رفعت رشاد يكتب: فهلوة الإعلانات

بيان

الإعلان فن ، له قواعد ونظريات وأصول ، لكنه عند فئة من المشتغلين به فى بلادنا يعتمد على الفهلوة ، كما يؤكد الكاتب الكبير رفعت رشاد فى مقاله التالى ويكشف أساليبهم وألاعيبهم ، المقال منشور فى صحيفة “الوطن” ونعيد هنا نشره:

اقرأ للكاتب أيضا.. رفعت رشاد يكتب: سلامة موسى التنويري الطليعي

من أمتع فنون الميديا، فن الإعلان. عندما أسافر للخارج أقتطع من وقتي نسبة لا بأس بها لمشاهدة الإعلانات خاصة التلفزيونية التي لا تقل في إمتاعها عن السينما. تتميز الإعلانات بالخفة والرشاقة لأنها لا تستغرق كثيرا، فثوان منها كافية بتوصيل الرسالة المطلوبة وهذا في ذاته إبداع من القائمين على الإعلانات. النسبة الأكبر من قبول الإعلان في مصداقيته وكلما زادت هذه النسبة مع استخدام فنون وعلوم مخاطبة اللاوعي لدى الإنسان فإن الإعلان يحقق نجاحا.
ولا ينجح الإعلان بمفرده أو يجلب العملاء تلقائيا، بل ينبغي استكمال خطوات نجاحه من خلال المبيعات والتسويق فالمزيج التسويقي يجب أن يكتمل.
في مصر يتبع أصحاب الشركات طرقا فهلوية للإعلان عن منتجاتهم ويبدعون في الفهلوة فيما يتعلق بالمبيعات. سأعطي نماذج من إعلانات الشركات التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي.
تجد شركة ما تعلن عن بيع وحدات سكنية فيلات أو شقق، وبغض النظر عن الأسعار ” الخزعبلية ” غير المفهومة التي لا يسهل استيعاب مبرراتها وقبول أسانيدها، فإن الإعلان يطلب منك تسجيل بياناتك ويطلب منك بعد تسجيل البيانات أن توافق على أن تستخدمها الشركة كما يحلو لها !!
ولا أعرف ما الداعي لتسجيل بيانات شخصية مهمة لمجرد الاستفسار عن السعر وطريقة التقسيط أو السداد، أم أن هذه الإعلانات ليست حقيقية وأن الهدف جمع البيانات ؟.
بعض الناس يدخل ليطلب : السعر وطريقة السداد.. فيرد مندوب المعلن : يتم الرد على الخاص.. أو يتم الرد على الواتس آب !! لماذا لا يتم الرد على الملأ ؟ هل هو سر ؟ وإذا كان سرا، فلماذا يتم الرد من الأصل ؟.
عندما أقرأ فحوى مثل هذا الإعلان وما يشبهه أتجاوزه لأني أشم فيه رائحة نصب، ورغم أنني أعرف قليلا عن الإعلان وفنونه إلا أنني لا أعرف أن المعلن يفضل أن يكون غامضا معتقدا أن هذه الفهلوة أكثر نجاحا في جذب العملاء، وأؤكد لهؤلاء الفهلوية أنكم تخسرون ما يزيد على 70% من العملاء الذي يمكن أن يشاهدوا ويتفاعلوا مع إعلانكم لو أنكم أتحتم البيانات والمعلومات كاملة عن منتجاتكم.
هل يقصدون ” جر رجل ” الزبون ؟ هل ينصبون له فخا ؟ هل يبيعون لكل واحد بسعر مختلف ؟. في كل الأحوال هي طريقة تشوبها شوائب الاستغلال والنصب.
شاهدت إعلانا عن عقارات فدخلت أسأل، فطلب مني الموظف الذي يرد علي من وراء حجب أن أحدد المنطقة والمساحة والسعر !! تفهمت ان أحدد المنطقة والمساحة لكن كيف أحدد السعر ؟ من مصلحتى أن يكون السعر معقولا، لكن مندوب المبيعات وهو بنسبة كبيرة لم يعرف أي نوع من التدريب ” يستنصح ” ويعرف من الزبون مدى إمكانياته فيلعب على محيط هذا السعر، أي أن الشركة لا تلتزم بسعر واحد معلن محترم كما في العالم وإنما تتلاعب بالسعر بالفهلوة فيبيع لهذا بسعر ويبيع لذاك بسعر آخر، وهنا أسأل عن جدوى جهاز حماية المستهلك، أين هذا الجهاز مما يدور ؟ هل ينتظر وصول شكوى ؟ ولماذا لا يبادر الجهاز بمتابعة مثل هذه الموضوعات ومحاسبة مرتكبيها ؟.يمكن أن تكون حياتنا أجمل وأمورنا أفضل لكن الجشع والطمع يفسدان كل شئ، فلا ذمة ولا أمانة وإنما فهلوة لكسب المال.. فقط المال.

زر الذهاب إلى الأعلى