طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (9)
بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى شهرها الثالث وسط عدة محاور ساخنة تحيط بقطاع غزة وتؤثر فيه داخليا وخارجيا وتفرض حقائق دامغة على كل أطراف الصراع.
المشهد الرئيس هو القصف الإسرائيلى المتواصل والذى عاد بمنتهى القوة بعد الهدنة بيقين إسرائيلى أن هذا هو السبيل الوحيد للضغط على المقاومة الفلسطينية ودفعها للقبول بهدنة جديدة وفقا لشروط إسرائيل بهدف إطلاق سراح جميع الرهائن وهو الرهان الذى أثبت فشله التام حتى الآن.
تواجه إسرائيل مجموعة ضخمة من التحديات على رأسها تحدى الوقت الذى يدهمها يوميا دون إطلاق سراح رهينة واحدة بالقوة أو إعتقال قادة حماس الميدانيين أو منع إطلاق رشقات صواريخ المقاومة على المدن والمستوطنات الإسرائيلية أو الإعلان عن تدمير مراكز قيادة اوتفكيك حقيقى لبنية حماس العسكرية.
التحدى الثانى الذى يواجه إسرائيل هو حزب الله اللبناني الذى صعد عملياته العسكرية بالتوازى مع التصعيد الإسرائيلى فى قطاع غزة وهو ماتسبب بتدمير مراكز حيوية للإشارة والاستطلاع الإسرائيلى على طول حدود لبنان وهو مادفع وزير الدفاع الإسرائيلي اليوم إلى الإعلان الصريح بأن المستوطنيين لن يعودوا إلى الشمال إلا بعد أن يتم إبعاد حزب الله اللبناني إلى شمال نهر الليطانى وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم ١٧٠١ سواء بالضغط الدولى أو بالعمل العسكرى الإسرائيلى وهو يبدو أمر بعيد عن الواقع ولم تعتده إسرائيل التى تنفذ ثم تعلن وليس العكس.
الكابوس الثالث الذى يهدد إسرائيل قادم من اليمن مع استمرار استهداف السفن الإسرائيلية علاوة على قصف المدمرات الأمريكية وهو مادفع الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة أن تعلن أنها تحتفظ لنفسها بحق الرد.
وذهبت الولايات المتحدة الأمريكية إلى ماهو أبعد من ذلك بمناقشة استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية خلال مباحثات وزيرى خارجية الصين وأمريكا.
ويبقى الصداع المزمن في رئيس إسرائيل هو أهالى الأسرى المعتقلين لدى الفصائل الفلسطينية والذين عادوا لممارسة كل الضغوط على كابينت الحرب الإسرائيلى.
إذن لا إنجاز عسكرى واحد مقابل ضغوط كبيرة يتعرض لها الطرف الإسرائيلى.
على الجانب المقابل نجد الفصائل الفلسطينية تدير الميدان بكفاءة نادرة وثبات انفعالى منفصل تماما عن القصف الإسرائيلى للمدنيين ووصل الأمر إلى اعتراف المتحدث العسكرى الإسرائيلى بمصرع عشرة جنود خلال اليوم الأربعاء فقط.
علاوة على تعدد الإشتباكات من النقطةصفر بين المقاومين الفلسطينيين وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي.
وتلعب كاميرا المقاومة الفلسطينية وإعلامها العسكرى دورا بارزا في الصراع من خلال توثيق كل الاستهدافات والاشتباكات وزاد عليها عمليات الرصد لخيام الجنود الإسرائيليين فى منطقة جحر الديك من المسافة صفر فى منطقة يفترض أنه تم تمشيطها.
وتعلن الفصائل الفلسطينية بكل القوة أنه لن تكون هناك هدنة أخرى بل وقف شامل لإطلاق النار قبل أى تفاوض على تبادل الأسرى.
أما الرئيس الأمريكى بايدن فقد أصبح ألعوبة ساذجة في أيدى الدعاية الصهيونية بإعلانه أن مقاتلى حماس قاموا بعمليات إغتصاب وعنف جنسى بحق نساء مستوطنات غلاف غزة فى يوم السابع من أكتوبر الماضى وهو ماسخرت منه الفصائل الفلسطينية التى ذكرت الجميع بأكاذيب بايدن بشأن قيام حماس بقطع رؤوس الأطفال خلال اجتياح مستوطنات غلاف غزة وهو ماثبت كذبه فيما بعد.
المثير للسخرية هو تخطيط إسرائيل والولايات المتحدة لمستقبل الحكم فى قطاع غزة بعد الحرب وهو حديث ساذج يتجاهل الحقيقة الدامغة بأن الحرب وحدها هى التى ستحدد مصير الحكم فى قطاع غزة وأنه من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل القطاع وكأن الحرب قد تم حسمها.
أتوقع أن يطول أمد الحرب بالتزامن مع الفشل الإسرائيلى فى تحقيق هدف واحد ولكن لن يستمر هذا الأمد إلى الأبد وخاصة مع الإرتفاع المتزايد فى أعداد الضحايا المدنيين.