محمد أنور يكتب: من هم أهل الله؟

بيان
هم أهل التجرد والتوكل في أقصى حالات إكتماله، وأهل الأخلاق والفضائل، لا يغفلون عن ذكر الله تعالى لحظة، لا يستأنسون إلا بمن يذكر الله.

لهم ثراء وآثار في دعم النوع البشري، لهم بصر وبصيرة عجيبة بالناس والزمان،كانوا من أنصار الاعتزال، ولم يكونوا دعاة للعزلة، حريصون على أحياء روح الصداقة الفاضلة بين الناس، ويحذرون هم من الرذائل، ويجردون الصحبة من المنفعة، ويوصون بالتوادد في كل المناسبات.

وكانوا يعودون المرضى ويصلحون بين الناس، فقد عرفوا الاعتزال كنوع من أنواع المراجعة، يراجع المرء بها نفسه وأصدقائه ومن يعيش معهم، ولم يعرفوا العزلة أو الانسلاخ عن الجماعة.

تنطلق منهم طاقة مشتاقة في عنفوان مقتدر شطر الطريق المفضى إلى سدرة المنتهى.. متسلقة جبال الَّضنى والهول غائصة في الأعماق المجهولة.. إلى عالم كل ما فيه عجيب، وجليل وباهر.. مسافرون إلى الله وفي ذات الوقت مسافرون بالله، لا وجود لأي شىء يحجبهم عن ذكر الله وملاقاته.

أهل الله هم اللباب المستنير والمخبوء للقضية كلها، أعمالهم كلها فاضلة، أهداهم الله إياها و أعانهم عليها، تمثل العبادة عندهم أوضح ملامح للإنسانية.

تمثل التوبة عند أهل الله بأنها إعادة صياغة وبناء للإنسان، ضمائرهم يقظة دائما لهم رائحة تفوح، وتشوهات تلوح، تتفتح قلوبهم وينفتح وعيهم على رحاب الرحمة والمغفرة فيرون من خلالها واتساعها مالا يرى سواهم من بقية الناس، فإن لحظة عابرة تحمل توبة صادقة، لتدك خطايا عشرات السنين دكا حتى تعود وكأنها ما كانت، نواياهم نقية وصمتهم ليس خواء، بل ممتلئ بأذكى التأملات الباطنة في دين الله ودنيا الناس.

يبذلون قصارى جهدهم للعلم فهو ذلك النور الذي يهديهم إلى خير ما يحب الله لعباده، يرون أن العلم سلاحا ضد الجهل وضد الهوى، ينظرون للعلم كقانون للعبادة ومنهج لها، وهذا العلم والفقه يتركز على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهى التى تهدى قلبه وترعرع روحه، ويصلون إلى الحاسة الباهرة والنادرة التي تمكنهم من رؤية الحكمة المستنيرة في الأعماق، ويفوز بمغانم فضائل الأخلاق ويكون صادقا وفاهما أنه يتعامل مع جوهر وقلب الاشياء، وصار عبدا ربانيا يرى بنور الله..!!

لقد اتخذ أهل الله الدنيا وراء ظهورهم ومعبرا لا مستقرا، قهروا الدنيا كم لم يقهرها أحد، وصادوا ملوكها حقا، كانوا يستيطيبون العذاب في سبيل إلا يطوقوا بمسئوليات مناصب يعلمون تمام العلم أنهم لن يستطيعوا أن يرفعوها إلى مستوى ورعهم ، يحيون في مناخ خلق لهم وخلقوا له.

يتوجون عبادتهم بالصلاة والذكر، ذلك أن الله شرع الصلوات في اليوم خمس مرات، والصلاة تمثل لقاء حقيقا مع الله وخط اتصال مستمر ودائم بين الله وبين عباده، والذكر هو رهبة تذيب الصخر وتدك الجبال دكا، فالله جليس من يذكره وهنا الميزان الذى لا ميزان مثله.

ولم تكن علاقتهم بالموت علاقة خوف ورهبة أكثر مما هي علاقة إيلاف ومحبه، فالموت هو إنتقال من دار إلى دار ، ومن ثم هم في شدة خوفهم الموت يحاذرون أن تقصر بهم أعمالهم، فيرهبون هذا الإنتقال، ومن ثم فهم والموت في صداقة حميمة، بحبونه وينتظرون مقدمه في شوق وحبور.

اقرأ أيضا للكاتب:

محمد أنور يكتب: القاهرة والقدس

محمد أنور يكتب: التكوين اليهودى قديما وحديثا

نرشح لك:

قراءة فى آية الصدقات من سورة التوبة

زر الذهاب إلى الأعلى