القس بولا فؤاد رياض يكتب: الدور الوطني للكنيسة القبطية في حرب أكتوبر المجيدة

بيان
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رمز من رموز الوطنية المصرية. لعبت دورًا وطنيًا بالغ الأهمية في حرب السادس من أكتوبر، يُسَجَل لها بأحرف من نور على مر التاريخ.

وهذا ليس بالأمر الغريب، فالكنيسة طوال تاريخها المجيد تُسابق الخطى لتكون دائمًا داعمة وبقوة للدولة المصرية في جميع الظروف لا سيما الأصعب، وكانت ولا تزال سندًا ونبراسًا للشعب المصري – مسلميه ومسيحييه – لتعمل على تقوية العزيمة، وتحقيق الإصرار لدى أبناء الوطن الواحد في مواجهة الصعاب والمحن.

نتذكر رسائل قداسة البابا شنودة الثالث للجنود البواسل وللشعب المصري وإليكم نص الرسالة للتذكرة وأخذ العبرة.

“إننا لا نخوض حربًا عدوانية، ولا نعتدي على أملاك أحد، بل إننا نحارب داخل أراضينا دفاعا عنها. لهذا فإن بلادنا تحارب بضمير وبقلب نقي. بل إنها كسبت إلى جوارها ضمير العالم غير المتحيز المحب للعدل، إن سيناء لم تكن يومًا موطنًا لإسرائيل، بل على العكس أرض متاهة، ومكان تأديب، فعندما خرج بنو إسرائيل من مصر يقول الكتاب المقدس أن الله شاء أن يتوهوا في برية سيناء، وقضوا أربعين سنة حتى مات كل المتمردين والعصاة، ولم يبقى من بني إسرائيل سوى إثنين، فأرض سيناء هي التي شهدت العجل الذهبي الذي صنعه بني إسرائيل، وسجدوا له، وقدموا له الذبائح، وهكذا نجسوا الصحراء النقية بعبادة الأوثان، وأرض سيناء شهدت أيضا تذمر بني إسرائيل على الرب من أجل الطعام والشراب، وبكوا وقالوا من يُطعمنا لحما؟ بل تمردوا على موسى وهارون وأرادوا أن يرجموهما في سيناء”.
أيضا زار البابا شنودة الجبهة ليشجع الجنود وللاطمئنان على القوات المصرية على الحدود. وكانت كلماته بمثابة دعم معنوي للجنود والضباط الذين شاركوا في الحرب.
حاولت الكنيسة أن تدعم الجيش المصري بكل ما تملك فكانت تجمع التبرعات وتضعها بين يدي القوات المسلحة لدعم القوات.

الدور الدبلوماسي للكنيسة:

فقد كانت تُحث أقباط المهجر على دعم الموقف المصري وعدم الانصياع لما يتردد. وبالفعل تمكن أقباط المهجر من أن يكون لهم صوت مسموع أمام العالم الخارجي.
دعت الكنيسة الرهبان والراهبات والأطباء المسيحين للتطوع في العمل الميداني بالتمريض لمساعدة قواتنا المسلحة أثناء الحرب وكانت استجابة الأقباط سريعة لنداء الكنيسة لهم، وحثها للتحرك والوقوف بجانب جيشهم ودعم المجهود الحربي.

شهداء أقباط في حرب أكتوبر:

أول شهيد قبطي في حرب أكتوبر هو شفيق متري سدراك، وهو من القيادات الكبيرة في حرب أكتوبر. تمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها، ولكنه جاد بروحه الطاهرة في يوم ٩ اكتوبر لعام ١٩٧٣ وهو يقاتل مع رجاله داخل عمق بلغ مداه ما يقرب من ١٤ كيلومتر في سيناء.

وهو أول بطل كرم أسمه الرئيس السادات في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح ١٩ فبراير لعام ١٩٧٤ إكبارا وتكريمًا لسيرته العسكرية وكفاءته القتالية.
عائلة قبطية قدمت أرواح ثلاثة أبطال دافعوا عن تراب مصر وهم:
١- اللواء طيار وصفي بشارة بالقوات الجوية
٢- اللواء كمال بشارة بسلاح المدفعية
٣- العميد مجدي بشارة كان من أبطال سلاح الدفاع الجوي في حرب الاستنزاف، ومعاركها الشرسة منذ عام ١٩٦٨ حتى عام ١٩٧٠، ومعركة الجزيرة الخضراء بخليج السويس قائدًا للفوج ٦٣ مدفعية مضادة للطائرات. وفي حرب أكتوبر لعام ١٩٧٣ بمنطقة فايد كان قائد الكتيبة ٥٧٢ صواريخ دفاع جوي سام ٣ وكبّد العدو خسائر فادحة.
ويوجد الكثير من الشهداء ليس مجال سرد اسمائهم تفصيلاً.
ونذكر أيضا أقباطا من أبطال أكتوبر منهم على سبيل المثال وليس الحصر:
اللواء باقي ذكي يوسف رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني في حرب أكتوبر صاحب فكرة إحداث ثغرات في الساتر الترابي المنيع المعروف بخط بارليف والتي كانت بداية تحقيق الانتصار بواسطة استخدام خراطيم المياه.
اللواء فؤاد عزيز غالي الذي قال عنه الفريق أحمد إسماعيل “مكتوبا على جبهتك القنطرة ولن أتركك حتى تحررها” وفقد فعلها البطل وحرر مدينة القنطرة، ودمر أقوى حصون خط بارليف. ويعتبر أكبر نصر حققه الجيش المصري هو انتصار لواء المشاة الذي كان يقوده الفريق فؤاد عزيز غالي ليُصبح بعدها أول قبطي يصل لمنصب قائد جيش ميداني تقديرا لمكانته العسكرية وقدراته. وقد قام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريمه بإطلاق اسمه على أحد أنفاق التجمع الخامس.
نتذكر كل من شاركوا في حرب أكتوبر المجيدة ومنهم المتنيح الأنبا لوكاس أسقف أبنوب وكان أحد أبطال نصر أكتوبر حيث كان جنديا في سلاح الدفاع الجوي بالجيش الثالث الميداني.
ونتذكر عميد مهندس رؤوف صبحي سرور (حاليا القس حنانيا صبحي) أطال الله عمره ومتعه بالصحة وقد كان من أبطال القوات الجوية في حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر المجيدة.
اللواء فكري بباوي الذي أُصيب إصابة بالغة فهرع إليه زملاؤه المسلمون ومنهم محمد مصيلحي وزكريا عامر ورفضوا أن يتركوه فريسة للموت، وأصروا على أن يحملوه ويسيروا به وسط قصف الطائرات، مُضحين بأنفسهم من أجله، وحملوه لمسافة ثلاث كيلومترات حتى وصلوا به إلى موقع الإسعاف.
نستطيع أن نقول إن حرب أكتوبر المجيدة وحدت أبناء الوطن الواحد دفاعا عن التراب المقدس. فرصاصات العدو الغادرة لم تُميز بين مسيحي ومسلم، ولكنها كانت موجهة إلى الجندي المصري الذي كان يدافع ببسالة عن تحرير تراب الوطن.
فنتذكر الشهداء ومنهم عميد صاعقة إبراهيم الرفاعي قائد المجموعة ٣٩ التي نفذت أكثر من ٧٢ عملية فدائية خلف خطوط العدو ما بين سنة ١٩٦٧ وسنة ١٩٧٣.
ولا ننسى في ملحمة أكتوبر المجيدة المرحوم العريف النوبي أحمد إدريس صاحب فكرة استخدام الشفرة النوبية التي كان لها أثر مباشر في تحقيق النصر.
نستطيع أن نفتخر بجيش بلادنا البطل الأبي العظيم رحم الله شهدائنا الأبطال، وحمى مصر الغالية شعبًا عظيمًا، ورئيسًا مخلصًا أمينًا، فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كل عام ومصر جميعها بخير بمناسبة اليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر العظيمة.
علينا أن نستلهم روح أكتوبر- روح الإصرار والعزيمة- لبناء الجمهورية الجديدة بالعرق والكفاح والإخلاص والتفاني.

………………………………………………………………
كاتب المقال: كاهن كنيسة مارجرجس المطرية القاهر

اقرأ أيضا للكاتب:

القس بولا فؤاد رياض يكتب: عيد النيروز

القس بولا فؤاد رياض يكتب: من مصر دعوت ابني

زر الذهاب إلى الأعلى