تهديد إسرائيلي لحزب الله: ليس لدى بيروت قبة حديدية ولا معجزة لاعتراض هجماتنا
كتب: أشرف التهامي
مقدمة
نشر المحلل السياسي بموقع واي نت “Ynet” الإسرائيلي يوسي يوشآو تحليلاً عن تصارع قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل حالياً مع سؤال ملح كان منذ فترة طويلة مصدر قلق كبير على المستويات العليا في الجيش الإسرائيلي ألا وهو: هل من المبرر إطلاق حملة تهدف إلى إعداد الإسرائليين لصراع محتمل مع حزب الله؟
وناقش يوشآو في تقريره احتمالات المواجهة المحمومة عسكريا بين إسرائيل وحز الله اللبناني، ومدى ذعر الجمهور الاسرائيلي في كافة مراحل المواجهة قبل وأثناء وبعد طوفان الأقصى، واقترح توصيات للقيادات الإسرائيلية لمواجهة تلك التحديات.
وفى التالى نص التقرير الذي يعبر عن حال غالبية الجمهور الإسرائيلي كما يقول كاتبه:
شكوك متزايدة وانعدام ثقة
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التوترات بين إسرائيل وحزب الله بشكل مطرد، مما أثار المخاوف بشأن التصعيد المحتمل للصراع.
وفي حين أن حدة المناوشات على الحدود الشمالية ربما لم تتغير بشكل جذري، فقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن هذا الوضع لديه القدرة على الخروج عن نطاق السيطرة. ربما لا يسعى الجانبان إلى خوض حرب شاملة، لكن الشكوك المتزايدة وانعدام الثقة بينهما أصبحت واضحة.
خلق المزيد من التوتر والقلق على الجانبين
ومما زاد من حدة التوترات المتصاعدة، في نهاية الأسبوع الماضي، ظهرت تقارير في وسائل الإعلام اللبنانية تشير إلى أن إسرائيل تستعد لهجوم ضد حزب الله.
ومثل هذه المنشورات، سواء كانت مبنية على الحقيقة أم لا، لديها القدرة على خلق المزيد من التوتر والقلق.
ويمكن أن تؤثر على استعداد حزب الله واستجابته كمنظمة، مما قد يدفعهم إلى عقلية الطوارئ.
علاوة على ذلك، يمكنها أن تغرس شعوراً باليقظة المتزايدة بين السكان في لبنان، مما يعكس الوضع الحالي في إسرائيل.
تعزيز الاستعداد الاسرائيلي للصراع المحتمل في لبنان
في الوقت الحاضر، صدر إعلان بشأن دراسة قيادة الجبهة الداخلية بإسرائيل لحملة فريدة من نوعها تهدف إلى تعزيز الاستعداد للصراع المحتمل في لبنان.
ورغم أهمية ضمان جاهزية الرأي العام الإسرائيلي، فإن هذا القرار من شأنه أن يثير تكهنات على الجانب المعارض، لا سيما في ضوء عدم اهتمام إسرائيل بالحرب وسعيها إلى إيجاد حلول دبلوماسية، مثل حزب الله.
في العقد الماضي، واجه مسؤولون رفيعو المستوى في الجيش الإسرائيلي معضلة تتعلق بكيفية التواصل الفعال مع التهديد الذي يشكله حزب الله في المنطقة الشمالية، وهو تهديد يمكن أن يتصاعد إلى حرب واسعة النطاق.
وكان السؤال المركزي يدور حول مدى ملاءمة الكشف علناً عن خطورة التهديد، بهدف مواءمة توقعات الجمهور الاسرائيلي، ورفع الوعي لديهم، وتعزيز جهوزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ومع ذلك، كان هناك أيضًا تفاهم على أن نشر مثل هذه السيناريوهات يمكن أن يثير الذعر لدى الاسرائيليين ويوفر عن غير قصد مزايا أمنية لنصر الله من خلال تقويض الردع الإسرائيلي.
على مر السنين، تم طرح اقتراحات مختلفة لحملات إعلامية تشمل قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية، على غرار تلك المألوفة لدي الاسرائيليين لإعداد الملاجئ أو إنشاء مساحات محمية داخل المنازل.
