وول ستريت جورنال: أمريكا تخشى التورط فى حرب غزة

ترجمة: أشرف التهامي

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية The Wall Street Journal، إن المسؤولين في إدارة بايدن يفكرون بروية في إمكانية دفع الجيش الأميركي للتدخل لإنقاذ إسرائيل بما ينذر بالتحول إلى نزاع إقليمي واسع، حسب الصحيفة.

وأضافت الصحيفة فى تقرير لها أنه في الوقت الذي يدك فيه الكيان الصهيوني غزة بغارات انتقامية عقب هجمات المقاومة الفلسطينية التي نفذت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

وطار أنطوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، إلى إسرائيل يوم الأربعاء الماضي لينفذ مهمة ذات شقين، هدفها إظهار الدعم الأميركي للكيان الصهيوني المؤقت وحشد الحلفاء في المنطقة وتشجيعهم للضغط على حماس حتى تطلق سراح الرهائن الذين أسرهم مقاتلوها خلال الهجمات، إذ يعتقد بأن هنالك عددا لم يحدد بشكل نهائي بعد من الأميركيين (حسب ما تدعيه أمريكا) بين العشرات من الرهائن الذين أسرتهم حماس في هجومها الذي قتل فيه زهاء 1200 إسراءيلى، و22 أميركياً، بعضهم يحملون جنسيتين.

ردع حزب الله

وحسب الصحيفة ، يأتى هذا في الوقت الذي تبحث فيه الإدارة الأميركية عن تحقيق تقدم دبلوماسي لإنهاء القتال ولتأمين ممر آمن للمدنيين في غزة، تمزج الدبلوماسية باستعراض العضلات على المستوى العسكري، في محاولة لمنع انتشار النزاع وتوسعه، وبالتالي منع تورط الولايات المتحدة بشكل أكبر فيه.

ووصلت أول أمس يو إس إس جيرالد ر. فورد وهي حاملة للطائرات من بين حاملتين نشرتهما الولايات المتحدة في المنطقة، إلى البحر المتوسط بالقرب من الكيان الصهيوني المؤقت خلال هذا الأسبوع بحسب ما أعلنه المسؤولون، وذلك لردع حزب الله في لبنان وغيره من العناصر الفاعلة التي تتسم بالأيدلوجية نفسها، ولمنعهم من الانضمام لهذا النزاع.

قال جون كيربي الناطق الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في مؤتمر صحفي عقد يوم الأربعاء: “لا نريد رؤية هذا النزاع وهو يتوسع أكثر مما كان عليه في السابق، فإسرائيل تركز على حماس وهذا من حقها، إلا أن فتح جبهات أخرى معها سيؤدي إلى ظهور سيناريو سيئ كما هو واضح”.

وواصلت الصحيفة: إن احتمال قيام اجتياح واسع النطاق في الشمال على يد مقاتلي حزب الله المدعوم إيرانياً، من بين السيناريوهات المطروحة والتي يمكن أن تؤدي إلى إطلاق العنان للقوة النارية الأميركية، وذلك بحسب ما أعلنه مسؤولون أميركيون خلال هذا الأسبوع.

وحتى الآن، تبادل حزب الله إطلاق النار مع إسرائيل كان بشكل متقطع ، بيد أن تنسيق الهجوم لا بد أن يمثل ضغطاً على جيش إسرائيل ، ويهدد قدرته في التركيز على ما يتوقع كثيرون أن يتحول إلى معركة برية طاحنة هدفها تطهير غزة من حماس، حسب الصحيفة.

كما يمكن لاشتباكات أخرى بين الفلسطينيين وقوات أمن إسرائيل، في الضفة الغربية حيث تصاعد التوتر بعد توسع الكيان الصهيوني المؤقت في بناء المستوطنات، أن يزيد من الضريبة التي سيتحملها جيش إسرائيل.

الأميركيون في فلسطين

قد تحتاج عملية إخراج المواطنين الأميركيين من إسرائيل، أو غزة إلى دعم عسكري أميركي، بسبب الخطورة التي تكتنف العمليات من هذا القبيل، كما أن الإدارة الأميركية لا تستبعد تقديم المساعدة في عمليات الإنقاذ التي تسعى لتحرير الرهائن.

ويقدر عدد المواطنين الأميركيين الذين يعيشون في غزة بنحو 500 إلى 600، وبعضهم يبحث عن مخرج آمن، وذلك يشمل الخروج عبر الحدود مع مصر، بحسب ما أورده مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية.

وأعلنت الإدارة الأميركية أنها لا تعتزم إرسال قوات برية أميركية إلى إسرائيل أو غزة لدعم جهود الحرب، إذ ذكر كيربي يوم الأربعاء الماضي أن الإدارة لم تتخذ أي قرار بشأن تقديم المساعدة بهدف تحرير الأسرى، وأشار إلى عدم وجود أي معلومات موثوقة بشأن وضعهم الصحي أو المكان الذي يحتجزون فيه.

