أشرف التهامي يكتب: باي باي إسرائيل

بيان
قدمت إسرائيل نفسها ولا تزال على أنها “واحة الديمقراطية في صحراء الديكتاتوريات” وبأنها “صورة الغرب المتحضر في الشرق المستبد”.
وحين انطلق ما بسمى بالربيع العربي عام 2010 وكادت مطالب الشعوب العربية بالديمقراطية تتحقق ولا سيما في مصر، كادت الصورة التي ترسمها إسرائيل لنفسها تتهشم.
ففي 30 نوفمبر من عام 2011 أي قبل مرور عام واحد على اشتعال هذا الربيع العربي، لفت وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر أمام الكنيست الإسرائيلي إلى أن إسرائيل لم تكن يومًا بوضع أمني كارثي كما هي اليوم.
وقد اهتمت إسرائيل بالثورة المصرية و الاضطرابات بسوريا، الموجودتين على حدودها أكثر من غيرهما.
وصرح رئيس الاستخبارات الإسرائيلية السابق الجنرال أهارون زئيفي أنه يرفض إطلاق تسمية الربيع العربي على “الهزة الأرضية” في الشرق الأوسط، وقال إن الإسلام السني المتطرف يزداد قوة في تركيا ومصر وفي المستقبل في سوريا، وهذا ما سيغير خريطة الشرق الأوسط.
لقد مر عقد و يزيد على ما يسمى “الربيع العربي”، وتغيّرت بصورة جذرية الأوضاع في عدد من الدول العربية في المنطقة، بدءاً من مصر التي مرت بثورتين مروراً بسورية التي أرهقتها الحرب على الإرهاب والتدخلات الخارجية، وانتهاء بليبيا، حيث الفوضى والانقسام على أشدّهما، واليمن الذي يئن تحت وطأة صراع متجدد، ناهيك بالثمن الباهظ الذي دفعته دول المنطقة، جرّاء تفشّي ظاهرة الإرهاب الجهادي، وتفاقم أزمة اللاجئين السوريين.

اقرأ أيضا:

مع دخول الأزمة عامها الـ «12».. فاتورة خسائر سورية جراء الإرهاب حتى 2023 (1من2)

وبدا أن إسرائيل وحدها بقيت خارج دائرة الاضطرابات الكبرى التي عصفت، وما تزال تعصف، بالمنطقة، وتبدو ظاهرياً كأنها لم يلحق بها أذى حقيقي. لا بل يخيّل أحياناً من متابعة النقاشات الداخلية الإسرائيلية أنها نجحت في توظيف فشل “الربيع العربي” والاضطرابات في المنطقة كي تحقق مكاسب استراتيجية، وأبرز ما يظهر ذلك في النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.
إسرائيل الآن:
فاحتفال إسرائيل بالربيع الشعبي، على اعتباره خصيصة عربية، أمر لن يصمد أمام حقائق التاريخ.

فالمجتمع الإسرائيلي تغير أيضاً، بعربه ويهوده، بيمينه ويساره. الكلام اليوم هو عن نزاعات في الشوارع والبيوت، داخل الخط الأخضر، تشبه التي ساقتها عصابات الهاجانا عام النكبة لتهجير الفلسطينيين.
حرب بالسلاح الأبيض والحجارة وإشعال النيران والاغتيال والدهس. غضب هائل عند الشبان العرب، وجنون شرس في المقابل من المتطرفين اليهود الذين باتوا يستبيحون المنازل بأسلحتهم النارية ويجوبون الشوارع بحثاً عن فريسة. قتلى وجرحى وخوف أحمر يسيطر على المدن المختلطة في أراضي 48. الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفيلين، المعروف ببروده، يقول مذعوراً أمام هذا المشهد المفاجئ:
(أتوسل الجميع، افعلوا كل ما في وسعكم لوقف هذا الأمر الفظيع الذي يجري أمام أعيننا، نحن منهمكون في حرب أهلية من دون أي سبب. أوقِفوا هذا الجنون).. أرجوكم توقفوا. نحن دولة واحدة
فاته أن ما يقارب من مليوني فلسطيني، غالبيتهم من الشباب، تُركوا بلا بصيص أمل، والفلسطينيون يتذكرون هذه الأيام مرور 75 سنة على النكبة، لا يرون سوى التمييز العنصري، وهدم البيوت، وتهجير الأهالي في القدس، ويستفيق سكان الداخل على حقيقة أن لهم إخوة يُذبحون، وأنهم هم أنفسهم، لن يُهضموا يوماً في مجتمع لا يشبههم ولا يعترف بهم.

التطهير العرقي يمارس أيضاً على سكان 48. ما يحدث اليوم ليس أقل من ذلك. بعد هبة الشباب العرب ومظاهراتهم منذ أيام انتصاراً لإخوانهم في القدس، كان يفترض أن تواجههم الشرطة، أن تردعهم قوى الأمن، لكن ما حدث أن المتطرفين كانوا لهم بالمرصاد، وتحت حماية رسمية أحياناً.

ما زرعته السلطة الرسمية، تحصده حصرماً حين تصبح شوارع حيفا ويافا وعكا وطبريا وأم الفحم، ساحات نزال بين متطرفين مسلحين، وفلسطينيين عزل يدافعون عن أنفسهم ولا يملكون سوى إحساسهم بالمهانة.
هل تأخر الوقت كثيراً؟
هل بمقدور مَن فشلوا في تأليف حكومة قابلة للحياة، بعد أربعة انتخابات تشريعية في غضون عامين، أن يقوموا بنقد ذاتي لمسارهم التاريخي الدموي، الذي لم يعبأ بغير الاستيطان وضم الأراضي، وحكم الناس بالأحذية العسكرية والمذابح؟
هل ستنجح ؟
إسرائيل ضعيفة، منقسمة على نفسها، مشتتة، يعادي بعضها بعضاً، فيما فشلت فيه وهي في حمى زعمائها الأقوياء.
الإجابة بديهية، لكن التغيير آتٍ من الداخل، ومن الغرب نفسه، الذي يجد نفسه محرجاً في زمن التواصل الاجتماعي، الذي تنتشر فيه فيديوهات الطرد من المنازل حية، وصراخ النساء والأطفال حاراً، ووقاحة المستوطنين صادمة.

إسرائيل اليوم ليست الدولة التي كانت يريدها اليهود قبل قرن من الزمن.
بالتأكيد، فإسرائيل بسبب جشعها، وعنجهيتها، وإحساسها بفائض القوة، حوّلت القضية الفلسطينية في اللحظة التي نسيها الجميع إلا أهلها إلى القضية الأولى عالمياً، وأشعلت فتيلاً في عقر دارها، غاية في الخطورة، سيكون لنيرانه ما بعدها.
فهل حانت نهاية كيان بني صهيون التي أشعلت نيران الحقد بين ضعاف النفوس في شعوبنا العربية؟
وهل من مستثمر بين النخبة المثقفة العربية لنرد لبني صهيون الصاع صاعين حتى لا تنطفئ نيران الفتنة بينهم؟
لقد حان وقتكم ايها الناشطون السياسيون العرب الذين ملأتم فضائنا بغبار الحرية الزائفة وحقوق الإنسان.. فهيا.. صححوا وجهتكم.
فهيا عدلوا بوصلتكم وانفخوا في نيران بني صهيون ووجهوا رياحكم بما تحمل من غبار ثقيل و روائح كريهة تحملناها لأكثر من عقد في هدم بلادنا.. في اتجاه حكومة بني صهيون التى استحلت أرضنا العربية المحتلة (فلسطين).
كفروا عن سيئاتكم .

زر الذهاب إلى الأعلى