أشرف التهامي يكتب: طوفان الأقصى يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط

بيان
فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أبطلت المقاومة الفلسطينية المحاصرة بظرف ساعات كل مزاعم العدو الإسرائيلي، وكشفت أن مقولة “إسرائيل التي لا تقهر” ليست سوى وهم وزيف.

جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتباغت إسرائيل بكل أجهزتها العسكرية والأمنية، ولتجد نفسها لأول مرة في موقع المهزوم المنكل به والفاشل المنكسر، هذا على الرغم من كل الدعم الذي تحظى به دوليا.

حدث هذا في الوقت الذي كانت فيه حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة تمارس أقصى أشكال الغطرسة والوحشية وعنفوان التوغل في التنكيل بالفلسطينيين في الضفة الغربية وتنتهك حرمة المقدسات وتتوعد بتغيير خارطة الشرق الاوسط بسايكس بيكو جديد لصالحها.

ولربما اعتمدت حماس على حالة الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي حول سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لزيادة تشتيت انتباه المؤسسة الأمنية.

عملية “الطوفان” وصفت بأنها “نوعية واستراتيجية غير مسبوقة” في تاريخ عمليات المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد اسرائيل، ورد جيش الاحتلال بعملية أطلق عليها “السيوف الحديدية” ضد قطاع غزة، استهدفت المدنيين فى غزة وأدت حتى كتابة هذه السطور إلى ما يزيد على 7 آلاف شهيد فى صفوف الفلسطنيين، غير ألفى مصاب فلسطيني.
كان “طوفان الأقصى” رداً على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى، ومئات المجازر التى ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين الفلسطنيينة.

ولطالما كانت القدرات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية تُصنف على أنها الأفضل في الشرق الأوسط وعلى أنها واحدة من الأفضل في العالم، ولكن ربما استهانت إسرائيل أيضاً بقدرات خصومها، لذلك سجّلت هذه العملية التي نفّذها فصيل مسلّح ضدّ واحد من أعتى جيوش العالم نجاحاً تكتيكياً صدم الكثيرين وترّدت تداعياته على نطاق واسع، وظهرت آثاره على صعيد الأرواح التي زهقت نتيجة الردّ الإسرائيلي الهائج بقوّة هائلة كما كان متوقعاً، كما ظهرت آثاره على صعيد الأطراف والمحادثات التي تأثّرت بهذا الهجوم، والأوهام التي حطّمها.

وكما أسلفنا فأن العامل الأساسي والدافع الذي أجج الغضب الفلسطيني وحرك المقاومة الفلسطينية بقوة دون تردد فهو الظلم المستمرّ الواقع على الفلسطينيين وحالة اليأس التي انتابتهم ا بعد أن محقت إسرائيل كلّ بصيص أمل ينهي احتلالها الجاسم على صدورهم منذ نصف قرن عبر الوسائل الدبلوماسية.

وتخلّت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عن مسرحية التفاوض الهزلية حول إنشاء دولة فلسطينية، حتى أنّها أعلنت صراحةً عزمها حكم الفلسطينيين إلى حكماً ابدياً، مع استمرار حرمانهم من حقوقهم الأساسية وحريتهم.

ولا يقتصر هذا الواقع على قطاع غزة حيث يعيش أكثر من مليونيّ فلسطيني تحت الحصار منذ 15 عاما في أبغض وأكبر سجن مفتوح في العالم، وفي الضفة الغربية، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني في 167 كانتون محاصر، في أوضح تجسيد لنظام الفصل العنصري.

ومع ازدياد حالة اليأس في ظلّ تدهور الأوضاع المعيشيّة، زادت إسرائيل منسوب العنف المستخدم ضد الفلسطينيين إلى مستويات لم تُسجّل منذ الانتفاضة الثانية قبل عقدين.
في غضون ذلك، استفحل النشاط الاستيطاني الذي يقوده اليهود المتطرّفون في الضفة الغربية، حيث واصلوا مصادرة المزيد من الأراضي والتعدّي على القرويين الفلسطينيين الغزّل وقراهم.
وقد ترافق ذلك مع عزل القدس الشرقية عن باقي الأراضي المحتلّة، والطرد الممنهج لسكّانها الفلسطينيين في إطار خطة تهويد القدس
فيما وضع المتطرّفون اليهود الأماكن الأكثر قدسيةً لدى الفلسطينيين نصب أعينهم، حتى أنّ حركة حماس نفسها أعلنت أن عمليتها الأخيرة جاءت ردّاً على الاستفزازات في محيط المسجد الأقصى الذي كان مسرحاً لأعمال استفزازيّة مكثّفة على مدى السنوات الماضية، أحدثها حين اقتحم 800 مستوطن يهودي باحات المسجد الأقصى تحت حماية القوات الإسرائيلية.
بعبارة أخرى، لم يكن هناك ما يلوح في أفق الفلسطينيين إلّا المزيد من الأسى والخسارة، وللأسف الشديد لم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراء للحدّ من معاناتهم.

وفي حين تحوّلت أعمال العنف في قطاع غزة إلى حدث متكرّر يستقطب اهتمام العالم مؤقتاً، لم يصدر عن الغرب أيّ ردّ فعل غير تأييد حقّ جيش الاحتلال “بالدفاع عن نفسه” في وجه السكّان الذين يخضعهم لاحتلاله.
إن عملية “طوفان الأقصى” حققت إنجازات معنوية وأعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث، كما أعادت عملية “طوفان الأقصى” خلط الأوراق لدى الأميركيين والإسرائيليين.

وبقيت كلمة أخيرة نوجهها إلى الشعوب العربية وقاداتها ، ونقول لهم فيها: كونوا على قلب رجل واحد للحفاظ على مكتسبات طوفان الاقصى المبارك. حتى تتأكد سيادتنا في المنطقة على كامل الأراضي العربية دون وجود محتل مختل يغتصب ثرواتها وينهب مقدراتها وتعود الهيبة العربية وكرامة العرب، ونؤكد لكم أن طوفان الأقصى يعيد رسم خارطة المنطقة العربية، بل  الشرق الأوسط بكامله.

اقرأ أيضا للكاتب:

أشرف التهامى يكتب: أمريكا وقعت بالفخ!

أشرف التهامى يكتب: معركة الوعي وفرضية عمل عسكري أمريكي شرق سوريا

زر الذهاب إلى الأعلى