شريف عبد القادر يكتب: “حتتين.. واحدة من الخارج والثانية محلية”
بيان
(1)
“من الخارج”
في أوائل تسعينيات القرن الماضي، شاهدتُ في ميلانو بإيطاليا عمال الكهرباء يقومون بأعمال حفر لإجراء إصلاحات، وكان بجانبهم عربةُ زلطٍ صغيرة لزومِ رصف مكان الحفر بالإسفلت.
وعندما مررتُ من نفس الطريق في اليوم التالي، تمكنتُ من معرفة مكان الحفر بسبب لون الرصف الحديث، ولم أجد أيّ مخلفاتٍ ناتجة عن الحفر.
وشاهدتُ حالةً مشابهةً في شارعٍ مبلّطٍ ببلاطاتٍ من البازلت الأسود، فبعد انتهاء العمل قاموا بإعادة تبليط مكان الحفر وكأنّه لم يتمّ أيّ أعمالٍ في المكان، ولم أجدْ أيّ مخلفاتٍ أيضًا.
يتضح من ذلك أنّ كلّ شركةٍ من شركات المرافق تقوم، من خلال عمالها، برصف مكان الحفر بحرفيةٍ عاليةٍ، وكذلك التبليط.
متى نقتدي بهم ونقلع عن إلزام شركات المرافق بسداد قيمة رصف ما سيتمّ حفره مسبقًا؟
وبالتالي، تُبدّدُ ما تتلقّاه في حوافز ومكافآتٍ لبعض موظّفيها، وتتركُ أثرَ الحفر لسنواتٍ لحين تسمحُ الميزانية واختيارُ مقاولٍ غافلٍ تُهبطُ عليه المناقصة.
ما شاهدتهُ في إيطاليا ليس كيمياءً أو فيزياءً أو أمرًا صعبَ التنفيذ.
ولكن للأسف، تُعاندُ البيروقراطيةُ الإداريةُ كلّ من يحاولُ إعاقةَ ربحها المُخالف.
(2)
“المحلية”
منذ سنوات قليلة، أصدرت الدولة تعليمات مشكورة بإعفاء من تجاوزوا سن الستين من نصف قيمة تذكرة المترو وأوتوبيسات النقل العام، بينما يُركب من بلغوا سن السبعين مجانًا مقابل استخراج بطاقة للمترو صالحة لثلاثة أشهر بتكلفة خمسة جنيهات، وينطبق الأمر نفسه على الأوتوبيسات.
ولكن لماذا لا يتمّ تعميم هذه البطاقة لتشمل جميع وسائل المواصلات الحكومية، مع مدّ صلاحيتها لتصبح عامًا كاملًا؟
الأمر الغريب أنّ “ميني باص” القطاع الخاص رفض المشاركة في منح هذه المميزات لكبار السن، على عكس وسائل النقل الحكومية.
وأكثر غرابةً أنّ الترخيص الممنوح من هيئة النقل العام لشركات الـ “ميني باص” يُلزمها بعدم وقوف الركاب، إلا أنّها لا تلتزم بذلك.
كما أنّ صيانة أغلب هذه الشركات غير ملحوظة، فالمقاعد ممزقة أو مخلوعة، والنظافة غائبة، وتكدس الركاب أمرٌ عادي، ورفع قيمة التذكرة أصبح معتادًا حتى وصلت إلى عشرة جنيهات.
بينما تتميّز أوتوبيسات النقل العام، في المقابل، بالنظافة من الداخل والخارج في أغلبها، إن لم يكن جميعها، ولا توجد تشوهات في المقاعد، وأسعار تذاكرها أقل من شركات القطاع الخاص.
لذلك، نتمنى عدم التركيز بشكلٍ مفرطٍ على الاعتماد على القطاع الخاص كسند للدولة.
اقرأ أيضا للكاتب:
– شريف عبد القادر يكتب: الصهيونية والاستعمار (2)
شريف عبد القادر يكتب: الصهيونية والاستعمار (1)