وتضمنت هذه المقترحات سيناريوهات افتراضية حددت امتلاك حزب الله في لبنان لـ 150 ألف صاروخ، والقدرة على إطلاق أكثر من 4000 صاروخ يوميًا خلال القتال العادي، وقدرات الصواريخ الدقيقة، والطائرات الهجومية بدون طيار، والمزيد.
ويتم حاليًا ملاحظة الاسرائيليين بعض هذه القدرات على طول الحدود الشمالية.
في النهاية، وبعد دراسة متأنية، اتخذ رؤساء الأركان في الجيش الاسرائيلي، الذين عرضت عليهم هذه المقترحات، قرارًا بعدم بث الخوف في الجمهورالاسرائيلي.
تتصارع قيادة الجبهة الداخلية في اسرائيل حاليًا مع القرار الصعب المتمثل في إطلاق حملة لإعداد الجمهور الاسرائيلي لاحتمال الحرب.
وتكمن المعضلة من وجهة نظرهم في فهم أن مثل هذه الحملة، حتى في غياب معلومات استخباراتية ملموسة تشير إلى نية حزب الله لبدء الأعمال العدائية، يمكن أن تزيد من الاستعداد وفي الوقت نفسه تزرع الذعر بين الجمهورالاسرائيلي.
وفي الأشهر الأخيرة، أثارت حالة عدم اليقين والتوترات في المنطقة الشمالية في اسرائيل العديد من التخمينات والتكهنات بشأن العواقب المحتملة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية في حالة نشوب صراع مع حزب الله.
ومن بين المدافعين عن تنسيق التوقعات مع الجمهور السلطات المحلية في الشمال، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.
وقد أعربت هذه السلطات بالفعل عن قلقها بشأن الوضع الأمني، وطلبت اتخاذ الاستعدادات اللازمة لتمكين السكان في اسرائيل من مواجهة التهديد المتمثل في شن هجوم واسع النطاق على إسرائيل بشكل فعال.
وبلسان حال الاسرائيليين حسب التقرير “من المهم أن نتذكر أننا لم نعد في السادس من (أكتوبر) عند دراسة السؤال المهم المطروح.
وبينما يتركز الخطاب العام بشكل مفهوم حول الأحداث في غزة، يجب علينا أن نعترف بأن الوضع الأمني على الجبهة الداخلية قد تغير. ومع الوجود النشط للجيش الإسرائيلي في القطاع، انخفض إطلاق النار باتجاه البلدات الجنوبية بشكل ملحوظ، وفي الأسابيع الأخيرة، تم توجيه غالبية الهجمات نحو البلدات الشمالية.”
التحول في عقلية الجمهور، الإسرائيلي
ويضيف التقرير الاسرائيلي “علاوة على ذلك، من الجدير تسليط الضوء على التحول الملحوظ في عقلية الجمهور، الاسرائيلي منذ اندلاع الحرب، اكتسب السكان الاسرائيليين فهمًا عميقًا للتداعيات المحتملة للصراع في الشمال.
وقد بادر مئات الآلاف بالفعل إلى الإخلاء أو البحث عن ملجأ في مكان آخر، وهم يدركون تمام الإدراك قدرات حزب الله والمسؤوليات التي تأتي مع صراع واسع النطاق.”
كما يؤكد التقرير أن “طوال فترة الحرب المستمرة، اتخذت قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية إجراءات معقولة لتزويد المواطنين الاسرائيليين بالأدوات اللازمة لمواجهة الهجمات الصاروخية ومحاولات التسلل والتوغلات لحزب الله.
ويلفت التقرير النظر أن عدد الضحايا على الجبهة الداخلية الاسرائيلية ظل منخفضًا بشكل ملحوظ مقارنة بالحجم الهائل للصواريخ التي تم إطلاقها باتجاه إسرائيل.
وهذا يعكس بلا شك اهتمام الجمهور الاسرائيلي بالتعليمات التي تلعب دوراً حاسماً في حماية الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
ويسأل التقرير “ولكن كيف يمكن التغاضي عن أحداث 9 أكتوبر، بعد يومين فقط من بدء الحرب، عندما أصدرت قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية تعليمات لجميع السكان بتخزين الطعام والماء لمدة 72 ساعة؟.
