طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (6)

بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى أسبوعها السابع وتخطت يومها الأربعين تاركة حصاد أسبوع حافل بالحراك الجديد القديم لكل أطراف الصراع وصنّاع المشهد السياسي والعسكرى.
ولنبدأ كالمعتاد بالطرف الإسرائيلي الذى أضاف خلال الأسبوع الماضى فشلا استخبارتيا وعسكريا بشكل غير مسبوق وحاول تغطية الفشل بفشل أكبر وهو صناعة أكاذيب علها تخفف آثار الفشل.
ولم يصل جهاز الموساد الإسرائيلي إلى هذا الفشل الفاضح خلال أى مرحلة من مراحل تاريخه وعندما تضيف معاونة جهاز الاستخبارات الأمريكية للموساد فإن الأمر يكشف لك عمق وحجم فضيحة الفشل الذى تحلق فيه مسيرات استخباراتية أمريكية هى الأحدث من نوعها فى العالم فوق قطاع غزة لالتقاط همسة واحدة ترشد الجيش الإسرائيلى إلى رهينة واحدة.
استهل الجيش الإسرائيلى تحركاته بحملة دعائية ضخمة تعلن إستخدام حركة حماس للمستشفيات كمراكز للقيادة ومخبأ للأسرى ومستودعا للذخيرة وهيأت الرأى العام الإسرائيلى والعالمى لتقبل الهجمات على مستشفيات قطاع غزة.
وبدأت القوات الإسرائيلية بمهاجمة مستشفى عبدالعزيز الرنتيسي واصطدمت إسرائيل بالفشل الاستخباراتى الثانى بعد فشل السابع من أكتوبر.
وتمثل هذا الفشل فى عدم العثور على رهائن أو أسلحة اوقادة لحماس فكان الطريق الوحيد للخروج من المأزق تأليف واقع مصطنع بوضع دراجة نارية وحذاء وبضعة أسلحة آلية فى حجرة تحت المستشفى وامعانا في إثبات الكذب نشر الجيش الإسرائيلى كشف أدعى أنه أسماء لمقاومين في كتائب القسام ثم اتضح فيما بعد أنها نتيجة توضح أيام الاسبوع.
وكان لزاما على الجيش الإسرائيلى أن يستكمل الأكذوبة باقتحام مجمع الشفاء الطبى عساه يجد مايغطى الفشل الأول فى مستشفى الرنتيسى وهذه المرة أكد البيت الأبيض أنه لديه معلومات استخبارتية دقيقة عن إستخدام مستشفى الشفاء كمقر قيادة لحماس بعد اقتحام المجمع وارتكاب المذابح اصطدم الجيش الإسرائيلي للمرة الثانية بالفشل فقرر من جديد خلق أدلة مصطنعة بوضع رشاشات يعلوها الصدأ وسترة للقسام وجهاز كمبيوتر محمول عليه صورة رهينة أدعى من قبل أنه قام بتحريرها ثم حذف فيما بعد صورة المجندة الرهينة.
واستكمالا لمسلسل الفشل اصطنع الموساد ممرضة فلسطينية تتحدث وسط قصف عن قيام مقاتلوا القسام بسرقة الأدوية وارتكاب القتل بالمستشفى ثم اتضح فيما بعد أن هذه الممرضة صانعة محتوى إليكتروني إسرائيلية من أصل مكسيكى وأن أصوات القصف عبارة عن مؤثرات صوتية.
واستقبل الرأى العام الإسرائيلى هذه الأكاذيب بمنتهى الاستخفاف وأعلن العديد من الإعلاميين الأمريكيين فشل الجيش الإسرائيلى فى تقديم مبرر واحد لاقتحام المستشفيات.
وأصبحت الفضيحة الإسرائيلية الأمريكية مدوية.
وكانت النتيجة المنطقية زيادة المجازر وذبح الآلاف الجدد من الفلسطينيين لتحقيق الهدف الخفى الأصلى وهو تجسيد الرعب داخل كل فلسطينى بأن هذه المجازر ستكون دائما هى الرد على أى عمليات للمقاومة.
