أحمد عاطف آدم يكتب: “الدغيدي” تدغدغ مشاعر الشيطان

بيان

مسا الخير، كانت الترند قبل ما يظهر حتى مصطلح الترند، هي واحدة من أهم مخرجي السينما في مصر، إمرأة من دون خطوط حمراء، وإذا كان لقب الجريئة يليق بأحد فهو يليق بها، رحبوا معي بأجمد وأجرأ مخرجة مصرية عربية إيناس الدغيدي”،، بتلك المقدمة الرنانة استهلت المذيعة نادية الزغبي منذ بضعة أيام حلقة برنامجها “القرار” المذاع على قناة الغد، لتقديم ضيفتها، ثم بدأت في طرح أسئلتها، وكان السؤال الأول هو: “هل اخترتي أن تكوني جريئة أم انتي فعلًا جريئة؟” ، فأجابتها المخرجة العاشقة لإثارة الجدل بأنها فعلًا جريئة، وبررت تصبغ شخصيتها بتلك الجرأة أنها كانت تتصرف بتلقائية منذ قرار تقدمها لمعهد السينما، رغم أن والدها كان معلمًا للغة العربية والدين.

سؤال آخر تم توجيهه بالعامية: “بين صعوبة الحلال وسهولة الحرام شو اخترتي بحياتك؟”، فردت الدغيدي بفطرتها التي تدغدغ بها مشاعر الشيطان، قائلة: “مفكرتش في الحرام كتير – مفكرتش فيه – يعني مش حاطاه التارجت (الهدف) بتاع حياتي، لأنه لو فكرت الحرام حرام – حرام – مش هعمل حاجة في حياتي، فمفكرتش فيه”، ثم لحقتها الزغبي بسؤال مفخخ قائلة: “نسبة الحرام بحياتك بناءً على نظرة الناس، (خلينا نبتعد شوية عن التعليم الدين)، خلينا نحكي مجتمعيًا، نسبة الحرام كانت كبيرة بنظر الناس بحياتك؟”، فأجابتها الدغيدي: “بنظر الناس ممكن تكون أكبر بكتير من اللي أنا عملته، لأنه أفكاري وجرأتي ادتني انطباع غير شخصيتي الطبيعية خالص، يعني أنا مبشربش خمرة، مبشربش سجاير، في علاقاتي ببقي دايما علاقات مظبوطة تكون مناسبة لي سنا وعقلا، يعني مروحش أعمل علاقة خايبة ولا غبية أو علاقة من تحت الترابيزة، أو لما بعمل علاقة ببقي عاملاها واضح، ممكن الناس تشوفها حرام، بس أنا بشوفها شبيهه قد كدا صدق وحب واهتمام، لأنه بشوفها عادية – في حاجات كتيرة أوي أنا مبحاسبش روحي بالحلال والحرام”.

ومع اقتراب حلقة البرنامج من نهايتها كان السؤال الأكثر شذوذًا من حيث الطرح المناسب مجتمعيًا – وهو: “أي علاقة ما بعمرك عشتيها، المساكنة أو الزواج العرفي؟”، فأجابتها المخرجة قائلة: “لا الجواز العرفي عمري ما عشته”، فلاحقتها الزغبي قائلة: “المساكنة عشتيها؟!”، فأجابت الضيفة بثقة تغلفها نبرة اعتزاز وفخر: “كان مع جوزي قبل ما اتجوزه أكيد يعني، أنا قعدت ٩ سنين بحبه، فانتظرت مقدمة البرنامج بضعة لحظات استوعبت خلالها صدمة ما سمعته من ضيفتها، ثم ألح عليها سؤال فرعي أخير هو: “المساكنة كام سنة؟”، فأجابت الدغيدي وقهقهاتها تملأ جنبات الاستديو: “مش فاكرة، دا كلام قديم”، ثم أشارت بأن مدة “مساكنتها” كانت تسع سنوات.

بعد انتهاء حلقة هذا البرنامج وعلى طريقة “النوستاليجا” أو الحنين للماضي، وجدت ذاكرتي تستدعي لا أراديًا بعض مقدمات البرامج الهادفة لعباقرة الزمن الجميل، من مذيعين ومذيعات أثروا الشاشة الصغيرة ذات اللونين الأبيض والأسود بأعمالهم الرائدة – هل تتذكر عزيزي القاريء عندما كان هؤلاء الإعلاميون يجعلون استضافتهم تقتصر فقط على ضيوف بارزين من العلماء الأفذاذ أو المشاهير المبدعين بفنهم المسئول، أو سيدات المجتمع اللاتي لديهن ((خطوط حمراء)) – وليست مثلما عرفت وقدمت الزغبي نجمتها المتحررة صانعة الفن المتجرأ على ثوابت وأصول مجتمعنا، بأنها إمرأة من دون خطوط حمراء، وهي بالفعل كذلك لأنها تشخص وتوحي بالإنفلات داخل الكثير من لقطاتها السينمائية سواء التي أنتجتها أو أخرجتها، لتشجع قيم لا تمت للشريعة أو تهدف للرحمة بين أفراد المجتمع في شيء – بل للمساكنة التي اعتمدتها ضمن وسائلها المشروعة للظفر بمتع زائلة.

بالجهه المقابلة كان بيان تجديد الفتوى الصادر مؤخرًا من مركز الأزهر الشريف للفتوى الإلكترونية، ضروريًا وواضحًا بشأن ما يسميه البعض بـ”المساكنة”، حيث اعتبره المركز تَنَكُّرٌ للدين والفطرة، وتزييفٌ للحقائق، ومسخٌ للهُوِيَّة، وتسمية للأشياء بغير مسمياتها، ودعوة صريحة إلى سلوكيات مشبوهة ومحرمة، وأكد بأن الإسلام أحاط علاقة الرجل والمرأة بمنظومة من التشريعات الراقية، وحصر العلاقة الكاملة بينهما في الزواج؛ كي يحفظ قيمها وقيم المجتمع، ويصونَ حقوقهما، وحقوق ما ينتج عن علاقتهما من أولاد، في شمول بديع لا نظير له، كما أن الإسلام يحرم العلاقات الجنسية غير المشروعة، ويحرّم ما يوصّل إليها، ويسميها باسمها «الزنا»، ومن صِورِها ما سمي بـ«المساكنة» .. التي تدخل ضمن هذه العلاقات المحرّمة في الإسلام، وفي سائر الأديان الإلهية والكتب السماوية.

في النهاية أوجه نصيحة هامة لشبابنا ممن ينبهرون برواد الفن والرياضة على الساحة المعاصرة، وقد يتخطى إعجابهم كل حدود العقل – بسبب الولع المفرط بنجمويتهم والهالة الإعلامية المحيطة بهم، لذا أنصحهم بضبط مشاعرهم تجاه هؤلاء المشاهير، وعدم إغفال حقيقة أنهم بشر يصيبون ويخطئون. لهم توجهاتهم وقناعاتهم الخاصة التي لا يجب أن تنعكس برمتها علينا دون تفكير، بل هناك ضوابط دينية وأخلاقية ومجتمعية هي المحرك الرئيسي والأساسي لعواطفنا وليست التصرفات الفردية غير المسئولة، يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة الأنعام، بسم الله الرحمن الرحيم {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} صدق الله العظيم.

اقرأ أيضا للكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى