الدوريات “الروسية -التركية” المشتركة شمال شرقي سورية.. ما مصيرها؟ 

كتب: أشرف التهامي

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية في وقت سابق من شهر مارس الجارى أنّ الدوريات العسكرية المشتركة بين روسيا وتركيا التي تُسيَّر في مناطقها متوقِّفة منذ 4 أشهُر، بما في ذلك في منطقة الدرباسية شمال الحسكة.
وحسَبَ رصد مركز جسور للدراسات الأمنية والعسكرية والاستخبارية المعارض للدولة السورية، كانت آخِر دورية مشتركة سيّرها الطرفان في كل من:
1- الدرباسية بتاريخ 24 أغسطس 2023،
2- في مسار عين العرب/ كوباني بتاريخ 17 يوليو 2023.
3- في مسار المالكية/ ديريك في 22 ديسمبر 2022.
وبصفة عامة الدوريات المشتركة متوقّفة منذ فترة أطول من 4 أشهر.

الدوريات “الروسية التركية” المشتركة

الدوريات “الروسية التركية” المشتركة هي الأداة الرئيسية التي اعتُمدت من الجانبين لمراقبة تنفيذ بنود مذكرة تفاهُم سوتشي (2019) وبشكل خاص البند المتعلق بانسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني الانفصالي من الشريط الحدودي بين سورية وتركيا إلى مسافة 30 كم جنوباً، حيث تم تسيير الدوريات منذ بداية أكتوبر 2019 وَفْق 5 مسارات كالتالي:
1-  (2) منها في منطقة عين العرب شمال شرق حلب.
2-  (2) في منطقة الدرباسية.
– مسار واحد في منطقة المالكية/ ديريك في محافظة الحسكة.
كيف كانت الدوريات المشتركة؟
استمرّت تركيا وروسيا 4 أعوام تقريباً بتسيير الدوريات المشتركة؛ حيث تمكنا من تسيير 215 دورية كانت كالتالي:
1-  (143) منها في منطقة عين العرب.
2-  (64) دورية في منطقة الدرباسية.
3-  (8) في منطقة المالكية/ ديريك.

هل حققت الهدف منها؟

ومع ذلك لم ينجح الطرفان على ما يبدو في تحقيق الغاية المراد منها؛ إذ حافظ حزب العمال الانفصالي والتنظيمات الارهابية التابعة له في سورية على أنشطتهم وانتشارهم في مناطق مسارات الدوريات عَبْر اتباع عدة تكتيكات أبرزها:
1-إبعاد مراكز انتشارهم وعملياتهم عن مسارات الدوريات المشتركة الثابتة التي باتت معروفة لجميع الأطراف.
2-تغيير تحرُّكات عناصرهم وقياديِّيهم لتجنُّب تلك الدوريات، خاصةً أنّ مواعيدها أيضاً تسير غالباً وَفْق جدول زمني ثابت تحصل عليه قسد الانفصالية عن طريق مكاتب تنسيقها مع روسيا.
3-استمرار عمليات الحزب الانفصالي التي تستهدف تركيا في المناطق الحدودية أو في العمق التركي، وتنطلق أو يتم التحضير لها انطلاقاً من مناطق قسد التي يتم فيها تسيير الدوريات المشتركة.

أسباب توقفها

ثَمّة عدد من الأسباب التي أدّت غالباً إلى توقُّف تسيير الدوريات التركية الروسية المشتركة في مناطق سيطرة قسد الانفصالية شمالي سورية وشرقيها وأهمّها:
تقييم تركيا السلبي لجدوى استمرار تسيير الدوريات المشتركة مع استمرار أنشطة حزب العمال الكردستاني الانفصالي، لا سيما في المناطق الحدودية التي بات يستخدمها كقواعد عمليات لتنفيذ هجماته داخل سورية أو في تركيا كما حصل في هجمات إسطنبول وأنقرة.
تغيير تركيا لآلية مراقبة ورصد أنشطة الحزب الانفصالي داخل مناطق سيطرة قسد الانفصالية ، والتركيز بشكل أكبر إمّا على الاستعانة بفِرَق الرصد الخاصة بجهاز الاستخبارات لديها التي ازداد نشاطها بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ونجحت في الانتقال من مهمة الرصد إلى تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة لكوادر الحزب الانفصالي في عُمْق مناطق قسد الانفصالية كعملية اغتيال القيادي مراد أتش وسط مدينة القامشلي في 12 فبراير 2024 ، أو التنسيق مع مجموعات محلية ارهابية مُعارِضة لقسد الانفصالية داخل مناطق سيطرتها البعيدة عن نطاق الطيران التركي، خاصةً في مناطق دير الزور وريف الحسكة الجنوبي كعملية اغتيال القيادي في قسد وحزب العمال الانفصاليين شيروان حسن (روني) بتاريخ 5 ديسمبر 2023 عند مدخل قاعدة قوات التحالف الدولي في حقل العمر النفطي.

احتمال أن يكون توقُّف الدوريات المشتركة مرتبطاً بإجراءات احترازية أمنية تتبعها عادةً تركيا، وتتمثل بوقف الدوريات المشتركة في فترات التصعيد الجوي ضد حزب العمال وقسد الانفصاليين لتجنُّب أي عمليات انتقام عَبْر التنظيمات الارهابية المحلية التابعة لهما والمنتشرة في مناطق مسارات الدوريات المشتركة، لكن طول فترة توقُّف الدوريات المشتركة وعدم تزامُن ذلك في البداية مع تصعيد عسكري تركي يجعل هذا الاحتمال ضعيفاً ومستبعَداً.

الخلاصة

ختاماً يمكن القول: يُتوقَّع أن تتوقّف الدوريات المشتركة بين الجانبين ضِمن مناطق قسد الانفصالية بشكل دائم، أو على الأقل يحصل تغيير في طبيعتها ومساراتها الحالية في حال استئنافها مستقبلاً، والذي قد يرتبط بتحقيق تركيا نجاحاً في تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة وروسيا لإعادة تقييم هذه الآلية وتغييرها لضمان فاعلية أكبر لها؛ مثل توسعة مساراتها لتكون أكثر مرونة وتغطي أكبر قدر ممكن من مناطق سيطرة قسد الانفصالية، خاصةً المالكية والقامشلي التي تُعتبر أكثر المناطق الآمنة لانتشار وأنشطة حزب العمال الانفصالي وجميع المناطق الأخرى التي ينشط فيها مع التنظيمات الارهابية التابعة له في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى