” قل شكوتك “.. بقايا على جدران الماضي

كتبت: أسماء خليل

“حينما تتوه مني الكلمات”.. هذا أفضل تعبير عما يختلجني الآن، إنني لا أعلم ماذا أقول وعمَّن أحكي، وممَّن أشكو؟!.. إن هؤلاء الأشخاص هم الأقربُ لي من نفسي، ولكنهم آذوا نفسي.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها السيدة  “ع.ن” ، عبر البريد الإلكتروني تبثُ فيها همومها، راجيةً من الله أن تجد من يشاركها أحزانها.

الشكوى

إنني المكلومة “ ع.ن”.. زوجة ببداية العقد الرابع من سِنِي عمري، حاصلة على مؤهل متوسط، تشاركني في يوم ميلادي أختي توأمتي، التي لازمتني منذ بداية معرفتي الحياة، شاركتني فرحتي وحزني حتى زواجنا، ولكن الآن لم تعد تشاركني سوى ببعض الكلمات بالعالم الافتراضي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أبي يعمل فني سيارات لم يكمل تعليمه، وأمي ربة منزل لم تنل أي قسط من التعليم، كنت أنا وأختي التوأم بداية فرحتهما بالحياة، ثم بعد ميلادنا بعشر سنوات أنجبت أمي ولدَين، كل منهما تلو الآخر، هما الآن في العقد الثالث من عمرهما، وكل منها حاصل على دبلوم صناعي، ويعملان بورشة أبي.

لم يتزوج أحد أخوتي الصبية بعد، وتزوجت أنا وأختي بفترات زمنية متقاربة، زوجي حاصل على مؤهل متوسط مثلي، ويعيش بنفس بلدتنا، ويعمل سائق يمتلك “ميكروباص”، بينما زوج أختي يعمل في مصنع لمنتجات الألبان، كما أن الله – سبحانه وتعالى – رزقني بولد وبنت، ابني الأكبر بالمرحلة الإعدادية والابنة الصغرى بالمرحلة الابتدائية.

تبدأ مشكلتي الأساسية، بعد زواجي بخمسة سنوات، ولكن جذورها منذ عقود، لم تظهر إلا حينما تشعبت؛ حيث بدأ أخوايا بعمل تصرفات تسبب وصمة عار لأي عائلة، فقد شاركا أبي بعمل الورشة، وكما نقول بالعامية “بيكسبوا دهب”.

من هنا أصبح الشابان يذهبان لحانات اللهو كل يوم بعد الانتهاء من العمل، ويا لكم المشكلات الناجمة عنهما، مرورًا بمصاحبة الفتيات، وكم من علاقة تم فضحها على مرأى ومسمع من أهل الحي، وصولًا لشرب الخمر وعمل الموبقات.. في الصباح يعملان في الورشة، وبالليل هما شخصان آخران.

بدأ زوجي – بعد مرور بضع سنوات من ارتباطنا – بمعايرتي بأخوي، وكم أن والديَّ دللاهما، وذلك حق؛ فجذور ما نحن عليه الآن هو تدليل أبي وأمي لأخويَّ، ككثير من الأسر قليلة الوعي التي تفضل الأولاد على البنات بالتربية.

ولم يصل الأمر إلى حد المُعايرة من زوجي فحسب، بل تمادى الأمر إلى نهري والشجار معي بصفة مستمرة، وكلما قام ولدنا بأي تصرف يصدر من أي طفل طبيعي؛ سرعان ما يقول له “الواد لخاله هتطلع لمين”.

وقد زاد الطين بلة، بعدما منع عني أبي أي إمداد أو هدية؛ فقد كان يزورني – في الماضي – ويأتي لي ببعص الفاكهة والهدايا أو يعطيني بعض المال، لم يعد يزورني أبدًا، بعدما أشار عليه أخويَّ بادخار كل جنيه لهما لكي يتزوجا.

لم تشعر أختي بتلك المشكلة مثلي؛ لأن زوجها طيب القلب أخلاقه رفيعة كما أنه يحبها، ولكني أنا كل يوم بشجار ومشاحنات، فريثما يأتي زوجي من العمل، ويتناول طعام الغداء ويحتسي كوبًا من الشاي، إلَّا ويبدأ التسامر والتسلية على حال أسرتي، وما أن يذكرهما حتى يجن جنوني وأظل أعاتبه قائلة: “اتقِ الله”، ولكنه لا يكف ويعلو صوت شجارنا.

