دخول الدنيا بالتقسيط.. للتحايل على الغلاء
كتب: إسلام فليفل
بعد غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الزواج بدرجة تفوق طاقة الشباب والأسر، أصبح تكملة نصف الدين، أو دخول الدنيا كما يطلق العوام على الزواج، مسألة تحتاج إلى إبداع لا تفتقره قريحة المصريين.
ولأن أول وأغلى بند فى تكلفة الزواج هو “شبكة العروسة” بدأ البعض من المقبلين على الزواج، من الأفراد و الأسر، فى التحايل على جنون الأسعار، وخصوصًا أسعار الذهب بالنسبة للمقبلين على الزواج، والمطالبين بشراء “شبكة العروسة” التى تعد أهم عادات وتقاليد المجتمع فى الزواج.
وللتحايل على غلاء أسعار “الشبكة” لجأ البعض لتقليل عدد جرامات الذهب عند شراء الشبكة لتصبح مكوناتها “دبلة وخاتم” فقط.
وفى الطرف البائع للذهب لجأ التجار، ومحلات الذهب إلى بيع الشبكة بالتقسيط، لزيادة البيع وفى نفس الوقت مساعدة الشباب المقبل على الزواج، ويتم تقسيط ثمن الشبكة لهم مقابل إيصال أمانة.
كما ظهرت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تروج لتأجير “شبكة العروسة”.
فكرة التقسيط
وتقوم فكرة التقسيط على رجل يُريد استثمار مبلغ من المال، وقد يبدأ بمبلغ ضئيل نسبيًا، ثم يزيده كلما زادت زبائنه.
وتم التوسع فى تنفيذ الفكرة لتتجاوز “الشبكة” إلى كامل جهاز العروسة، أو فرش شقة بالكامل، أو حتى شراء شقة لمساعدة المقبلين على الزواج مقابل أقساط شهرية لتنتهى بتقسيط الذهب.
بدأت فى الفرعونية
“عاطف. ك”رجل يبلغ من العمر 50 عامًا، ومقيم بمحافظة المنوفية، وأحد أهم المشتغلين بالتقسيط، قال لـ “موقع بيان الإخبارى: “بدأت فكرة تقسيط الشبكة وذاع صيتها فى قرية الفرعونية – التابعة لمركز أشمون – بالمنوفية، منذ سنتين فقط.
وتابع، بدأت الفكرة تسيطر عليه حين تحدث معه أحد جيرانه عن ابنه الذى تخطى العقد الثالث من العمر، ويريد أن يخطب فتاة ولكنه لن يستطيع أن يشترى الشبكة، ولا العفش، فعرض عليه عاطف. ك أن يمول له شراء الشبكة ، على أن يتم سداد ثمنها على أقساط بعد إضافة نسبة من الأرباح على ثمنها الأصلى.
طالع المزيد:
– وائل نجم: «بعض الفتيات بيعتبروا الزواج سبوبة وهيخربوا بيت الراجل»
ويوضح عاطف أن الفكرة انتشرت من خلال الأصدقاء المقربين والمعارف، وإخبارهم بفكرة التقسيط، فالكل يخبر معارفه من الأهل والجيران حتى انتشرت الفكرة التى تقوم من الأساس على مبدأ الثقة بين الشارى والمشترى.
ويضيف أن أبو العريس أو أخيه يأتى لبيته لكى يعرف منه الشروط والمبلغ الذى يريده تقريبًا، ثم يأتى بعدها العريس ليكتب إيصالات الأمانة و “يبصم عليها” أيضًا لضمان الحق.
أما بخصوص آلية الدفع، فقال عاطف، إن العريس يدفع أول قسط بعد زيادة الفائدة والتى تكون بنسبة 30 فى المائة على المبلغ الأصلى والذى يتراوح غالبا بين 30 إلى 50 ألف جنيه، ويقسط المبلغ على عشرة أشهر فقط لاغير.
أفضل عرض
ولفت عاطف أثناء الحديث، إلى أنه يوجد بعض الممولين تضع فائدة أكثر من ذلك أو تقلل من عدد الأقساط، ولذلك يبحث العريس أو أهله عن أفضل عرض موجود من قبل رجال التقسيط.
واستكمل عاطف، فقال أنه ينزل بنفسه مع أهل العريس والعروس، على أنه من أهل العريس لشراء الشبكة ولا يعطى العريس المال فى يده مباشرة وذلك حتى يتقى وضع نفسه فى خانة الربا، ولكى يطمئن بنفسه أن العريس سيشترى بها شبكة ولن ينفق الفلوس فى شئ آخر.
الثقة والجيرة
أما عن تهرب البعض من دفع الأقساط بعد ذلك فيقول رمزى. م، شاب فى العقد الرابع من العمر، وأحد المُهتمين بالتربح من وراء فكرة التقسيط، إنه يعتمد فقط على أصحاب الثقة والجيران، ويقدم لهم أفضل عرض للتقسيط، وأيضًا يُوقّع العريس على إيصالات الأمانة حتى لا يتنصل منه بعد ذلك.
ويواصل: “حدث مع شاب”عريس جديد”، قسط الشبكة ولكنه لم يوقّع على إيصال الأمانة وهرب بعدها من السداد وتنصل من توقيع إيصالات الأمانة”.
فرش الشقة
ويكمل رمزى قائلا: العريس يأتى بعد ذلك ليقسط عفش بيته كله من غرف النوم ومستلزمات تجهيز الشقة، فهو يفرش شقق عرسان بالكامل، كما يشترى جهازًا للعروسة بالقسط فالعرسان يلجأون إليه بسبب الثقة فى المقام الأول، وأن أيضًا نسبة الفائدة تكون أقل بكثير إذا اشترى العريس العفش بالتقسيط من المحلات.
عريس جديد
ويقول ناصر. خ عريس جديد وأحد المُستفيدين من فكرة التقسيط، إنه عرف فكرة تقسيط الشبكة من الجيران الذين قسطوا شبكتهم، وتوجه إلى أحد رجال التقسيط هو ووالده واتفقا على شراء دبلة ومحبس وخاتم، على أن يحددوا المبلغ بعد الشراء، لينزل “الممول” معهم دون علم أهل العروسة أن شبكة ابنتهم بالتقسيط، وذلك لعدم وضعهم فى موقف محرج بالنسبة لهم.
محمود (اسم مستعار) يبلغ من العمر 33 عامًا، ويعمل دليفرى فى أحد محلات الطعام بنطاق مركز الباجور – بمحافظة المنوفية، رفض فى البداية الحديث، وبعد مداولات تحدث بتحفظ وحذر شديدين لـ “موقع بيان الإخبارى” مؤكدا أن الأمر يسبب حرجًا كبيرًا بالنسبة له.
العروس وأهلها أخر من يعلم
وأضاف أنه بعد أن بلغ عمره 33 عامًا وجد أنه لا يستطيع أن يدخر ثمن شبكة بسيطة لخطبة الفتاة التى أحبها، فمرتبه لا يتجاوز 3 آلاف جنيه، ويكاد يكفيه ويكفى أقساط الجمعيات، بجانب ارتفاع أسعار الذهب كل فترة، وكلما ادخر مبلغًا من المال ترتفع أسعار كل شئ، وتقل قيمة المال الذى يدخره، لذلك لجأ إلى تقسيط الشبكة بعدما اقترحت عليه والدته هذا الأمر، وذلك دون أن تعلم خطيبته أو أهلها بالأمر.
أهل الذكر
ومعنى هذه القاعدة أن البيع بالتقسيط لا يعتبر ربا إذا كانت هناك سلعة حقيقية يتم البيع عليها، وليست مجرد وعد بالبيع.
وأوضح الداعية محمد سمير طنطاوى، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن البيع بالتقسيط يجوز سواء كان الثمن نقدًا أو مؤجلًا، طالما أن هناك سلعة في المعاملة.
وأضاف أن البيع بالتقسيط يُعد وسيلة مساعدة للناس على شراء السلع والخدمات التي يحتاجونها، خاصةً إذا كانوا لا يملكون المال الكافي لدفع الثمن كاملًا في وقت واحد.
وفيما يلي بعض الشروط التي يجب توافرها في البيع بالتقسيط حتى يكون جائزًا شرعًا:
- أن يكون هناك سلعة حقيقية يتم البيع عليها.
- أن يكون الثمن معلومًا ومتفقًا عليه بين البائع والمشتري.
- أن يكون الأجل معلومًا ومتفقًا عليه بين البائع والمشتري.
رأى علم الاجتماع
فيما يرى علماء الاجتماع أن اللجؤ لنظام “الجمعية” الذى عرفه المجتمع المصرى، وخاصة الطبقات الشعبية، كان نوع من التحايل على أزمة الاحتياج لمبلغ كبير من المال، فى العديد من الحالات، وأشرها الزواج، وتجهيز العروس.
والبيع بالقسط هو نظام معروف فى العالم كله، وتم ضبطه وتقنينه بعد دخول مؤسسات مالية كبيرة فيه مثل البنوك وشركات التمويل، وغيرها من المؤسسات المالية، والاقتصادية، لتسهيل حياة الناس، وتنظيمها، وإتاحة قضاء حوائجهم المادية.