وأكمل التقرير “وفي غضون فترة قصيرة من الزمن، أثار مشهد أمة بأكملها وهي تفرغ رفوف محلات البقالة انتقادات واسعة النطاق تجاه القيادة الداخلية، بما في ذلك انتقاداتي (الحديث للكاتب) لكننا ندرك اليوم أنه في ذلك الوقت، وفقاً لتقارير صحيفة واشنطن بوست، كانت الحرب مع حزب الله أقرب من أي وقت مضى.
كانت الطائرات الاسرائيلية في الجو بالفعل، تستعد للهجوم، ولو اندلعت مثل هذه الحملة، لكان من المؤكد أن التوجيهات التي قدمتها قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية ستنقذ الأرواح.”
ويضيف التقرير الاسرائيلي أنه “من المهم التأكيد على أن التوجيه الرسمي الذي قدمته قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية فيما يتعلق بالاستعداد للحرب له وزن كبير.
فهو لا ينطوي على القدرة على إثارة الذعر العام فحسب، بل قد يؤدي أيضاً إلى نقص في السوق وتقويض ثقة الجمهور الاسرائيلي، وهو جانب حساس من العلاقة بين السلطات الاسرائيلية والجيش الإسرائيلي.
ونتيجة لذلك، يجري الجيش الإسرائيلي تقييمات يومية ويقيم بشكل مستمر السياسة الدفاعية للجبهة الداخليةالاسرائيلية في حالة وجود تحذير محدد، يقوم جهاز الأمن الاسرائيلي، بتسهيل من قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بتنسيق التوقعات مع الجمهور الاسرائيلي على الفور وإعدادهم لصراع طويل الأمد.
ويضيف الكاتب الاسرائيلي في تقريره “علاوة على ذلك، تعلمنا من التاريخ أن الذاكرة العامة زائلة.
وعلى الرغم من المناقشات التي دارت حول احتمال نشوب صراع شمالي في مناسبات متعددة في السنوات الأخيرة، إلا أن تأثيره على السكان كان ضئيلاً نسبياً.
وحتى لو تم تنسيق التوقعات، خاصة في ظل الظروف الحالية، فمن المرجح أن تتلاشى هذه المخاوف بسرعة من أذهان الناس. لذلك، يبدو من غير الضروري زرع الخوف في نفوس الجمهور وإعدادهم لحدث لا يزال غير مؤكد من حيث التوقيت والحدوث.”
صياغة توصية لمسار العمل التالي
ويرى التقرير أنه “يتحمل اللواء رافي ميلو من قيادة الجبهة الداخلية مسؤولية كبيرة عندما يقوم بصياغة توصية لمسار العمل التالي.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان عامة الناس يدركون بالفعل مدى خطورة التهديد، أو ما إذا كانت الحملة ضرورية وتوضح مزاياها وعيوبها بوضوح.
ونظرا لحساسية الأمر، فإن مثل هذه الحملة ستتطلب أيضا موافقة رئيس الأركان هرتسي هليفي ووزير الدفاع يوآف جالانت.
علاوة على ذلك، من الضروري الاعتراف بأن أي حملة من هذا القبيل يجب أن تتضمن تنسيق التوقعات فيما يتعلق بعواقب الحرب على حزب الله والدولة اللبنانية.
وانتهى الكاتب “ومن الجدير بالذكر في هذه المرحلة أن أي حملة من هذا النوع ستؤثر حتماً على الجبهة الداخلية في إسرائيل.
ومع ذلك، يجب أن يدرك الجمهور أن الجيش الإسرائيلي قد حقق تقدمًا كبيرًا في قدراته النارية، سواء من الجو أو الأرض.
وستشمل الضربات هذه المرة قنابل دقيقة وصواريخ ونظام دفاع معزز.
ومن المهم الإشارة إلى أن بيروت تفتقر إلى القبة الحديدية أو إلى حل معجزة لاعتراض هذه الهجمات.”