رفعت رشاد يكتب: ثمن الخير

بيان

“خير” كلمة من 3 حروف يمكن للكتّاب أن يؤلفوا فى معناها مجلدات.. وصاحب هذا المقال الكاتب الكبير رفعت رشاد يؤكد هذا فى مفتتح مقاله: “ليس من السهل أن نناقشها فى مقال صحفى” لكنه حاول فنال أجر الاجتهاد، وامتع القارىء بمقاله.. اقرأ المقال التالى المنشور فى صحيفة “الوطن” ونعيد فى التالى نشره.

قضية ممتدة منذ بدايات التاريخ وهى لب الأديان والفكر الإصلاحى. لكن ما الخير؟. لم يصل أحد إلى تعريف جامع مانع للخير، فهل هو الفضيلة؟ إذن ما الفضيلة؟ هل هو الأخلاق الحميدة؟ إذن ما الأخلاق الحميدة؟. مسائل خلافية فلسفية ودينية ليس من السهل أن نناقشها فى مقال صحفى.

يرى بعض الفلاسفة والمفكرين أن الخير هو كل ما يسبّب اللذة ويقلل الألم، اللذة التى لا ترتبط بالمادة، كأن يشعر الإنسان بالسرور وراحة البال لأمر تحقق، كأن يكون قد نجح فى مهمة أو فى عمل أو رُزق شيئاً.

لكنهم وضعوا شرطاً للذة التى يحصل عليها من يشعر بالخير، أن تكون اللذة بريئة تأتى بطرق مهذبة لا شر فيها.

كنا مجموعة من الأصدقاء فى جلسة ودية فى انتظار اثنين منا قادمين من المسجد بعد أن يؤديا الصلاة. جاء أحدهما وتأخر الآخر. فسألنا مَن قدم أولاً أين فلان؟ فقال إنه يريد أن يجمع قدراً أكبر من الحسنات، فقرر أن يصلى صلوات أخرى إضافية.

فتحت كلماته باب النقاش حول الرغبة فى الحصول على رضا الله ودخول الجنة وهل يرتبط فعل الخير أو الصلاة بضرورة الحصول على مقابل، أى هل تصلى وتزيد فى الصلاة للرغبة فى الحصول على حسنات أكثر أم يمكن أن تفعل ذلك فقط لأنك ترغب فى فعل الخير؟.

أحدهم قال: إن الأديان تحض على فعل الخير وتُمنّى الفرد بالحصول على مقابل ما يفعل حتى تسود الأخلاق والفضيلة المجتمعات.

سأل أحدهم: هل يشترط أن نفعل الخير فقط لكى نحصل على مقابل فى الآخرة؟.

تدّخل صديق قارئ للفلسفة فقال: إن الفلاسفة حضوا على فعل الخير لسلوك مجرد، يمارسه الإنسان كفضيلة تناسب سعيه إلى الرقى، ويشترط أن يكون ذلك بدون انتظار لمقابل من أى نوع، فلو كان أحدنا يسير بجوار النهر ووجد شخصاً على وشك الغرق، أليس من المحتم أن يحاول إنقاذه؟ وهل فى هذا الوقت يفكر فى المقابل الذى سيحصل عليه لو أنقذه؟ ولو كان الشخص المعرض للغرق من الأشرار ويعرف ذلك، فهل يجوز إنقاذه؟ أم يتركه لمصيره فربما يخلص الناس من شروره؟ وهل سيحرص المنقذ على أن يحصل على مقابل من الحسنات مقابل جهده ودوره أم سيقنع ويرضى بممارسته الأخلاق والفضيلة؟

كم هى ممتعة المناقشات التى ترتبط بالكليات من القضايا.

وكم من الممتع العصف بين عقول تختلف فى رؤاها، لكنها تبحث عن الحقيقة التى لم يصل إليها أحد أبداً.

إن كلمة الخير وما تتركه من معانٍ فى أذهان الناس هى أكثر الكلمات التى يتمناها البشر بدءاً من صباح الخير وحتى مساء الخير وما بينهما من تمنيات بالخير لكل من نحب مثل: «ربنا يكتب لك الخير، اللهم اجعله خيراً، لعله خير، ربنا يجعل على إيديك الخير، قدمه أو قدمها خير».

وما زالت المناقشات مستمرة وسوف تظل كذلك، فالخير كلية كبيرة من كليات قضايا الإنسان. أتمنى لكم جميعاً الخير.

اقرأ أيضا للكاتب:

رفعت رشاد يكتب: الرئيس السيسي.. الاختيار بموضوعية

رفعت رشاد يكتب: حرب البقدونس

زر الذهاب إلى الأعلى