د. هاني الجمل يكتب: صمود غزة وثوابت القاهرة

بيان
إلى أين تتجه الأمور في غزة، ومتى ستدخل المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء الفلسطينيين، وما الهدف من زيارة ريشي سوناك للقاهرة بعد تصريحاته المخجلة والمستفزة للعرب في تل أبيب؟
لن نتوقف كثيراً أمام تصريحات رئيس الوزراء البريطاني – الهندي الأصل – بعد أن قال ببجاحة ” سنقف إلى جانب إسرائيل في أحلك أوقاتها”، فذلك هو ديدن الغرب الذي ينظر للفلسطينيين على أنهم مجرمو حرب وقتلة للأطفال، وليسوا مناضلين يدافعون عن وطنهم المغتصب.

ولا أعرف ماذا سيقول سوناك بالقاهرة – والذي تسبب سلفه بلفور في نكبة فلسطين – وهل سيغير لهجته خاصة أن الرئيس السيسي كان واضحاً وحازماً في التعبير عن موقف مصر من القضية الفلسطينية ورفضه القاطع لسياسة التهجير الإسرائيلية في سيناء، وهو مخطط موضوع سلفاً ضمن ما يعرف بصفقة القرن.

ورغم قتامة الصورة والخوف والحذر من مقبل الأيام، خاصة مع الاجتياح الإسرائيلي المتوقع إلى غزة، فإن ما يثلج الصدر هذا الزخم الشعبي الكبير في معظم عواصمنا العربية، تأييداً للحق الفلسطيني والسلام العادل الذي لا يفهمه جنرالات الحرب في إسرائيل.

وكم أثلج صدري أيضاً – كمواطن عربي – تصريح الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الذي شدد خلال فعاليات قمة الخليج- آسيا، على ضرورة تهيئة الظروف لعودة الاستقرار والوصول لحل عادل وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، ووقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية، وهي تصريحات تختلف كثيراً عما صرّح به من قبل حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

والرؤية الأخيرة لولي العهد السعودي تتفق تماماً مع موقف مصر من أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإقامة سلام حقيقي يقوم على وجود دولتين، على حدود 4 يونيو عام 1967، وهو الموقف الذي أكّده غير مرة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كل اتصالاته مع زعماء العالم، بما فيهم الأمريكي بايدن، والبريطاني سوناك والألماني شولتس وغيرهم من قادة العالم.

بل ذهب الرئيس السيسي ليشدد على استعداد مصر للقيام بأي جهد من أجل استئناف عملية سلام حقيقية، ومن هنا جاءت دعوته لكل الأطراف المعنية لعقد قمة إقليمية بالقاهرة، لتحديد مستقبل القضية الفلسطينية.

هذا هو موقف مصر التي قدّمت كل غال ونفيس من أجل القضية الفلسطينية، وهو الموقف الذي ثمّنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الذي أكّد من أمام معبر رفح أن مصر هي العمود الأساسي التي ستوفر الأمل لهذا الجانب، والأمل في نقل شاحنات الإغاثة الإنسانية لدعم الفلسطينيين في غزة.

ورغم إصرار جنرالات الحرب في إسرائيل على اجتياح غزة بتشجيع من بايدن ورفاقه الغربيين أمثال سوناك وشولتس وغيرهم، ورغم وجود البوارج والحاملات الأمريكية والبريطانية والألمانية في شرق المتوسط، فإن الفلسطينيين في غزة والضفة مصممون على المواجهة وتحرير أرضهم وتلقين نتنياهو درساً آخر.

فشباب الانتفاضة الأولى والثانية قد أصبح جيشاً قادراً على أن يهز أركان إسرائيل ويهدد أمنها، ليؤكد للعالم أنه لن يرحل عن وطنه مهما كان الثمن غالياً.

بقي أن نشير إلى أن “قمة القاهرة للسلام”، التي تنطلق خلال ساعات بالعاصمة الإدارية ربما تكون الخطوة الأخيرة لوقف الحرب والانطلاق إلى آفاق أكبر للسلام، إذا رغبت تل أبيب ومن يساندها من العواصم الغربية في تحقيق ذلك وتجنب إراقة الدماء.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. هاني الجمل يكتب: بايدن ونتنياهو والتتار الجديد

د. هاني الجمل يكتب: مصر والعبور الأهم

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى