عاطف عبد الغنى يكتب: من بحر البقر إلى المستشفى المعمدانى

بيان

ضرب المدنيين لإحداث تأثير شعبى ضاغط على القيادات السياسية، والعسكرية، إضافة إلى الانتقام المبالغ فيه لتخويف العدو، فى حالة عجز القدرة على الوصول لأهداف عسكرية، هو تكتيك إسرائيلى ليس بجديد.
فى حرب الاستنزاف، عندما أوجعت العمليات النوعية للجيش المصرى الإسرائليين خاصة وأنها كانت تتم خلف خطوطهم، وفى العمق من سيناء المحتلة، ردوا بضرب أهداف مدنية، قصفوا مصنع أبو زعبل فى حلوان فى 12 فبراير 1970، وكان وقت القصف به 1300 عامل، قتل منهم 70 وأصيب 69، وحرق المصنع، وبعد أقل من شهرين كرروا الغارة على مدرسة بحر البقر الابتدائية، فى الحسينية بمحافظة الشرقية، وقصفتها طائرات الفانتوم في أبريل 1970، فسقطت 30 زهرة مصرية لم تكد تتفتح، غير عشرات المصابين من الأطفال والعاملين بالمدرسة.
ويعيد التاريخ نفسه خلال الأسبوع المنقضى فى غزة بأكثر من مثال، لعل أفظع هذه الأمثلة وأشنعها ألقاء قتبلة على المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة، لتحصد أرواح أكثر من 500 شهيد فلسطينى، أكثرهم مرضى كانوا يترجون العلاج، فحصدت آلة الشر الجهنمية أرواحهم.
القتل والذبح بلا رحمة ولا هوادة للجوييم (الغرباء)، عقيدة مقدسة تنمو وتنضج عليها الذهنية اليهودية، ويتساوى في هذا الصهاينة الدينيون، الذين يتعبدون بهذه العقيدة، ويتقربون بها لإلههم، أو الليبراليين الذين يحملون اليهودية جنسية وعرق، وتعتنق نفوسهم العنف والكراهية، كميكانيزم للبقاء مقابل الجوييم، الذين يكرهونهم حسب اعتقاد اليهود المطلق، وخاصة أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية.
تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، مترع ومتخم بقصص المذابح المروعة التى جرت على الفلسطنيين، واللبنانيين، والأردنيين، والمصريين، وغيرهم، ارتكبها اليهود، وهم أنفسهم كشفوا عن بعضها وأخفوا كثير، ولم يفرجوا عن أرشيف الدولة الذى يوثّق هذه المذابح حتى لا يفضحوا أنفسهم أمام العالم، ويحرجوا اصدقائهم، وخاصة الأمريكان.
قلت لصديق مصرى يعيش فى أحدى الدول الأوروبية، ابحث عن فيلم “روح شاكيد” على “الأنترنت” وشاهد ماذا فعلوا فى حرب 67 بالجنود المصريين، وكانت نصيحتى له جزء من ردى عليه وهو يشتكى أن متطرف داعشى ارتكب جريمة فسبب للجاليات العربية حرجا فى هذا البلد الأوروبى، وغيره من بلاد الغرب التى تتعامل مع العرب والمسلمين على قاعدة: “قتل يهودي في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر”.

اقرأ أيضا:

عاطف عبد الغنى يكتب: كنا نظن أننا استرحنا من هذا الهم إلى ما هو أهم

زر الذهاب إلى الأعلى