طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (11)

بيان
دخلت عملية طوفان الأقصى منعطف خطير اليوم السبت ١٦ ديسمبر ٢٠٢٣ بإعلان الجيش الإسرائيلى التأكيد على قيام جنوده بقتل ثلاثة من الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية فى غزة بطريق الخطأ.
ولم يكتف الجيش الإسرائيلى بذلك بل أعلن أن النتائج الأولية للتحقيق الذى فتحه الجيش الإسرائيلى للحادث أثبتت رفع الأسرى الثلاثة للرايات البيضاء وصرخوا بكلمة “أغيثونا” بالعبرية.
ورغم ذلك سارع الجنود الإسرائيليين بقنص إثنين من الرهائن الثلاثة على الفور ورغم أوامر قائد الكتيبة الإسرائيلية بعدم فتح النار مرة أخرى إلا أن أحد الجنود الإسرائيليين أطلق النار على المحتجز الثالث الذى كان قد اختبأ داخل المبنى ثم عاد للظهور مرة أخرى ليلقى حتفه برصاص الجندى الإسرائيلى.
وهذا الحادث الذى يندرج تحت الخطأ المتعمد لأن به تعمد واضح للقتل رغم قوانين الجيش الإسرائيلى التى تمنع إطلاق النار على من يرفع الراية البيضاء.
هذا الحادث يعبر عن أكثر من مدلول.
فى المقدمة نجد أن هذا الحادث ينسف ماذكره نتنياهو في بداية الحرب يوم ٨اكتوبر بأن إطلاق سراح الرهائن سيتم بالقوة.
وفى المرتبة الثانية فإن هذا الحادث يدل على حالة البلبلة التى يعانى منها جنود إسرائيل الذين اعتقدوا أن هؤلاء الرهائن الثلاثة من فصائل المقاومة الفلسطينية ويعدون كمينا لهم فسارعوا بقتلهم.
المرتبة الثالثة توضح وحشية الجنود الإسرائيليين فى إطلاق النار دون التحقق قبل الضرب وهى عقيدة الإصبع على الزناد.
بالمجمل فإن هذا الفشل يضيف فشلا جديدا لعملية الإخفاق في إطلاق سراح ساعر باروخ الجندى الإسرائيلى الذى تم قتله أثناء محاولة إنقاذه.
والفشل الأعظم أن كل محاولات إطلاق سراح الأسرى إنتهت بقتل الأسرى ولم يتم تحرير أسير واحد بالقوة.
وحتى الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في صفقات تبادل مع الفصائل الفلسطينية أكدوا أنهم كانوا يخشون أن يقتلهم القصف الإسرائيلى الأعمى.
وملف الأسرى الذى كان يحتل المرتبة الثالثة من أولويات نتنياهو بعد القضاء على حماس وتصفية البنية العسكرية لكل الفصائل الفلسطينية ثم إطلاق سراح الرهائن.
والآن قفز ملف الأسرى ليحتل المركز الأول من أولويات الشارع الإسرائيلى الذى شهد مظاهرات حاشدة أمس الجمعة واليوم السبت مطالبة بصفقة شاملة لإطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين.
وليس غريبا وسط هذه التطورات المتلاحقة وصول رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلى((الموساد)) إلى قطر لبحث صفقة تبادل جديدة للأسرى مع وزير الخارجية القطرى.
من جانبها أعلنت الفصائل الفلسطينية أنها لن تعقد هدنة جديدة ولن تعقد أى مفاوضات لتبادل الأسرى إلا بعد وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة.
والمقاومة الفلسطينية وهى تتمسك بهذه الشروط تستند إلى واقع ميدانى صلب يتمثل في أداء عسكرى مذهل وصل إلى قصف مركز القيادة الإسرائيلى بحجر الديك وقتل مجموعة من الجنود الإسرائيليين وتصوير العملية وذلك بعد كمين الشجاعية.
وكما توقعت أنا منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية أن تحرير الأسرى الإسرائيليين لن يتم إلا بالمفاوضات وأن الأمر سينتهى بصفقة الكل مقابل الكل.
الخلاف الآن فى الكواليس حول نقطة الإجراءات وهل تتم صفقات متتالية كتلك التى تمت أثناء الهدنة السابقة؟
أم صفقات أكبر من السابقة ولكن لا تصل إلى صفقة شاملة؟
أم صفقة شاملة للكل الإسرائيلى مقابل الكل الفلسطيني وهو مايطالب به الشارع الإسرائيلى.
الأمر الأصعب الذى يبحث فيه نتنياهو هو كيف سيتم تسويق هذا التبادل للمواطن الإسرائيلى؟ والذى سيشكل تراجع جذرى في موقف نتنياهو وأهدافه من الحرب.
وكيف سيقبل نتنياهو بوقف شامل لإطلاق النار وهو مايعنى إنتهاء الحرب ومعها العصف بنتنياهو من الحياة السياسية الإسرائيلية؟
الأيام القادمة ستحمل أحداث كبيرة تشكل المشهد الختامى لملف الأسرى الذى لن يكون بعيدا عن مشهد نهاية الحرب.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى