عاطف عبد الغنى يكتب: هشام قاسم.. من هو؟! (2) «الترند»

بيان

الماضي يعلمنا دروسًا من أجل المستقبل، لكن الخونة والعملاء لا يدركون هذه الحقيقة، لأن حدسهم الأعمى يحركهم – دائما – عن تصور أن الناس تنسى، أو أن ذاكرة المصريين كذاكرة السمك، أو الفئران.
هشام قاسم يتصور أن ظرف الزمان الآن مواتيا للعودة للساحة السياسية، ولعب الدور البديل للهارب سعد الدين إبراهيم، أو على الأقل لعب نفس الدور الذى تمرس عليه، ومارسه، قبل 25 يناير 2011، غير مدرك أن الناس لا تنسى بهذه السهولة، وأن أكثر شهود الحدث، مازالوا على قيد الحياة، وأن الخبرة التى تراكمت خلال السنوات الـ 12 الماضية، أكسبت الدولة المصرية قوة وصلابة المجابهة، وأن الثغور التى نفذ منها أعداء الماضى، تم ترميمها.

لكن من هو هشام قاسم؟!.. هذا الذى أصبح فجأة محل البحث على آلة البحث الجهنمية، وترند الهاشتاجات، و أكس ، ولجان الإخوان، والتيار الحر، والتيار “اللى لا موأخذة مش حر”.. وفى الإجابة على سؤال من هو؟!.. اسمحوا لى أن أحكى لكم الحكاية التالية:
فى أحدى قاعات الجامعة الأمريكية بالتحرير التقيت للمرة الأولى والأخيرة بالمدعو قاسم، وكان ذلك بعد شهور قليلة من اندلاع أحداث يناير 2011، والمناسبة كانت المشاركة فى مائدة مستديرة ينظمها البنك الدولى، وتناقش مستقبل الصحافة القومية.. (ولماذا يهتم البنك الدولى بالصحافة القومية؟!) هل لك أن تسأل نفسك.
كان قد دعانى للمشاركة، وألح علىّ شخص وطنى غيور يعمل فى معية “البنك الدولى” بمصر، ذهبت وشاركت، فهمت سبب إلحاحه، لقد أراد أن يضعنى فى مواجهة من دعاهم منظمو الندوة، وقد انتقوا افرادا بعينهم يتوافقون مع توجهاتهم، ومخططاتهم، من النشطاء والفاعلين فى مجال الإعلام، ناشرين، وإعلاميين، ونشطاء شبان على وسائل التواصل “بلوجرز” من خارج مصر وداخلها، وكلهم ممن لعب دورا فى تهييج الجماهير ودفعها للميادين والشوارع بداية من يوم 25 يناير 2011.
نجم اللقاء كان هشام قاسم، أعرفه من قبل اللقاء، وكتبت عنه مرارا، وقرأت أكثر، فهو عرّاب الإعلام البديل، وصاحب الصفقات المشبوهة الذى أسس لصحافة الاختراق والتطبيع فى وقت مبكر من انخراطه فى مجال الإعلام منذ إصدار مجلة “كايرو توداى”، فى السبعينيات – على ما أتذكر – وفى المساحة المظلمة من سيرته لا أحد يستطيع أن يحدد كيف وصل إلى دوائر فاعلة فى الإدارة الأمريكية، أو من الذى اصطاد منهما الآخر، هو، أم هذه الدوائر؟!.
لكن المؤكد بالنسبة لى هو لعبه الدور الأكبر كحلقة وصل بين عدد من رجال الأعمال المصريين، والمسئولين الأمريكيين فى الإدارات المعنية بالمنطقة العربية، ومصر تحديدا، هذه الدوائر التى تخطط للمشروع الذى أطلقت عليه “التغيير الديموقراطى” فى وصفه التجميلى، وفى الوصف الفج: “الفوضى الخلاقة”.
وضمن البرنامج كان هناك مشروع كبير ممول يحمل عنوان: “تغيير المفاهيم” ويهدف بالأساس إلى قبول وتمرير ما يمكن أن يغير مفاهيم شعوب المنطقة للعنصر اليهودى، والإسرائيلى، والتمهيد للقبول الشعبى له والتطبيع معه، وذلك عبر نشر ثقافة مغايرة تعتمد على قيم كاذبة، كقبول الآخر مثلا، وإماطة كراهية المصريين لجرائم إسرائيل، إلى أخره، ولن يكون هذا إلا من خلال الإعلام “البديل” الذى يتولاه ويموله رجال أعمال ترتبط مصالحهم بأمريكا والغرب، لأن الإعلام القومى سوف يرفض هذا ويقاومه إدراكا منه للتاريخ والواقع ومصالح الدولة العليا.
بعبارة أخرى الإعلام الذى خطط لنشره وسعى إليه هاشم قاسم ومن معه من رجال الأعمال الذين يستثمرون فى التوكيلات الأمريكية المشروطة بتوجيه جزء من أرباحها للتخديم على ثقافة تغيير المفاهيم والتطبيع، التى تساعد على تمرير المشروع الصهيونى والتسلل اليهودى للمجتمعات العربية.

مرة أخرى كان لهشام قاسم دور كبير فى تنفيذ مخطط إحلال إعلام بديل للإعلام القومى لتجريد الدولة المصرية من سلاحها الذى تدافع به عن مصالحها العليا.
وكان البنك الدولى يدعم هذا “القضاء على الصحافة القومية” بدعوى أنها تكلف الدولة أموالا من ميزانيتها، وأن هذا يمثل عوارا اقتصاديا، وكان هذا موضوع المائدة المستديرة التى اجتمعنا عليها فى الجامعة الأمريكية.
والذى أصر على دعوتى المصرى الوطنى الذى كان متابعا جيدا لما أكتبه فى مجلة “أكتوبر” حتى من قبل يناير 2011 بسنوات أحذر وأنبه لما يراد بمصر ، واسمحوا لى أن احجب اسمه لأننى لا أعرف عنه شيئا منذ مدة، هذا الشخص الذى أدار أعمال المائدة، قصد أن يترك لى التعقيب على المتحدثين لنهاية الجلسة، وقد كان.
وتحدثت فبدأت بمواجهة الحضور ساخرا من يقينهم الكاذب فقلت: “أرى فى هذه القاعة من الإخوة الليبراليين الجدد يقينا لا يضاهيه إلا يقين الإخوان المسلمين، القابعين فى ميدان التحرير”.. قلت هذا لأن حواراتهم لم تكن لتترك مجالا للمناقشة، ولا للتباحث” ، وواجهتم بمخططهم مؤكدا أن وسائل إعلامهم البديل وصحفهم هى التى سحبت من رصيد الصحافة والإعلام القومى، خبراته وكوادره، حين أغرتهم بالمال، وتوجهت للتخديم على أجندات غريبة بدعاوى الديموقراطية ونشر السلام، وقبول الآخر، وحقوق الإنسان، مستعينة بعمل الدبلوماسية الموازية.

وللحديث بقية

اقرأ أيضا للكاتب:

عاطف عبد الغنى يكتب: عودة «أبو أجندة»

زر الذهاب إلى الأعلى