5 سيناريوهات تحدد مصير المجموعات المسلّحة الأجنبية في مناطق المعارضة السورية
تقرير: أشرف التهامي
تقديم
نشر مركز جسور للدراسات والأبحاث السياسية في تقريرا حديثا عن المجموعات الجهادية المسلحة الأجنبية في مناطق المعارضة السورية الإرهابية، استعرض في تقريره تلك المجموعات الجهادية الإرهابية من حيث تاريخ النشأة والقيادة والتكوين والنشاط وما آلت إليه كما افترض عدة فرضيات حول مصير تلك المجموعات الإرهابية بناء” على المعطيات الدولية والإقليمية وكذلك ساحة الصراع السوري، وأليكم فى الآتى التفاصيل:
الموضوع:
بدأ توافد الإرهابيون الأجانب إلى سورية منذ عام 2011 وتوزَّعوا على مختلف مناطق النزاع، فكان توافُدهم إلى مناطق المعارضة بدافع الجهاد؛ حيث ساهموا في تأسيس وتكوين التنظيمات الارهابية، خاصةً جبهة النصرة نهاية عام 2011 وتنظيم داعش الارهابي وفروع تنظيم القاعدة، كما انخرط بعض الأفراد ضِمن فصائل المعارضة المسلّحة الارهابية.
انحسر نشاط المقاتلين الأجانب في مناطق المعارضة بعد عام 2018، ضِمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام الارهابية شمال غرب البلاد، ولا توجد إحصاءات دقيقة حول أعدادهم، إلا أنهم بمجملهم لا يزيدون مع عائلاتهم على 5 آلاف فرد، ينتمون إلى 15دولة على الأقل، كالسعودية وتونس والجزائر والأردن والمغرب ومصر والسودان وكوسوفو وألبانيا والشيشان والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا الشمالية وتركستان الشرقية وفرنسا.
أولاً: أبرز المجموعات الارهابية الأجنبية المسلحة في مناطق المعارضة الارهابية.
تتعدَّد المجموعات المسلّحة في مناطق المعارضة السورية الارهابية، وهي تتركّز في شمال غرب البلاد عموماً، وتربطها علاقة متناقضة مع هيئة تحرير الشام بين التوافُق التا مّ، وبين الملاحقة والاعتقال للعناصر والقادة، وبين التخفي بصورة نهائية والانتقال -على الأرجح-إلى مناطق أخرى من سورية بشكل سرّي.
ومِن أبرز المجموعات الأجنبية التي تحظى باستقلال تا مّ بالعمل والتدريب والقوانين المتبعة في التحاكُم وعدم التدخُّل في الشأن السوري الداخلي:
1-الحزب الإسلامي التركستاني.
2-الكتيبة الألبانية.
3-بعض الجهاديين الشيشان.
4-حركة مهاجري أهل السُّنة في إيران.
6-كتيبة الملحمة التكتيكيّة Malhama Tactical.
أما المجموعات الأجنبية التي تعاني من مُلاحَقات الهيئة لها، وفرض أجندات عليها، فهي:
1-فرقة الغرباء الفرنسية.
2-كتيبة أنصار الإسلام.
3-بعض الجهاديين الأوزبك.
4-تنظيم حُرّاس الدين.
1. الحزب الإسلامي التُّركستاني
تم تسجيل أول دخول واضح للحزب الإسلامي التُّركستاني إلى سورية في يوليو 2013 ، ومن حينها تمركز عمومًا في المناطق الوَعْرة من جسر الشغور وجبلَي الأكراد والتركمان ، وفضَّل البقاء بعيدًا عن المدن.
يقود الحز بَ حالياً أبو إبراهيم منصور التُّركستاني، وكان قبله كل من أبي رضا التُّركستاني الذي قُتل عام 2017 في غارة جوية روسية على منزله في مدينة أريحا، وأبي عمر التُّركستاني الذي قُتِل عام 2017 في غارة جوية روسية على جسر الشغور بإدلب. تُقدَّر أعداد الحزب الموجودين في سورية حالياً بين 1500 و3000 ويشمل هذا الرقم المقاتلين وأُسَرهم.
شارك الحزب في معارك السيطرة على إدلب إلى جانب غرفة عمليات “جيش الفتح” وكان له دور كبير في إحكام السيطرة على مدن وبلدات ريف إدلب الغربي وسهل الغاب -تل عابدين-في محافظة حماة، ومطار أبو الظهور العسكري، إضافة إلى مشاركته في معارك ف كّ الحصار عن حلب عام 2016.
علماً أنّ الحزب مصنّف على قوائم الإرهاب لدى كل من روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول، إلا أن الولايات المتحدة أزالت الحزب من قائمة المجموعات الإرهابية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020مكايدة في الصين، مما أتاح له متنفّسًا يسمح لأفراده بالتحرك والتنقل.
2. فرقة الغرباء الفرنسية
تأسست فرقة الغرباء أواسط عام 2013 على يد الجهادي الفرنسي ذي الأصول السنغالية عمر ديابي المعروف بعمر أومسين، واتخذت في مرتفعات محافظة اللاذقية في جبلَي الأكراد والتركمان مقرّات لها. وعندما انفصل تنظيم داعش الارهابي عن تنظيم القاعدة اتخذت الفرقة موقفاً موالياً للأخير، إلا أن كثيرًا من أفرادها توجهوا إلى داعش الارهابي وتركوا الفرقة عام 2014.
تتكون المجموعة من مقاتلين يمتلكون الجنسية الفرنسية مع اختلاف أصولهم، كالعرب من المغاربة والجزائريين والتونسيين والأفارقة والبلجيكيين وفرنسيي الأصل، ما يزال عمر ديابي يقود الفرقة، وقد أشيع مقتله في أغسطس 2015 خلال عمليات لقوات الجيش السوري في حلب، وفي سبتمبر 2016 صنّفته الولايات المتحدة على قائمة الشخصيات الإرهابية العالمية.
لم تظهر الفرقة للعلن إلا أن بعد تشكيل هيئة تحرير الشام الارهابية وانفصال جميع المكونات المنتمية للتيار الجهادي التابع للقاعدة عنها، أي أن ظهورها العلني بدأ بعد 29 أبريل 2018 وهو تاريخ تشكيل تنظيم حُرّاس الدين، وهي الفترة التي شهدت انضمام العديد من العناصر الأجنبية لفرقة الغرباء في إدلب مرة أخرى.
اعتقلت الهيئة عمر أومسن لمدة 4 شهور على الأقل بدءًا من أغسطس 2018على خلفية قضية حضانة رفعتها أُمٌّ بلجيكية مُطالِبة بابنتها التي تحتجزها كتيبة أومسن بعد وفاة والدها، مما أدى لاعتقاله للمرة الأولى، وسُلِّمت الفتاة لأمها عَبْر تركيا.
كانت الفرقة من الأعضاء المؤسِّسة لغرفة عمليات ” وحرِّض المؤمنين” في نوفمبر 2018، وكذلك غرفة عمليات ” فاثْبُتوا ” التي تشكّلت في يونيو 2020، إلا أن هيئة تحرير الشام الارهابية -بعد تفكيك الغرفتين-اعتقلت عمر أومسن مرّة أخرى في سبتمبر 2020 على خلفية مساعيها لتفكيك المجموعات القريبة من حُرّاس الدين، تلا ذلك اعتقال عدد كبير من عناصر الفرقة.
تراوح عدد عناصر الفرقة لدى تأسيسها بين 80 و100، وبعد عام 2020 أُشيع أنّ معظم العناصر انفصلوا عنها وعددهم يُقدّر بـ 30 شخصاً، ليبقى هؤلاء إمّا مستقلين أو عاملين ضِمن الحزب الإسلامي التُّركستاني بوصفه مجموعة إرهابية مقبولة لدى هيئة تحرير الشام الارهابية.
ظهر عمر أومسن مجدد اً في يناير 2022 بعد ما أُشيع عن أن هيئة تحرير الشام الارهابية أفرجت عنه مع ابنه بلال مقابل تنفيذ عدة شروط، منها عدم تشكيل أي كيان عسكري خاص به في سورية، والانضمام لغرفة عمليات “الفتح المبين” في إدلب، وعدم القيام بأي عمل عسكري دون التنسيق مع جميع الفصائل، خاصة بعد قيام عناصر من الفرقة بتنفيذ عملية خلف الخطوط في 17 يناير 2023 قرب بلدة كفر رومة في الريف الجنوبي لإدلب ، مما دفع الهيئة مرّة أخرى لاعتقال عمر أومسن وعدد من عناصر الفرقة والعمل على تفكيك مجموعته منذ يونيو 2023 .
3. كتيبة أنصار الإسلام:
أَسّست جماعة أنصار الإسلام فرعاً لها في سورية عام 2014 بعد أن بايع فرع الجماعة في العراق تنظيم داعش الارهابي واندمج معه، مقابل رفض مقاتلين آخرين البيعة واختيارهم النشاط في سورية.