وننتقل إلى فصائل المقاومة الفلسطينية التى أثبتت بشكل واضح أنها تعمل بمعزل عن كل مايحيط بها وتتصدى بعمليات نوعية للجيش الإسرائيلى وصلت فى كثير من الأحيان للاشتباك المباشر مع الجنود الإسرائيليين وجها لوجه.
وكعادة المقاومة فقد قدمت توثيق بالفيديوهات لعملياتها واشهرها استدراج خمسة جنود إسرائيليين إلى نفق ثم تفجير النفق والغريب أن الجيش الإسرائيلى الذى يخفى الأرقام الحقيقية لقتلاه أعلنفى ذلك اليوم عن مقتل جنديين فقط وفى مكان لاعلاقة له بتفجير النفق.
وبنفس القدر من الثبات لفصائل المقاومة الفلسطينية فى ميادين القتال فقد كان الأداء السياسى أكثر روعة بالتصدى للصلف الإسرائيلى فى مفاوضات تبادل الأسرى والذى وضع شروطا لم يقبل بها زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي وأعلن انسحابه من المفاوضات وأن حركة الجهاد ستفاوض بمفردها على ما لديها من رهائن.
وعقب اقتحام مستشفى الشفاء أعلن يحيى السنوار القائد الميدانى لحماس في غزة توقف المفاوضات تماما وأنه لا تبادل للأسرى إلا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المستشفيات وعدم مهاجمتها مرة أخرى واختتم المشهد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فى كلمة مصورة بأنه لن يتم الإفراج عن الرهائن إلا بالثمن الذى تحدده المقاومة وأن الفصائل استعدت لحرب طويلة مع إسرائيل.
الطرف الثالث فى الصراع هو محور المقاومة برعاية إيران والذى انتزعت اليمن مركز الصدارة فيه بقصفها إسرائيل عدة مرات والإعلان اليمنى الصريح باستهداف أى سفينة إسرائيلية تمر بالبحر الأحمر وهو مادفع السفن الإسرائيلية إلى خفض العلم الإسرائيلى ورفع اعلام دول أخرى.
على الجانب الآخر استمرت فصائل المقاومة العراقية فى استهداف القواعد الأمريكية بأكثر من 58هجوما اعترفت بها أمريكا.
وفى المشهد الرئيسى يقف حزب الله اللبناني بتصعيد متواصل على شمال فلسطين المحتلة وينجح بالفعل فى جعل جبهة الشمال جبهة رئيسية إلى جانب جبهة غزة.
الطرف الرابع هو الطرف الأوروبى الذى شهد تراجعا واضحا في تأييد إسرائيل تمثل فى تصويت فرنسا في مجلس الأمن لصالح هدن مؤقتة طويلة بالإضافة إلى الموقف الاسبانى الواضح في انتقاد المجازر الإسرائيلية.
ولكن يقف مجلس الأمن ومعه المجتمع الدولى كله عاجزا عن إجبار إسرائيل على تنفيذ قرار مجلس الأمن الذى من المفترض أنه ملزم تماما.
الطرف الأخير كالمعتاد هو قادة الدول العربية والإسلامية الذين يقفون فى عجز لايحسدون عليه ولايستطيعون حتى تنفيذ القرارات الباهتة التى اتخذتها قمتهم بالرياض ودون أن يقدموا أى خطوة على أرض الواقع يفرضون بها قراراتهم على إسرائيل.
وهكذا تمضى الخطة الإسرائيلية الأمريكية في ابادة الشعب الفلسطيني دون تحقيق إنجاز واحد على الأرض بتصفية حماس أو إطلاق الرهائن وتبقى الكلمة الأولى والأخيرة للفصائل الفلسطينية التى تحتفظ بالقوة وبالأسرى وبالقدرة على الصمود للنهاية.

اقرأ أيضا للكاتب:

 طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟

طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين (2)

زر الذهاب إلى الأعلى