شكوت لأمي أن تجعل أبي يربي أخويَّ ويقوِّم سلوكهما؛ نهرتني فتبين لي الأمر؛ أنها تتفق معه بالرأي (الذى يساهم في إفساد أخويَّ) حتى لو كانت النتائج على النقيض.

لا أعلم ماذا أفعل؟!..لقد ضاقت عليَّ الأرجاء، ولم أعد أقوَ على تحمل تلك الحياة، لقد كرهت كل شيء، إننَّي على يقين أن هذا الوضع سيودي بي نحو الهاوية.. وربما الانتحار.

الحل..

عزيزتي“ع.ن”..كان الله بالعون..

“آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا”.. هذا هو كلام الله تعالى، فما بال البشر لا يهتدون على دروب الإله الأعظم، فحينما قرر اللي سبحانه نزول آدم إلى الأرض، عبرّت الملائكة لله عن شكوكها من أن يُفسد الإنسان في الأرض، ولكن هناك من البشر من يثبت للملائكة أن ظنونهم كانت خاطئة، وهناك من يلحق بالشيطان.

وبوق تفضيل الذكور على الإناث، هو أحد أبواق الشيطان التي يبث منها سمومه لبني آدم ليفسد حياتهم، ماذا يستفيد الأبوان إن هلك ولدهما وأهلك معه باقي الأخوة ؟!.

ولكن عزيزتي، طالما أنكِ تعيشين واقعًا لا تستطيعين إصلاحه، فلم يمتلك آدم هداية من أحبب؛ فعليكِ الآن الاهتمام بأسرتكِ الصغيرة وفقط؛ إنهم زوجكِ وأولادكِ، وعلى أبويكِ تحمل أوزارهما، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولكن قومي بزيارتهما ولا تعصينهما.

لقد لاحظتُ من وسط سطوركِ أنكِ تنفعلين على زوجكِ، وتعطينه فرصة التمادي في حماقته بمعايرتكِ بأهلكِ، نعم إنه سفه منه، ولكن عليكِ ألَّا تعطيه تلك الفرصة، فكما ذكرتِ إنه يحب التسلية بتلك الأفعال.

أطيعي الله في زوجكِ، ولا تملي من نصحه بكل هدوء، وإلَّم ينتصح، فحاولي مع أحد أبويه أو عم أو خال له ربما يكف، وكلما قال شيئًا عن أخوتك، تهرَّبي ولا تجادليه؛ حتى لا يدب الشجار بينكما وتدمرين أطفالكِ.. ما جدوى أن ينادي شخصًا كل يوم ساعة بنفس الاسم في نفس المكان ولا يجده؟!.. حتمًا في كل يومٍ سيقلل الزمن الذي يضيعه بالنداء على ذلك الغائب، إلى أن يأتي اليوم الذي يمتنع فيه عن الذهاب.

ذلك هو الحال معكِ؛ اجعليه يمل من عدم اهتمامكِ بنقده، ولا تبالي – عن عمد – بكلامه، وابحثي عن شيء تفعلينه ولا تكترثي، حتى يكف من تلقاء نفسه، واجعلي مصلحة أولادكِ نصب عينيكِ، هيئي لهم الجو للتعلم والثقافة والتريض والحرص على اتباع تعاليم الدين؛ حتى يمتلكوا فكرًا راقيًّا ينأي بهم من الانزلاق نحو الهاوية في المستقبل.

عزيزتي.. تمسكي ببيتكِ وبنائه، ولا تضيعي وقتكِ في مشكلات فارغة، فيضيع عمركِ هباءً، نظمي وقتكِ بالورقة والقلم، وقومي بعمل مشروع صغير من بيتكِ يجعلكِ لا تدعين وقتًا إلا وأنتِ مُنشغلة؛ حتى لا تفكرين بالانتحار وما شابهه، وقومي سلوكك بالتمسك بحب الله سبحانه وتعالى، قومي بسد كل منفذ على الهموم والمشكلات طالما أنها يومية.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ أيضا فى هذه السلسلة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى