أسماء خليل تكتب: كن حازما

بيان
ربما يعتقد البعض أن الحزم قد يتعارض مع الإنسانية، وربما يضيعون فُرصًا أو يتراجعون في السباق للحاق بركب التقدم؛ بسبب تيقنهم أن الحزم والإنسانية لا يتزامنان معًا، بينما العكس هو الصحيح.

إن التهاون والتخاذل في التعامل مع المحيطين هو ما يجعل الإنسانية مُهددة، فمن خلال جميع التجارب البشرية إذا كان لك حقوقًا، ولم تكن حازمًا في طلبها؛ ربما لم تأتِ إليك مُطلقًا، فما هو رد فعلك حينما تسمع حكاية فتيات ظلمهن أخيهن بالإرث، وقلن إنه أخونا لا بأس؟!..هل هذا تصرف منضبط؟!..هل يترك الناس حقوقهم وإلا يكونوا مكروهين؟!..

إذا لم يكن المسؤول حازمًا؛ فلن يتم إنجاز الأعمال، فالنفس بطبيعتها تميل إلى الاسترخاء والراحة، وسيجد صاحب العمل عمله غير تام، وستكون الأمور غير منضبطة وسيعم الإهمال الفوضى كل العمل.

وليس معنى ذلك أن يكن ولي الأمر مُتعجرفًا أو رافعًا صوته مُتعصبًا؛ فما زاد الرفق شيئًا إلا زانه وما انتُزِع من شيءٍ إلا شانه، كما علم الرسول- صلى الله عليه وسلم- البشرية، ولكن تُعالَج أمور الدنيا بين الحزم والعطف.

ما حال التربية اليوم دونما حزم؟.. إنها أصبحت بعيدة عن الإنسانية، فأن تُقدم للعالم أبناءً لا مسؤولين ولا يستطيعون التفريق بين الصحيح الخاطئ؛ يُعد أكبر جُرم في حق الإنسانية، فكل شيء لديهم سواء، إنهم لا يعرفون سوى تعبيرات وجوه واحدة غير مفهومة، فلا يعرفون كيف ينجزون أعمالهم، بردود الأفعال وتعبيرات الوجوه كلها حانية.

ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عِبرة؛ فقد كان يُعلق السوط في بيته على الحائط ولم يضرب أحدًا قط، ولكن السوط كان فقط للدلالة على الحزم في الأمر.

حينما تظلم غيرك بعدم توجيهه للصواب اعتقادًا أن الحزم ليس من الإنسانية؛ فأنت تُضيع من تعول إذا كنت أبًا، وتضيع مرؤسيك إذا كنت مُديرًا، وتضيع شعبك إذا كنت مسؤولًا، فحينما يربت الرب- بشكل دائم- على من هو مسؤول عنهم؛ سيغيب الأمن وربما تجتاح الميليشيات العالم وتحل محل القانون.

كن حازمًا ..ولا تتمايل فتحيد عن الطريق المستقيم.. كن حازمًا من أجل من تحب.. إذا أشفقت على موظفك رفقا بحاله؛ فلن يستيقظ مبكرًا ويتقدم في عمله.. وإذا اعتقدت أنه من الرحمة أن تجعل ابنك لا يستذكر دروسه لأنه صغير؛ فلن ينجح وسيصبح مُتخلفًا عن الصف.. وإذا أشفقت على أمك من مرارة الدواء ولم تعطِهِ لها؛ فسوف تموت.

كن مسؤولًا وفَعِّلْ دورك بالمجتمع..بل كن حازمًا.

اقرأ أيضا للكاتبة:

أسماء خليل تكتب: التسويف والحياة

أسماء خليل تكتب: زمن الهوانم

زر الذهاب إلى الأعلى