طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (15)
بيان
تطورات بالغة الأهمية شهدتها عملية طوفان الأقصى على مدى الأيام الماضية على مختلف ساحات الصراع بالشرق الأوسط وسط تباين كبير فى مواقف كافة الأطراف الفاعلة في المنطقة.
فرغم تجاوز الحرب كافة الخطوط الزمنية الحمراء والأسقف المحددة لها فقد أعلنت إسرائيل يوم الإثنين الماضى ٢٢يناير ٢٠٢٤ أصعب أيام الحرب على الإطلاق والذى مر على الجيش الإسرائيلى موقعا ٢٢ قتيلا دفعة واحدة فى عمليات تفخيخ نوعية عالية الدقة نفذتها حماس في خان يونس.
وما سبق هو إعلان يدل على أن عامل الوقت الذى تراهن عليه إسرائيل في حربها على حماس أصبح يسير في الطريق المعاكس ويشكل ضغطا كبيرا على كابينت الحرب الإسرائيلى الذى يتخبط بشأن المرحلة الثالثة من العمليات العسكرية في غزة ويقف عاجزا عن السيطرة على مدينة خان يونس مسقط رأس يحيى السنوار عقل حماس المفكر فى هجمات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ .
كما يأتى هذا على الرغم من حشد سبعة ألوية مقاتلة تحاصر المدينة منذ فترة طويلة وتواجه تكتيكات غير متوقعة من الفصائل الفلسطينية التى تقف ثابتة وصامدة رغم كسر حاجز اليوم المائة دون طعام أو مياه اوكهرباء أو دواء.
وفى الوقت الذى تقاتل فيه حماس بشراسة فإن سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بدأت فى تنفيذ عمليات متنوعة بالغة الجرأة دون الاكتفاء بقصف تجمعات الجيش الإسرائيلى بقذائف الهاون والذى تخصصت فيه سرايا القدس منذ بداية الاجتياح البرى الإسرائيلى لقطاع غزة.
وأصبح كابينت الحرب الإسرائيلى بين مطرقة الموقف العسكرى المتدهور داخل غزة وبين مستنقع عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس والذين تحركوا لأول مرة لقطع الطرق فى إسرائيل والتظاهر أمام منزل نتنياهو للمطالبة بصفقة شاملة لتبادل الأسرى تضمن عودة ذويهم للمنازل.
من ناحية أخرى تدهور الموقف السياسى بشدة بين إسرائيل والوسيط القطرى في عمليات تبادل الأسرى بعد تسريبات لنتنياهو أعلن فيها غضبه الشديد من قطر لعدم ممارستها الضغط الكافى على حركة حماس لإطلاق سراح المعتقلين لديها رغم امتلاك قطر لآليات هذا الضغط لكونها الداعم المالى لحماس.
ولم يتوقف نتنياهو عند هذا الحد بل أعلن صراحة أن الغرب ينافق قطر ولايتعامل معها بالضغط المناسب عليها كى تضغط على حماس لإطلاق سراح المعتقلين الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية.
ومن جهته أعلن وزير المالية الإسرائيلى أن قطر يجب معاملتها كدولة داعمة للإرهاب بسبب تمويلها لحركة حماس.
وجدد نتنياهو تصريحاته الرافضة تماما لحل الدولتين وأعلن إستمرار إسرائيل في رفضها لوجود دولة فلسطينية وهو ما وسع ثغرة الخلافات مع الولايات المتحدة التى اعلنت رفضها لتصريحات نتنياهو مع تأكيد بلينكن وزير الخارجية الأمريكي على رفض أمريكا لوقف إطلاق النار فى غزة لأنه سيسمح لحماس بالاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
ولاتكتفى الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الموقف بل استمرت في شن ضربات على مواقع الحوثيين بهدف منع هجماتهم على السفن المتجهة لإسرائيل وكذلك السفن الأمريكية والبريطانية التى أعلن الحوثيين استهدافهم لها بعد سلسلة الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية على اليمن والتى لم تمنع إستمرار الهجمات.
والحوثيون أعلنوا يوم الأربعاء ٢٤ يناير ٢٠٢٤ استهداف سفينة حربية أمريكية بالصواريخ المناسبة واصابتها إصابة مباشرة وهو ما أنكرته الولايات المتحدة التى تواجه موقفا صعبا فى جنوب الأحمر، وموقف أصعب فى العراق بعد استمرار الضربات على القواعد الأمريكية والرد الأمريكى بقصف أهداف للحشد الشعبى داخل العراق واستمرار الحكومة العراقية في مطالبة الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق وهى محاولات مضنية تبذلها حكومة العراق لإبعاد البلاد عن مرمى الضربات الأمريكية التى وصلت ضواحى بغداد والضربات الإيرانية التى طالت كردستان العراق.
وتماطل الولايات المتحدة فى سحب قواتها من العراق وترسل بخطة أمريكية لرئيس الوزراء العراقى بواسطة السفيرة الأمريكية تشتمل على استعداد الولايات المتحدة لسحب قواتها وفق جدول زمنى ولكن بعد توقف كافة الضربات التى تستهدف القواعد الأمريكية.
جبهة جديدة فتحتها إسرائيل على نفسها مع مصر بعد عدة خطوات بدأت في محكمة العدل الدولية عندما أعلن فريق الدفاع الإسرائيلي عن تسبب مصر فى عدم وصول المساعدات إلى غزة وهو مانفته مصر تماما بإعلانها الواضح عن فتح معبر رفح على مدار الساعة منذ ٧ أكتوبر الماضى.
ولم يكد هذا الموقف يمر حتى أعلنت إسرائيل عن نيتها احتلال محور فيلادلفيا وهو مارفضته مصر شكلا وموضوعا وأعلنت أنه يخل بمعاهدة السلام الموقعة بين الطرفين عام ١٩٧٩.
على الجبهة اللبنانية ورغم قصف حزب الله اللبناني لقاعدة ميرون العسكرية الإسرائيلية للمرة الثانية ردا على عمليات الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل ضد عناصر وحدة الرضوان التابعة لحزب الله ورغم اشتداد عمليات قصف القاعدة الإسرائيلية فقد أعلنت إسرائيل عدم سعيها لفتح جبهة حرب جديدة مع حزب الله اللبناني وإن كانت مستعدة لخوضها في أى وقت.
الفصائل الفلسطينية من جهتها لاتكتفى بالأداء النوعى القوى فى الميدان بغزة ولكنها تمارس أعلى درجات الحرب النفسية على إسرائيل ببث فيديوهات بين الحين والآخر لمحتجزين إسرائيليين لديها يناشدون نتنياهو بوقف الحرب وابرام صفقة تبادل تسمح بعودتهم لمنازلهم وهو تحدى يواجهه نتنياهو بالمماطلة ورفض شروط حماس لهذه الصفقة وفى مقدمتها وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة.
ويواجه نتنياهو تحدى أكبر فى محكمة العدل الدولية التى أعلنت اليوم الخميس ٢٥ يناير عن إعلان حكمها غدا الجمعة فى القضية التى رفعتها جنوب افريقيا ضد إسرائيل وتتهمها فيها بتنفيذ الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
لازلت أرى أن الأيام القادمة ستحمل أحداث كبيرة ولكنى لااعتقد أنها ستكون فارقة في حرب غزة.