نشطت الجماعة بداية في جبال الساحل ، باسم كتيبة الأنصار؛ حيث عملت بالتنسيق مع جبهة النصرة، وظلت تنشط دون إعلان عن تشكيل لها حتى فبراير 2015 عندما ظهرت لها بعض الإصدارات بشعار “الأنصار” مما أثبت تشكيل الجماعة – عَبْر أفراد أكراد قاتلوا معها في العراق- فرعًا في سورية مستقلّاً عنها إدارةً وقيادةً وسياسةً، بقيادة كل من “أبي الدرداء الكردي” مسؤولاً عامًّا عن الفصيل ، وأبي عبد الرحمن الكردي قائدًا عسكريًّا له .
استمرت كتيبة الأنصار في ولائها للقاعدة دون إظهار أي بيعة لها، كما كانت مقربة من الحزب الإسلامي التركستاني، وشاركت في معارك السيطرة على إدلب ومعارك ريف حماة الشمالي، وفك الحصار عن حلب، تتخذ الكتيبة من تلال كبانة في ريف اللاذقية منذ 2020 مكاناً رئيسياً لنشاطها، وقد انضمت إلى غرفة “وحرض المؤمنين” التي تشكلت بقيادة تنظيم حراس الدين في نوفمبر 2018 مما تسبَّب باعتقال عدد منهم في يونيو 2022.
لم يتجاوز عدد أفراد الكتيبة 100 شخص -اعتبارًا من عام 2020 -علمًا أن معظمهم من الأكراد سوريين وعراقيين وإيرانيين، في حين تراوحت الأعداد سابقًا بين 250 إلى 350، وقد عُرف عن الكتيبة الانضباط الشديد وعدم الاختلاط بالمدنيين إلى جانب فقرها الشديد واعتمادها في التمويل على دعم بعض المجموعات المسلّحة المحلية والإرهابية الأخرى.
4. الكتيبة الألبانية:
يُعرَف المقاتلون الألبان في شمال غرب سورية باسم “الكتيبة الألبانية” وهو الاسم الذي اختارته المجموعة لنفسها ” Xhemati Alban “. تضم الكتيبة بين 100و 150 مقاتلاً في صفوفها كلّهم من أصول ألبانية، ينحدرون من كوسوفو وألبانيا ومقدونيا الشمالية، ووادي بريشيفا -إقليم جنوب صربيا-وجمهورية البوسنة والهرسك، والجبل الأسود.
بدأت الكتيبة بالتشكل في أغسطس 2012 إلا أنها لم تبدأ نشاطًا علنيًّا باسمها إلى مارس 2013 حيث شاركت في معركة كسب بريف اللاذقية الشمالي، علماً أن خلفية عدد من قادتها هي عسكرية أو شِبه عسكرية، نظرًا لانضمام بعضهم للقتال سابقًا في أفغانستان إبان الاحتلال الأمريكي، والشيشان إبان المعارك مع روسيا بين عامَيْ 1990 و1996.
كان للكتيبة دور أساسي في التدريب العسكري -خاصة دورات القنص-والتخطيط العسكري التكتيكي إلى جانب المرابطة في مناطق ريف اللاذقية الشمالي والمشاركة في معارك الساحل وتدريب الفصائل فيها، كما شاركت مجموعات من الكتيبة في حصار بلدتَي الفوعة وكفريا.
يتركز حضور الكتيبة الألبانية مع الحزب الإسلامي التُّركستاني وجماعة أنصار الإسلام في محاور تلال كبانة، حيث شاركت مع تلك المجموعات ببناء تحصينات عسكرية قوية للمنطقة، إلى جانب المشاركة في صدّ أكثر من 1000 هجوم عسكري، فضلاً عن مشاركاتها سابقًا في السيطرة على معسكرَي المسطومة والشبيبة ومطار أبو ظهور وفكّ الحصار عن مدينة حلب.
يقود الكتيب ة أبو قتادة الألباني “يساري عبدول” JASHARI Abdul من مواليد سبتمبر 1976 في سكوبيه عاصمة جمهورية شمال مقدونيا، والذي شارك سابقاً في القتال في البوسنة والهرسك والشيشان. انتقل إلى سورية عام 2013وقاد الكتيبة الألبانية منذ ذلك الوقت، وعيّنه أبو محمد الجولاني عام 2014 قائدًا عسكريًّا لجبهة النصرة في سورية، وبعد تشكيل هيئة تحرير الشام الارهابية عُيِّن مستشارًا عسكريًّا لها في نوفمبر 2016 صنّفته الولايات المتحدة في قائمة الإرهابيين المطلوبين دوليّاً.
انقسمت الكتيبة بعد حملة الهيئة في يونيو 2020 ، إلى قسمين، حيث أصدر أبو قتادة بيانًا يدعم فيه الهيئة، في حين أن “موسى الألباني” نائب قائد الكتيبة رفض موالاة الهيئة، واقترح الاكتفاء بالتنسيق مع المجموعات داخل غرفة عمليات الفتح المبين، ومع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا انتقل إلى هناك مع عدد من عناصر مجموعته، في حين أن إصدارًا لمجموعة أبي قتادة باسم “بوابات الأكاذيب” عام 2023 أكّد أن الجماعة لن تعود إلى دول البلقان لاستغلال الأزمات المختلفة بهدف إقامة “خلافة إسلامية” وأنهم سيبقون في سورية حتى إسقاط الدولة السوري.
5. جهاديو الشيشان:
تشكلت عدة كتائب شيشانية في سورية -ضِمن مناطق ريف حلب الغربي وإدلب وجبال الساحل-مثل “أجناد القوقاز” و”مجاهدو الشيشان” و”جيش المهاجرين والأنصار” إلا أن هذه الكتائب بمجملها تعرضت للتفكك، حيث انضم كثير من المقاتلين إلى تنظيم داعش الارهابي بقيادة عمر الشيشاني، فيما توزعت الكتائب الشيشانية الأخرى ضمن مجموعتين بارزتين هما:
جند الشام: أسسها مسلم الشيشاني عام 2017، واختار العمل منعزلاً عن المجموعات المسلّحة الأخرى، حيث قام بدعم التحصينات العسكرية في منطقة كبانة وجسر الشغور، وكان مقرباً من أبي حذيفة الأذري المعروف باسم أبي فاطمة التركي ومجموعته من المقاتلين الأذريين والأوزبك، إلا أن الهيئة عملت على تفكيك مجموعته، وفي الأثناء أجبرت مسلم الشيشاني بالمرابطة مع 70 عنصراً من الكتيبة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 ضِمن نقاط غرفة عمليات الفتح المبين والخروج من مناطق كبانة وجسر الشغور نهائيًّا.
أجناد القوقاز: يقود الكتيبة “رستم آزهييف المعروف باسم “عبد الحكيم الشيشاني” مؤسس “أجناد القوقاز” وأحد المحاربين في الشيشان ضد روسيا. بلغ عدد أفراد الكتيبة بين 150 و200 عنصر، وينتشرون في مناطق ريف إدلب الشمالي وتلال الكبانة في جبال الساحل، إلا أن الكتيبة غادرت على مراحل بين أكتوبر 2022 ويناير 2023 للقتال في أوكرانيا ضد روسيا، وانضم مَن تبقى منهم إلى كتيبة “مسلم الشيشاني” جند الشام.
6. جهاديو الأوزبك
تُعتبر كتيبة “الإمام البخاري” الأوزبكية، واحدة من أبرز المجموعات المتبقية من المقاتلين القادمين من آسيا الوسطى، حيث تنشط في مناطق ريف حلب الغربي، وريف إدلب الشمالي، أسسها “أبو محمد الأوزبكي” عام 2013، وإثر مقتله في ريف حلب في مارس 2014، خلفه في قيادة الكتيبة “صلاح الدين الأوزبكي” الذي حافظ على استقلال المجموعة وعدم الانضمام لأي من المجموعات الأخرى.
قُتِل “صلاح الدين الأوزبكي” في إدلب مع عدد من مرافقيه في أبريل 2017، إثر عملية اغتيال نفذها أحد عناصر الكتيبة لصالح تنظيم داعش الارهابي ليتولى سراج الدين مختاروف القيادة بعده، إلا أن هيئة تحرير الشام اعتقلته في يونيو 2020، وأطلقت سراحه في مارس 2021 بشرط عدم الانخراط بأي نشاط معا دٍ للهيئة.
تضم كتيبة الإمام البخاري حالياً 300 عنصر في صفوفها، وتنشط في إدلب الشمالي وريف حلب، وشاركت في العديد من المعارك في حلب واللاذقية، وكانت تقف على الحياد في جميع المعارك البينية بين المجموعات المسلّحة في مناطق المعارضة.
7. كتيبة الملحمة تاكتيكال
تأسست مجموعة “ملحمة تاكتيكال” أو “الملحمة التكتيكية” في مايو 2016 قُبيل سيطرة الجيش السوري على مدينة حلب عام 2016، من قِبل مقاتلين ناطقين بالروسية -شيشان وأوزبك وآذر-بهدف تقديم خدمات تطوعية في التدريب العسكري والتكتيكي لفصائل المعارضة، وقد اشتُهِرت في الإعلام الغربي بوصفها “بلاك ووتر الجهاد” إلا أن المجموعة ترفض هذا الوصف؛ لعدم تلقيها أي مقابل لقاء خدماتها.