لا حرب أبدية يخوضها الجيش الأميركي بعد اليوم

وعلى الرغم من أن هدف التدخل الأميركي هو منع توسع النزاع، إلا أن التدخل يتهدده خطر جر الولايات المتحدة إلى نزاع دموي آخر قد يمتد لفترة طويلة، على الرغم من تعهد بايدن في بداية ولايته بتجنب أي حروب أبدية مستقبلاً، كتلك الحروب التي خاضها الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان.

ولكن في الوقت الذي يتحدث فيه بايدن وكبار مسؤوليه عن الالتزام الأميركي بالكيان الصهيوني المؤقت، ترفض الإدارة الأميركية المخاطرة بموارد إضافية وأرواح بشرية أخرى في نزاع جديد.

وعندما كان نائباً للرئيس اكتسب بايدن خبرة أولية في أخطار التورط الأميركي في الوضع الأمني بالشرق الأوسط، ، وكان حينئذ أحد من عارضوا في واشنطن القرار الذي يقضي بشن غارات جوية على سوريا والعراق وتقديم الدعم للقوات العراقية التي دمرتها معركة خاطفة نفذها تنظيم الدولة الإرهابي في عام 2014.

وحتى ذلك الحين، كانت الإدارة الأميركية التي يترأسها أوباما قد قلصت وجودها العسكري في العراق.

طالع المزيد:

نيويورك تايمز: حرب غزة توحد المسلمين الأمريكيين في حالة من الغضب والحزن

ثمة أمر آخر قد يكون مقلقاً لإدارة بايدن، وهو ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين في غزة، إذ أعلن بايدن عن مقارنته بين حماس واستهدافها للمدنيين، وضبط النفس الذي تمارسه الولايات المتحدة ، وإسرائيل للحد من الضحايا بين صفوف العزل وذلك خلال حديثه مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء الماضي، والذي قال فيه أيضاً: “نلتزم بقوانين الحرب، لأن قانون الحرب يهمنا، وهنالك فرق واضح”.
ويوم الأربعاء الماضي، تحدث بايدن أيضاً مع رئيس الإمارات محمد بن زايد حول الحاجة لإبعاد أطراف أخرى عن استغلال النزاع الحالي مع تأمين المساعدات الإنسانية بحسب ما أعلنه البيت الأبيض.

ارتفاع الكلفة البشرية للحرب

وعند مغادرة بلينكن إسرائيل، متوجهاً إلى الولايات المتحدة، صرح بأنه على يقين بأن إسرائيل ستتخذ كل الاحتياطات اللازمة، في أي عملية عسكرية تستهدف بها غزة.

إلا أن عدداً من المنظمات الإنسانية، بينها منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني، أعلنت عن سقوط ضحايا بين صفوف العاملين لديها هي أيضاً يوم الأربعاء الماضي.

وفي إحاطة قدمتها منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء، أعلنت عن توثيقها لسبع وثلاثين هجمة على المرافق الصحية وعلى سيارات الإسعاف تسببت بمقتل ستة من الكوادر الطبية.

ومنذ بدء الهجوم الأسبوع الماضي قتل تسعة موظفين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة ، وذلك بحسب ما أعلنته وكالة الغوث يوم الأربعاء.

نقاشات مع الحكومة المصرية

وعلى الرغم من أن جدول بلينكن الرسمي للأعمال اعتباراً من يوم الأربعاء، حتم عليه السفر إلى إسرائيل ومنها إلى الأردن، إلا أن المسؤولين الأميركيين ذكروا بأن رحلته قد تطول حتى يحشد الدعم من قبل الحلفاء الآخرين، إذ بعد محاولة أعداد كبيرة من أهالي غزة الفرار من القصف، أعلن مسؤولون أميركيون عن خوضهم فى نقاشات مع الحكومة المصرية لفتح معبر رفح الحدودي مع غزة.

وبما أن القاهرة عارضت  فكرة فتح المعبر والسماح لأعداد كبيرة من الغزاويين بدخول مصر بحسب ما أعلنه مسؤولون في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، ماتزال المباحثات جارية بهذا الشأن، حتى بين مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل.

ولدى مصر مخاوف بعيدة المدى بشأن نشاط المقاتلين في شبه جزيرة سيناء المتاخمة لغزة، بما أن هذه المنطقة سبق أن شهدت نزاعاً حامي الوطيس في الحروب التي خاضتها مصر ضد الكيان الصهيوني المؤقت.

وفي الوقت الذي استخدمت فيه القاهرة نفوذها مع مقاتلي حماس لتسهم في الوساطة الأميركية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في عام 2021، أعربت عن شديد قلقها وحذرها تجاه تلك الجماعة المقاتلة، كما أغلقت حدودها مع غزة لمنع المقاتلين من التسلل إلى سيناء.

ثمة شركاء آخرون للولايات المتحدة ممن لديهم خطوط تواصل مع حماس، وعلى رأسهم قطر وتركيا، ولهذا أجرى بلينكن اتصالات عديدة مع نظيريه في كلتا الدولتين طلب خلالها المساعدة في تأمين عملية تحرير الرهائن.

………………………………………
المصدر: The Wall Street Journal

زر الذهاب إلى الأعلى