محمد أنور يكتب: القاهرة والقدس

بيان
كان الاتصال الأول بين مصر والقدس بشكل عام في عصر الخلفاء الراشدين، حيث فتح بيت المقدس عمرو بن العاص والذى جعله عمر بن الخطاب واليا على فلسطين ومقره بيت المقدس، وكان هذا الرجل هو الذي قاد الحملة الإسلامية لفتح مصر، وشرع في بناء أول حاضرة عربية إسلامية في قارة أفريقيا، قام ببناء الفسطاط، و اتخذتها عاصمة لولاية مصر بعد أن كانت الإسكندرية هى المقر الرسمي أيام البيزنطيين.
تبادلت الفسطاط والقدس العلاقات السياسية والثقافية طيلة أيام الخلفاء الراشدين والامويين والعباسيين إلى أن دخل الفاطميون أرض مصر وشيدوا مدينة القاهرة سنة 1972م، شمال الفسطاط التي شيدها عمرو بن العاص، واستمرت العلاقات طيبة بين بيت المقدس ومع الخلفاء الفاطميون في الحفاظ على تراث المسلمين في بيت المقدس، علاقة عظيمة تسودها الروح الإسلامية، ودافع الفاطميون عن بيت المقدس عندما دخل الصليبيون المدينة سنة 1098، وفشلت الحملات المصرية في مقاتلة الصليبيين، وساد العالم الإسلامي وجوم شديد، ويأس كبير، ذلك عن إدراك المسلمين عن عدم توافر الوحدة الإسلامية أو وجود قوة عربية إسلامية لمواجهة التحدى الصليبى، بعد أن تمكن من الاستيلاء على معظم المدن الساحلية ببلاد الشام وفلسطين، والخلافة العباسية في ذلك الوقت لاحول لها ولا قوة، تتقاسمها الأهواء والعناصر الطامعة، وكذلك الخلافة الفاطمية تتنازعها قوى المنافسة وتشكو الضعف الإقتصادي الكبير.
لاح في الأفق منقذ جديد وهو صلاح الدين الأيوبي الذى تولى الأمور في مصر، ونجح في توحيد المصريين، وكسب ثقة العالم الإسلامي.. وأنتصر على الصليبيين انتصارا كبيرا في معركة حطين سنة 1188م، وحاصر مدينة القدس ثم دخلها فاتحا وحررها من أيدى المحتلين.
توفي صلاح الدين الأيوبي، وبسبب الخلاف بين ورثته وخلفائه ضعفت وحدة الأيوبيين وتنافسوا بينهم، فاستغل الصليبيون الفرصة فعادوا وسيطروا على مدينة القدس، بعد أن تخلى الملك الكامل صاحب مصر عن مدينة القدس للفرنجة بموجب صلح بينهما عام 1228م، وكان واقع مؤلما فأقيمت المآتم على القدس في العالم الإسلامي.
تمكن الملك الناصر داوود من إعادة القدس إلى الحضيرة الإسلامية وأخرج منها الفرنجة سنة 1239م، وقامت في مصر دولة المماليك 1250 إلى 1517م، ودخلت القدس تحت حكم المماليك المصريين، وأثناء هذه الفترة تبادلت القاهرة والقدس العلم في زيارات العلماء والأدباء، وبرزت العلوم العقلية والتجريبية، وبذل حكام المماليك جهودا حثيثة في ترميم بيت المقدس، وأمر الملك الظاهر بيبرس بعد زيارته للقدس عدة مرات، بتخصيص خمسة آلاف درهم كل عام لإعادة ترميم وتشييد بيت المقدس.
لنذكر أن المماليك كان لهم الفضل في الحفاظ على بيت المقدس لأنهم هم الذين أوقفوا التيار المغولي المخرب للعالم الإسلامي، فقد وقف الجيش المصري، بقيادة السلطان قطز والقائد الظاهر بيبرس، وقفتهم التاريخية العظيمة، التي أدت إلى اندحار المغول وانتصار المصريين في معركة عين جالوت سنة 1260م، وتنفست القدس الصعداء بعد الانتصار الكبير.
استمرت هذه المدينة تحت حكم المماليك، حتى دخل العثمانيين القدس، بقيادة السلطان سليم بعد استيلائه على سورية سنة 1516م، وهزم سلطان المماليك طومان باى، ثم تابع السلطان سليم تقدمه واحتل مصر بعد موقعة الريدانية سنة 1517م، وبذلك انتهت سيادة المماليك، وبدأ عصر جديد، سادت فيه دولة إسلامية جديده هى الدولة العثمانية.

اقرأ أيضا للكاتب:

محمد أنور يكتب: التكوين اليهودى قديما وحديثا

محمد أنور يكتب: العرب في القرآن

زر الذهاب إلى الأعلى