كان أبرز مَن قدمت له هذه الخدمات حركة أحرار الشام والحزب الإسلامي التركستاني -في سورية وأفغانستان-وجبهة فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام، حيث أشرفت المجموعة -بشكل شِبه كامل-على تدريب فرقة العصائب الحمراء في صفوف الأخيرة.
أسس المجموعة أبو رفيق الأوزبكي وهو ضابط في الجيش الروسي برتبة عريف، قدِم إلى سورية مطلع عام 2013، وقاتل مع جبهة النصرة وأجناد القوقاز والحزب التركستاني وأحرار الشام إلا أنه قُتل في غارة جوية روسية في ريف إدلب في فبراير 2017، وهناك روايات عديدة تشكك في مقتله.
رفضت مجموعة أبو رفيق مبايعة تنظيم داعش الارهابي وساهمت في مواجهته في ريف اللاذقية الشمالي عام 2015. تسلّم أبو سليمان البيلاروسي -وهو ضابط آخر برتبة عريف في الجيش البيلاروسي-قيادة المجموعة، واتخذ مع بقية أعضاء المجموعة قرار حصر العمل في التدريب العسكري والابتعاد عن الخلافات الفصائلية، وقد قُتل في مواجهة مع قوات الجيش السوري في ريف حماة الشمالي في 15 أغسطس 2019.
انتخبت المجموعة مقاتلاً شيشانياً يُعرَف باسم علي الشيشاني قائدًا لها، فعمل على تعزيز علاقة المجموعة بالهيئة والحزب التركستاني، وما يزال قائدًا للمجموعة منذ ذلك الوقت بعدد عناصر لا يتجاوز حالياً 200 شخص.
8. حركة مهاجري أهل سُنّة إيران
أسّست حركة مهاجري أهل سُنّة إيران فرعاً لها في سورية مطلع عام 2013 على يد مؤسسها ملّا عبد الرحمن فتحي الذي جاء إليها بعد إطلاق سراحه من قِبل إيران عام 2012 ؛ حيث استقرّ مع مجموعة من الإيرانيين -الأكراد والبلوش والفرس والتركمان- السنّة في جبال ريف اللاذقية الشمالي، وانضم إلى جبهة النصرة في سورية تحت غطاء كتيبة الأنصار المرتبطة بجماعة أنصار الإسلام في العراق.
لا يوجد دليل قاطع على تأسيس فرع مستقلّ للحركة في سورية، لكن وجود ملا عبد الرحمن في الأخيرة يعود إلى مطلع عام 2013 وقد تعرضت المجموعة المنضوية تحت مظلة أنصار الإسلام للإنقسام بفعل مبايعة عناصر منها داعش الارهابي في حين جاء عناصر من مناطق التنظيم إلى شمال غربي سورية لمبايعة جبهة النصرة بوصفها فرعاً لتنظيم القاعدة، لكن عندما انفصلت الجبهة عن القاعدة رسميًّا أعلنت كتيبة الأنصار رفضها مبايعة جبهة فتح الشام واستمرارها بمبايعة القاعدة.
وعليه، يُمكن التأكيد على أن المجموعة تشكّلت رسميًّا بشكل مستق لّ بعد رفض كتيبة الأنصار مبايعة الجبهة مطلع أغسطس 2016، حيث قرّر ملا عبد الرحمن إثر ذلك الانضواء تحت مظلة الجبهة ثم الهيئة؛ حيث تعمل مجموعته ضِمن صفوف الأخيرة منذ ذلك الحين.
لم تندمج المجموعة بشكل كامل مع الهيئة، ولم تشارك في اقتتالها مع الفصائل، بل صُنّفت داخلها كمجموعة مستقلة، لديها علمها الخاص ومخططهم التنظيمي المستقل، حيث يُرفَع علم الجماعة أثناء المواجهات العسكرية إلى جانب راية الهيئة، كما أن الأنشطة الخاصة بأعضائها كالمعسكرات التدريبية والمخيمات الدعوية خاصة بهم، ولا تتدخل بها الهيئة.
