طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (12)
بيان
بينما تأهب الجميع لحدوث هدنة جديدة للحرب فى غزة تختلف شكلا عن الهدنة السابقة من حيث المدة وعدد الأسرى الذين سيتم تبادلهم وتتفق معها في المضمون الذى ينص على استراحة قصيرة يتم بعدها مواصلة الحرب.
بينما كان هذا هو توقع الجميع بعد سعى إسرائيل لهذه الهدنة وتكليف حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الوسطاء المصريين والقطريين لإجراء مباحثات مع الأجنحة السياسية للفصائل الفلسطينية تم الإتفاق على اجرائها بالقاهرة مع دعوة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وزياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي إلى القاهرة لخوض جولة المفاوضات التى اشتملت خطوطها العريضة على هدنة تستمر ثلاثة أسابيع كاملة وتبادل ٤٠ رهينة إسرائيلية من النساء وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة مقابل ٤٠٠ أسير فلسطينى من أصحاب فترات العقوبات العالية؛ كان للقادة الميدانين في غزة قولا آخر نسف كل هذه المساعى واوقفها حتى إشعار أخر.
أرسل يحيى السنوار القائد الميدانى من غزة برسالة واضحة كالشمس وهى عدم إجراء تبادل للأسرى إلا بعد وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة ودفع ثمن إعادة الإعمار وأن تشتمل صفقة تبادل الأسرى على الكل مقابل الكل.
وقام زياد النخالة بالموافقة التامة على هذه النقاط.
ردت إسرائيل على الفور بتصعيد قصف المدنيين بعد هدوء نسبى استمر ثلاثة أيام للتمهيد للهدنة التى نسفها السنوار.
وقد يتسائل البعض عن ثقل السنوار والذى أعطاه هذه المقدرة على فرض شروطه على المفاوضين السياسيين من حركة حماس.
ويأتى الرد من خلال الثبات الميدانى القوى الذى يقوم به مقاتلوا حماس والذى أجبر رئيس الأركان الإسرائيلى على سحب الكتيبة ١٣ من لواء جولانى من غزة وهو الإجراء الذى يتم غالبا بعد فقد اللواء ٤٠%من قوته البشرية والآلية.
بالإضافة إلى الفشل الذريع الذى أصاب الجيش الإسرائيلى وجعله عاجزا عن تحقيق أهدافه تحت ضربات الفصائل الفلسطينية علاوة على عدم التقدم خطوة خطوة واحدة فى طريق تحرير الرهائن رغم الاستعانة بالقدرات الهائلة لخمس دول كبرى في مقدمتها بريطانيا فى مجال التجسس بطائرات مجهزة لاكتشاف بصمة الصوت تم تغذيتها بأصوات يحيى السنوار ومحمد الضيف وكافة الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية ورغم ذلك فشلت كل هذه الإمكانيات الضخمة فى تحديد مكان رهينة واحدة.
على الجانب المقابل قامت حماس ببث فيديوهين فى إطار الحرب النفسية على إسرائيل وتضمن الفيديو الأول صور لثلاثة من الأسرى الذين قتلهم جيش الدفاع الإسرائيلي والآخر لثلاثة مسنين من مؤسسى الجيش الإسرائيلى الذين طالبوا نتنياهو بالإفراج الفوري عنهم وعدم تركهم يشيخون فى غزة.
ويرى البعض أن هذا الفيديو تحديدا كان الباعث الأول على طلب الهدنة ومبادلة الأسرى مع وضع أولوية التبادل لكبار السن.
المربع الأسؤ يقبع فيه نتنياهو وحيدا بعد فشل فرض الهدنة الذى أضيف إلى مجمل أهدافه الفاشلة التى رفعها في بداية الحرب مما دفع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق إلى الإعلان عن عدم واقعية الأهداف التى حددها نتنياهو في بداية الحرب وإنضم إليه إيهود باراك الذى أعلن عن ضرورة إيجاد آلية لإخراج نتنياهو وبن غفير من مجلس الوزراء الإسرائيلى.
الولايات المتحدة الأمريكية من جانبها بدأت تضغط أكثر على نتنياهو لتعديل أهدافه من الحرب وجاء رفضها الأخير لقرار مجلس الأمن الذى تقدمت به الإمارات العربية المتحدة للمرة الثانية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الكافية دون شروط أو تعطيل إلى قطاع غزة فعارضت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار ووافقت على إدخال المساعدات وهو ما اشتمل عليه القرار في النهاية ووصفه المندوب الروسي بأنه قرار افرغته الولايات المتحدة الأمريكية من مضمونه.
وباتت الولايات المتحدة أكثر اقتناعا بإيجاد مخرج لها من حرب غزة بعد تكثيف الحوثيين لحصار إسرائيل من خلال باب المندب وهو مادفع الولايات المتحدة لتشكيل تحالف بحرى اشتركت به دولة واحدة فقط هى البحرين.
ولعل أبرز التحديات التي تواجه هذا التحالف هو التكلفة المادية الباهظة لهذه الحماية فكل صاروخ سيتم إطلاقه لاعتراض مسيرة حوثية سيصل ثمنه إلى مليونان من الدولارات فى حين يبلغ سعر المسيرة ألفان من الدولارات.
واستراتيجيا سيكون صعبا جدا توفير الحماية الكاملة للملاحة وهو ماجعل شركات الشحن توقف معظم عملياتها بالبحر الأحمر وتحاول الولايات المتحدة جاهدة أن تقنع هذه الشركات بمعاودة العمل في البحر الأحمر.
وعلى الجبهة اللبنانية وصفت الولايات المتحدة مايحدث من تصعيد بين حزب الله وإسرائيل بأنه وصل إلى الدرجة القصوى وأنه إذا استمر فسيشكل خطرا ضخما على إسرائيل التى استدعت ٣٠٠ ألف جندى من الاحتياطي مما أثر سلبيا على الإقتصاد الإسرائيلى.
الأيام القادمة ستحمل أحداث كبيرة ستشكل تحولا ضخما في مسيرة وصول الحرب إلى نقطة النهاية.