طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين؟ (17)
بيان
كما توقعت تماما فى المقال السابق وذكرت الغموض الشامل على كل جبهات حرب غزة وأيضا ذكرت أن شكوك عميقة تحيط بصفقة تبادل الأسرى وفرض هدن طويلة فى غزة.
مع دخول عملية طوفان الأقصى شهرها الخامس فشلت تماما صفقة باريس لتبادل الأسرى ورغم الفشل خرجت حماس بموقف قوى بعد طرحها صيغة معتدلة تقبل بنقاط لم تتوقع إسرائيل قبولها مثل تخفيض عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم إلى ١٥٠٠ بينهم ٥٠٠ أسير من أصحاب الأحكام المؤبدة ولكن بقى الشرط الأساسى الذى وضعته حماس وهو وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة وهو مارفضه نتنياهو الذى يعلم جيدا أن هذا الشرط يعنى إعلان هزيمة إسرائيل دون تحقيق هدف واحد من أهداف الحرب على غزة فتحرك نتنياهو بخطوة استباقية بالتهديد باجتياح مدينة رفح المكتظة بمليون ونصف مليون نازح حتى الآن لتحقيق الضغط على حماس لتقليل سقف الشروط التى تريد تحقيقها وفى ذات الوقت تهيئة الظروف لهذا الاجتياح فى حالة فشل المفاوضات.
ويشكل اجتياح مدينة رفح معضلة كبيرة لإسرائيل التى تواجه معارضة مصرية شديدة لهذا الإجراء بالإضافة إلي الموقف السعودى المعلن والرافض تماما لهذه الخطوة ووصل إلى دعوة مجلس الأمن لاتخاذ قرار حسم بمنع هذا الاجتياح.
وإلى هذه اللحظة يبحث نتنياهو عن مخرج حقيقى للأزمة الممتدة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والتى نتج عنها الفشل الحقيقى لإسرائيل فى تحقيق هدف واحد من أهداف الحرب المعلنة.
على الطرف الآخر تقف حماس ثابتة في الميدان بتحقيق الاستهدافات اليومية للجنود والآليات العسكرية الإسرائيلية والتى توثقها فيديوهات حماس اليومية أيضا وفى ذات الوقت تدير حماس معركتها السياسية بمنتهى الاقتدار وبفرض شروطها تارة والتنازل في الحدود الضيقة تارة أخرى بما لايسمح لإسرائيل بتحقيق إنجاز واحد في هذه الحرب العبثية.
وتظل حماس صاحبة هدف السبق وهو نفى نظرية أمان إسرائيل الذى تحكمه المستوطنات بعد نجاح هجوم السابع من أكتوبر وهو ماحققه حزب الله اللبناني بطريقة أخرى فى استهداف مستوطنات شمال إسرائيل وتحويل أكثر من مائة ألف مستوطن إلى لاجئين وهو مايعصف بنظرية أمن المستوطنات التى تعتبر خط الدفاع الأول عن إسرائيل.
الطرف الثالث الرئيس فى حرب غزة بعد إسرائيل وحماس هى الولايات المتحدة الأمريكية التى يتعزز فشلها يوما بعد يوم وتغوص أكثر فى مستنقع الخسائر التى لم تكن فى الحسبان في بداية عملية طوفان الأقصى فيجد الأمريكى نفسه فاشلا في مضيق باب المندب مع استمرار التوقف التام لحركة الملاحة فى ميناء إيلات رغم استمرار القصف الأمريكى للمدن اليمنية ومواقع الحوثيين التى يزعم الأمريكيون أنها مخازن الأسلحة التى تهدد الملاحة فى باب المندب.
ويبقى استمرار استهداف الحوثيين لكافة السفن الأمريكية فى البحر الأحمر وخليج عدن وليس السفن الأمريكية المتجهة لإسرائيل فقط كابوس يقض مضاجع الإدارة الأمريكية.
وعلى جبهة العراق استعارت الولايات المتحدة أسلوب الاغتيالات الإسرائيلى فى التعامل مع قادة المقاومة العراقية وآخرهم القائد الميدانى لحزب الله العراقى مما دفع كافة الفصائل العراقية إلى معاودة الهجوم على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
بالمجمل نجد الفشل الأمريكى يتحرك على كافة الجبهات ويتقاطع مع الفشل الإسرائيلي فى نقطة عدم تحقيق هدف أمريكى واحد على الأرض.
وعلى الجبهة اللبنانية أعلن حزب الله وصوله فى العمليات العسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية إلى رقم الألف عملية نوعية بتطوير الأسلحة والاستهدافات فى إطار حرب يضع حزب الله شروطها وفعالياتها ويفرضها على إسرائيل ويمنع مجرد التفكير فى توسيع نطاق الحرب بصواريخه التى ستصل إلى كافة المدن الإسرائيلية مما سيزيد عدد المستوطنين النازحين من شمال إسرائيل بإضافة سكان المدن التى سيصل إليها قصف حزب الله الصاروخى.
وتقف إيران بعيدا وقريبا لتراقب الموقف بأكمله وتتعدد زيارات وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان لتسجل رقم الزيارة الثالثة منذ السابع من أكتوبر وتتضمن الاجتماع بحسن نصر الله زعيم حزب الله بما يشكل اللمسات الجديدة لإيران على جبهة الحرب بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية.
وأتوقع فى الأيام القليلة القادمة تبلور موقف واضح سواء على المستوى السياسى بالتوصل إلى حلول وسط لفرض هدنة طويلة تضغط فيها أمريكا بشكل أضخم على نتنياهو أو برفض نتنياهو لهذا الضغط وتفجيره للموقف كله باجتياح مدينة رفح وهو ماسيشعل الموقف بالكامل.