بلغ عدد حركة المهاجرين السنة الإيرانيين 150 عنصراً ذلك بعد انفصالها عن جماعة أنصار الإسلام عام 2016 ، وقد قُتل منها عدة شخصيات بارزة منهم أبو الدرداء الكردي -قيادي عسكري- في 20 سبتمبر 2017 في اشتباكات مع قوات الجيش السوري في ريف حماة الشمالي ، شاركت الكتيبة في معظم العمليات العسكرية، كالسيطرة على إدلب، ومعركة “قل اعملوا” في ريف حماة، ومعركة فك الحصار عن حلب، وخسرت ما لا يقل عن 10 عناصر أغلبهم من أكراد إيران، منهم أبو بكر التوحيدي الأمير الشرعي للكتيبة، والقيادي العسكري “مولوي عبد الكريم البلوشي”.
تنحصر مقرات المجموعة حالياً في مناطق جسر الشغور وحارم في ريف إدلب الشمالي الغربي، ويمكن أن يتجول عناصرها في جميع المناطق التي تسيطر عليها الهيئة. عموماً تُعَدُّ “حركة المهاجرين الإيرانيين السُّنة في سورية” من الجماعات غير المعروفة رغم نشاطها وعملياتها، كما أن حضورها الإعلامي مقتصر على بعض الإصدارات باللغة الكردية والفارسية، وبالكاد يوجد لها بيانات منشورة على شبكات مواقع التواصل الاجتماعية.
9. تنظيم حُرّاس الدين:
أُعلِن عن تأسيس تنظيم حُرّاس الدين –رسميًّا-في 27 فبراير 2018. رغم عدم الإشارة إلى ارتباطه بتنظيم القاعدة، إلا أنّه نشأ من مكوّنات الأخير دون شك، كما شارك عدد من قيادات التنظيم العالمية في تأسيسه ورسم خُطَطه، مثل أبي الخير المصري وسيف العدل.
انتشرت المجموعات التابعة للتنظيم بداية في مناطق ريف اللاذقية وجسر الشغور إضافة إلى ريف إدلب الشرقي سابقًا ومدينة سرمين ومنطقة باريشا القريبة من حارم وبعض المناطق البعيدة عن خطوط التما سّ مع منطقة عفرين، فأقام معسكراته فيها لتدريب عناصره كمعسكر “الشيخ أبي فراس السوري” الذي كان أحد قيادات جبهة النصرة وقتل في غارة للتحالف الدولي عام 2017، ومعسكر “أبو خلاد المهندس” –ساري محمد حسن شهاب-، الذي اغتِيل لاحقًا بعبوة ناسفة.
يُعَدُّ القياديُّ المنشق عن الهيئة “سمير حجازي المكنّى بـ”أبي الهمّام الشامي” قائد التنظيم إضافة إلى وجوه أخرى بارزة في مجلس الشورى الخاص مثل الشيخ سامي العريدي، إلا أن معظمهم تعرض للاغتيال من قِبل خلايا محلية مثل أبي جليبيب إياد الطوباسي أو باستهداف التحالف له مثل أبي خديجة الأردني بلال خريسات وأبي القسّام خالد العاروري.
أنشأ التنظيم بالتعاون مع مجموعات أخرى غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”، ثم غرفة عمليات “فاثبتوا” إلا أن هذه الغرف تفكَّكت، وباتت معظم مكوناتها إما بعيدة عن التأثير الميداني، أو منضوية ضِمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي أنشأتها الهيئة.
تعرض التنظيم على مدار عامَيْ 2020 و 2022 لحملة تفكيك ممنهجة من قِبل الهيئة؛ حيث اعتقلت العشرات من عناصره وقياداته ، أبرزهم أبو عبد الرحمن المكّي ، فضلاً أسماء أخرى معظمها من المهاجرين كـ “خلاد الجوفي”، و”أبو عمرو التونسي”، و”أبو ذرّ المصري”، و”أبو يحيى الجزائري” .
يُقدَّر عدد مقاتلي التنظيم بحوالَيْ 1500 مقاتل، يشكّل الأردنيون والمغاربة والتونسيون جزءًا كبيرًا منهم حيث يُقَدَّر عددهم بـ 400 شخص -على الأقل-مقابل كون بقية مقاتليه من العناصر المحليين بينما تغلب على قيادة حُرّاس الدين العناصر الأجنبية، التي تتنوع جنسياتها من مصريين وأردنيين وأتراك وغيرهم.
لا يبدو للتنظيم أي ظهور علني منذ الحملة الأمنية الأخيرة عليه عام 2020 إلا أن مناطقه التقليدية تتمحور حول ريف إدلب الشمالي وريف جسر الشغور الشمالي، وإثر مروره بالعديد من المراحل والمنعطفات أصبح التنظيم مجرد خلايا محلية -في الغالب – تعاني من التشتت والضغوط المالية والأمنية من قِبل الهيئة إلى جانب فقدان هذه الخلايا رابط الوصل مع القادة إثر اختفاء معظمهم واستهداف التحالف الدولي للعديد منهم.
طالع أيضا:
– تقرير يكشف خريطة القوى الخارجية المتنازعة شرق سورية
– تقرير إسرائيلي: اشتباكات دير الزور السورية فرصة لتعزيز إيران ممرها البري الشمالي
ثانياً: مصير المجموعات المسلّحة الأجنبية في مناطق المعارضة
5 سيناريوهات تحدد مصير المجموعات المسلّحة الأجنبية في مناطق المعارضة السورية ، حيث تُعتبر الخيارات أمام هذه المجموعات، وعناصرها قليلة وضيقة؛ نظرًا لتعقد الوضع الميداني في المنطقة في سورية خصوصاً والشرق الأوسط عمومًا، وقد يتم تنفيذ هذه الخيارات معًا بالتوازي، دون ترجيح سيناريو على آخر، بحسب عوامل محليّة وخارجية تفرض على عناصر تلك المجموعات اختيار الأنسب لها أو الاضطرار لخيار آخر مفروض عليها، وتأتى هذه السيناريوهات الخمسة كالتالى:
1. العبور نحو مناطق نزاع بديلة
يبدو هذا السيناريو -في المرحلة الراهنة- الأقرب للتحقق بالنسبة لبعض المجموعات الأجنبية في مناطق المعارضة، خصوصًا للمقاتلين الذين جاؤوا إلى سورية بمفردهم، ولم يُنشِئُوا أُسَرًا من الحاضنة المحليّة، إلى جانب وجود محفزات للعمل في ميادين أخرى، كاليمن -حيث تشير معلومات إلى إعادة هيكلة تنظيم القاعدة هناك- أو مالي حيث يمكن لتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين الموالي للقاعدة أن يعلن عن إمارة قريبة في مناطق سيطرته، وهذا قد يناسب غالباً خلايا تنظيم حراس الدين مثلاً في حال فضل أفرادها العبور نحو مكان بديل.
بالمقابل قد تُفضّل المجموعات الأوزبكية والتركستانية اختيار أفغانستان، بناء على اتفاق مع قيادة طالبان، التي تستقبل بالفعل عددًا من التنظيمات الأجنبية كطالبان باكستان، وجماعة أنصار الله الطاجيكية، إلى جانب تنظيم القاعدة، ومن المحتمل أن يجري توطين هذه المجموعات هناك، حيث إن مقر القيادة الحالية للحزب التركستاني موجود في أفغانستان.
وبالفعل اختارت بعض المجموعات مسارها البديل؛ حيث انضمت عدة مجموعات من مقاتلي القوقاز -يقدّر عدد أفرادها بـ 70عنصرًا- الانضمام إلى الفصائل الإسلامية المقاتلة في أوكرانيا، بقيادة رستم آزهييف -عبد الحكيم الشيشاني- وقد تتبع هذه المجموعات أخرى شيشانية أو ألبانية عاملة في سورية.
في هذا السيناريو قد يختار بعض الأفراد بلدانَهم الأصلية، كموطن جهاديٍّ بديل، مثل جماعة الغرباء الفرنسية، خصوصاً أن بعض أفرادها يصرحون بالرغبة بالخروج إلى مكان آخر ، في هذا السياق تصاعدت تحذيرات من قِبل الأجهزة الأمنية الفرنسية حول إمكان انخراط بعض المقاتلين الرافضين لسياسة الهيئة -وعددهم في منطقة إدلب بحدود 50 فردًا- في هجمات فردية في فرنسا أثناء دورة الألعاب الأولمبية المقبلة عام 2024 .
وعليه إن إمكانية عودة بعض المقاتلين إلى بلادهم الأصلية بهدف تنفيذ عمليات فيها يبدو قائماً وفق هذا السيناريو، لا سيما مع عودة تنظيم القاعدة إلى المشهد مرة أخرى بوصفه مظلة إرهابية تقود العمل الجهادي ضد المصالح الأوروبية والأمريكية في مختلف بلاد العالم.
2. التوطين في سورية
يحاكي هذا السيناريو افتراض توطين السلطة المحلية في مناطق شمال غرب سورية -سواء كانت هيئة تحرير الشام، أو جهة تحلّ مكانها، أو السلطة الانتقالية في حال إحداثها-في سورية، ومنحهم وثائق سورية، خاصة أولئك الذين زوّجوا أو تزوّجوا من أُسَر سوريّة.
هذا السيناريو مشابه لمحاولة السلطات البوسنية تجنيس بعض المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب المسلمين في البوسنة ضد الصرب والكروات، حيث تم تجنيس 1500 شخص منهم -معظمهم من جنسيات عربية-رغم أن اتفاق دايتون عام 1995 يطلب عودة المقاتلين الأجانب.
مع أنّ عدد الأجانب شمال غرب سورية لا يزيد عن 5000 شخص مع العائلات، لكن هذا السيناريو سيكون مستبعدًا في كثيرًا من الأحيان؛ لوجود رفض لدى عموم السوريين توطينَ عناصر القوات الإيرانية في سورية، وهو ما سيستغله مناصرو الجيش السوري في المستقبل لرفض منح المقاتلين الأجانب وعائلاتهم هذه الميزة.
3. إعادة التكتل بشكل مستقل أو مع القاعدة
قد تسعى المجموعات المسلّحة الأجنبية في مناطق شمال غرب سورية في حال شن الجيش السوري معركة كبيرة على الشمال السوري أو في حال ضعفت الهيئة وقرب تفككها إلى إعادة التكتّل وتشكيل تنظيم موحّد مرة أخرى، وقد يكون هذا التنظيم مستقلاً بالكلية أو مبايعًا للقاعدة، أو بوصفه تنظيمًا جديدًا، ممّا يفرض على الجماعة الجديدة المفترضة إعادة تعريف نفسها أمنيًّا وفكريًّا وطبيعة علاقتها مع الواقع السوري والاتفاقات والعلاقات التي تضبطه ، وكذلك علاقته مع المجموعات الإرهابية الأخرى المحلية والعالمية -القاعدة، داعش الارهابي- إلا أن هذا السيناريو يبدو مستبعدًا في ظل الضبط القوي الذي تمارسه القوى الأمنية للهيئة في المنطقة.
وضمن هذا السيناريو قد يكون حل ملف بعض مجموعات الجهاديين الأجانب مرتبطًا بالمكافحة العسكرية، وهو التصفية الكاملة، ثم الاعتقال والمحاكمة، مثلما حصل على نحو جزئي من قبل قوات التحالف الدولي التي قصفت منطقة الباغوز شرقي دير الزور بشتى أنواع الأسلحة لدفع عناصر تنظيم داعش الارهابي إ لى الاستسلام مع ذويهم عام 2019.
4. الاعتقال والمحاكمة
قد يتحقق هذا السيناريو من خلال تسليم بعض العناصر الأجنبية إلى دولهم، عبر طرق مختلفة، فعلى سبيل المثال استطاعت الهيئة تفكيك مجموعة “جند الله” التي شكلها “أبو فاطمة التركي” إلا أنه قُتل عام 2019 بغارة روسية شمال إدلب، ليقود المجموعة من بعده “أبو حنيف الأذري” حيث يغلب على عناصره القومية الأذرية، مع وجود بعض الشرعيين العرب -من الجزائر والأردن- ومجموعات صغيرة من المقاتلين السوريين داخل المجموعة، وقد استطاعت الهيئة السيطرة على مقراتها ومعسكراتها في نوفمبر 2021 واعتقلت قياداتها ومسؤوليها الإداريين والأمنيين.
في يونيو 2023ظهر أبو حنيف الأذري على شاشة التلفاز الأذربيجاني مع 12مقاتلاً من فصيله، حيث تم تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية الأذرية مطلع الشهر ذاته. تؤكد هذه الواقعة إمكانية تسليم بعض الجهاديين الأجانب المعتقلين لدى الهيئة أو الطلقاء لدولهم مقابل اتفاقات أو صفقات معينة؛ لذلك إن تكرار هذه الحادثة وتحولها إلى سيناريو ينتهي إليه كثير من المقاتلين الأجانب يبقى خياراً وارداً بقوّة.
5. العودة والتأهيل للبلدان الأصلية
رغم عدم وجود مؤشرات على ترجيح هذا السيناريو لدى معظم أفراد المجموعات المشار إليها آنفًا، إلا أنه يبقى احتمالاً موجودًا؛ فقد يُقدِم بعض المقاتلين الأجانب على تسليم أنفسهم لسفارات أو قنصليات بلدانهم في محيط سورية على أمل أن يتم استعادتهم مع أُسَرهم إلى أوطانهم لقاء معلومات يقدمونها، أو بشرط الخضوع لدورات تأهيلية وإدماجهم بعد محاكمتهم بأحكام مخففة ، من المرجح أن هذا الاحتمال ينطبق على الدول التي تشهد حساسيةً مرتفعة تجاه ملف حقوق الإنسان، وبالتالي فإن احتمالية عودة المقاتلين العرب إلى دولهم إراديًّا هو أمر أقرب للمستحيل.