنية التي كنا نبثها كثيراً في راديو مصر نشيد الجيش الذي تقول كلماته ( رسمنا علي القلب وجه الوطن نخيلا ونيلا وشعبا أصيلا وصناك يا مصر طول الزمن ليبقي شبابك جيلا فجيلا ) و كنا كلما أعدنا بث النشيد نتلقى المكالمات الهاتفية المؤيدة للدولة و المساندة لجيش مصر العظيم وطبعاً كان في مجموعة من الخونة الجبناء هربوا من مصر و استريحنا منهم زي الوزير البصمجي صلاح عبد المقصود و المستشار اللي ما كنش يحلم يعدي قدام مبنى ماسبيرو لذلك كنا نعمل بهدوء و بدون ضغط من الجهلة .
و بدأنا نستعد لما هو قادم و في نقاش مع زميلي شادي جمال رئيس تحرير نشرات راديو مصر ( حتى لو الوزير الاخواني نقله لمكان آخر ) إتفقنا في الرأي بأن الجيش المصري لا يقوم بالانقلابات و لكن يصحح الأوضاع و حتى نكون مستعدين أحضرنا السيرة الذاتية لرئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار الجليل عدلي منصور وده لأن مفيش مجلس شعب و سجلناها وجهزتها على الميكسر و طلبت من زملائي أن نشغل بعدها أغنية عبد الحليم حافظ الله يا بلدنا الله على جيشك و الشعب معاه و قلت لهم سنحتفل بإلقاء الإخوان في مزبلة التاريخ بصوت عبد الحليم حافظ الذي حاول أحمد عبد العزيز منع إذاعة أغانيه في راديو مصر ..
وفي هذا اليوم تلقيت اتصالات عديدة من أصدقاء و إعلاميين من دول عربية يطمئنوا على مصر و أحوالها وكان ردي دائماً البلد اللي فيها جيش مصر ما يتخافش عليها .
حوالي الساعة السابعة تقريباً طلبني الأستاذ ابراهيم الصياد في مكتبه و قال لي عينك على القناة الأولى و أول ما نذيع أغنية شادية يا حبيبتي يا مصر فقط المذيع يقول و ينضم الآن راديو مصر إلى التليفزيون المصري وضم على طول … وهنا أسجل أن الإعلامي الكبير الأستاذ إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار الذي تحمل المسئولية في فترة شديدة الصعوبة فترة هي الأسوء في تاريخ مصر أشهد أنه أدار الأمور بحكمة و إتزان و لم يخضع لتهديدات أحمد عبد العزيز أو الوزير الإخواني و هو الذي أدار العمل و لم ترد لي أي تعليمات شغل إلا منه شخصياً .
سنوات عديدة قضيتها في ماسبيرو وأحداث كثيرة و مهمة قمت بتغطيتها ولكن لن أنسى المشهد في ستوديو راديو مصر والجميع أمام شاشة التليفزيون عندما بدأ التليفزيون بث أغنية يا حبيبتي يامصر و لن أنسى لحظة الإعلان بأن يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية مصر العربية … يا الله صراخ و بكاء وأنطلقت صيحة الله أكبر ترج الاستوديو وفور إنتهاء البيان و البث التليفزيوني كان راديو مصر صاحب السبق في إذاعة السيرة الذاتية لرئيس جمهورية مصر العربية المؤقت و مع إذاعة أغنية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الله يا بلدنا الله على جيشك و الشعب معاه إنهالت المكالمات التليفونية علينا الكل يريد التهنئة الكل يريد أن يعبر عن فرحته و فجأة وجدنا الأستاذ ابراهيم الصياد بيننا في الاستوديو يهنئ الجميع و يشكر الجميع و مر ومعه الإعلامي الأستاذ مسعد أبو ليلة نائب رئيس قطاع الأخبار على كل الإدارات يشكر الجميع و هنا فكرنا سريعاً أن نشرك الناس في فرحتنا و دخلت الزميلة نسرين عكاشة و الزميلة دينا صلاح إلى ستوديو الهواء و قدمنا فترة مفتوحة على الهواء مباشرة بعنوان رئيسي ( مع الشعب ) عبر فيها كل مواطن عن رأيه و فرحته، وظل هذا البث حتى الرابعة صباحاً و عندما خرجت من ماسبيرو مع نسمات الفجر كنت اتنفس بإرتياح .. فجر جديد على مصر مفيش فيه إخوان و أخونة و مؤامرات وتهديد و رعب .
يوم ٧/٤ وصلت الراديو الساعة العاشرة صباحاً و أول شيئ عملته صعدت إلى الأستاذ شكري أبو عميرة رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة و التليفزيون ، و بعد التهنئة تحدثت معه كما سبق و أشرت في المقال السابق في موضوع الأستاذ محمد علي خير ثم قلت له و بعدين يا ريس في التحقيقات و الشئون القانونية اللي عملها لنا الوزير و مستشاره القانوني و أحمد عبد العزيز .. ده إحنا كلنا متحولين شئون قانونية فأصدر على الفور قراراً بإلغاء كل التحويلات و التحقيقات التي صدرت من الوزير الإخواني وإلغاء جميع الجزاءات الصادرة في هذا الصدد .
وبكده وبضربة كانت من المعلم خلت الإخوان تبلم انتهت سنة كبيسة على مصر، ولكن عندما أجلس وحيداً الآن وأتذكر هذه السنة أجد أنها كشفت لنا من هم الخونة المتربصين بمصر و شعبها والأهم كشفت الذين يبيعون أنفسهم حتى للشيطان .
زملاء أغراهم المستشار بالمناصب والمكاسب فباعوا وطنهم بل و شرفهم من أجل المكسب والأهم أن هذا العام فضح الإخوان أمام الشعب المصري و عرى جهلهم و تحول التعاطف معهم إلي كره …هناك من كان يتعاطف و يقول ( دول بتوع ربنا ) و كشفهم هذا العام و كشف زيفهم وكذبهم .
البعض من المتعاطفين معهم يقول إن هذا العام شهد حرية إعلام غير مسبوقة و هذا كذب.. كثيراً ما كان يقول المدعو أحمد عبد العزيز بعد أي برنامج مش عاجبه على راديو مصر ( سيبهم يقولوا بس الراجل منهم يفتح بقه بعد ٣٠ يونيو ) كانوا ساكتين حتى يتمكنوا.. أحداث كثيرة ومواقف كثيرة شهدها هذا العام و لكن الحمد لله خرجت مصر منتصرة .
وقبل أن أنهي كلامي لابد أن أوجه الشكر كل الشكر أولاً لاسرتي وزوجتي الإذاعية يثرب فاروق التي خرجت ومعها بناتي نوران و مريم للمشاركة في ثورة ٣٠ يونيو ، وطبعاً كل الشكر و التقدير لكل زملائي في الإدارة العامة للمندوبين والمراسلين بأخبار الإذاعة و كل زملائي في راديو مصر الجميع لم يستسلم لتهديد الإخوان و أدى كل واحد منهم عمله بإخلاص و حب لمصرنا الغالية رفضنا أخونة الراديو و تمسكنا بالمهنية في العمل و كانت لنا أچندة واضحة و صريحة مصر و مصلحة مصر و شعبها وطبعاً الشكر للأستاذ ابراهيم الصياد الذي كان داعماً لنا و أدار العمل في هذا العام بكل احترافية ومهنية .
و أخيراً جيش مصر العظيم فكل كلمات الشكر لا تكفي لتعبر عن مدى التقدير والاحترام له .