أحمد عاطف آدم يكتب: «الميتافيرس».. واقع افتراضي وليس مفروضا

حالة من الغموض والإثارة المعرفية تَسَبَّبَ فيها المصطلح الجديد الذي فرضه العبقري، أو الفتى الذهبي لعالم التواصل الاجتماعي “مارك زوكنبرج” صاحب الفيس بوك أو “ميتا فيرس” حسب المسمى الجديد بعدما ولج به إلي عقول رواده بذكاء يحسد عليه.

والميتافيرس بتركيبته اللغوية يرمز في المجمل إلي العالم الافتراضي للإنترنت المتاح عبر وسيط اليكتروني مثل نظارة ثلاثية الأبعاد قادرة علي تأمين رؤية مجسمة للأشياء وكأنها تتحرك بحجمها الطبيعي أمام المستخدم بحيث يستطيع أن يري نفسه وهو ذاهب إلي عمله الذي يتمناه في الحقيقة، أو المماثل لواقعه المعاش بالفعل، ويتعامل مع زملاءه كيفما، وقس علي ذلك كل حياتك “الميتافيرسية”.

طالع المزيد من مقالات الكاتب| أحمد عاطف آدم يكتب: انتحار مي غير مفاجئ

أحمد عاطف آدم يكتب: ميزان الشهرة بين التفرد والتفاهة

أحمد عاطف آدم يكتب: مشاعر لا تضاهي

وحسب المعلومات المتداولة علي لسان خبراء التحول الرقمي وأمن المعلومات لبعض الفضائيات والصحف، فإن هذه الثورة التكنولوجية ستبدأ بوادرها في الظهور جزئيا بعد بضعة أشهر على أن تكون متاحة كليًا لملايين المستخدمين حول العالم في غضون عامين إلي ثلاثة أعوام.

إلا أنهم حذروا من تأثيرها الطاغي على الحياة بوجه عام بطريقة أعمق من التي تحدثها مواقع التواصل في وقتنا الحالي، بسبب الإبهار البصري المتوقع تدفق إغراءاته بشكل ليس له مثيل، وما سيتبعه من تضاعف منتظر للسلبيات الاجتماعية، وتضييع الوقت بالإضافة للمشاكل الصحية المختلفة نتيجة التحرك في واقع تخيلي لساعات طويلة دون تحرك فعلي وصولًا لبعض الأعراض النفسية مثل اضطرابات انفصام الشخصية، كما أن الأطفال يعدوا أكثر الفئات استهدافًا من خلال الأفلام والألعاب الإلكترونية المرتبطة بهذا العالم الهلامي.

ومما لا شك فيه أن التطورات العلمية والتكنولوجية لن تتوقف مادامت الحياة مستمرة والإنسان يسعى لإضفاء مزيدًا من المتعة والراحة إليها، لكن لا ننسى أيضًا بأن هؤلاء المطورون لا يعملون بدون مقابل، بل أن هناك ثمن تتفاوت قيمته.

على سبيل المثال عزيزي القارئ أنت أصبحت في معزل كبير بمنزلك وسط أسرتك وأنت جالس مع أعز الناس لأنك مشغول بصفحات تواصلك الاجتماعي وليس عندك وقت للتركيز مع حكايات الزمن الجميل التي كلها عبر وخبرات لن يوفرها لك الصمت وعدم الانتباه، كذلك فإن تطبيقات مثل “التيك توك” تفرض علي أطفالك مصطلحات وتوجهات أنت حريص كل الحرص لإبعادها عنهم، لكنهم يفضلون اكتسابها حتى من أطفال بمثل أعمارهم امتلكوا قنوات تدر عليهم دخلًا من التسكع الإليكتروني.

وفي مخيلتي أن “الميتافيرس” إذا كان واقعًا افتراضيًا لا مفر منه، فيجب أن يظل هكذا وإلَا تحول إلى واقعٍ مفروضٍ يسيطر علي حياتنا بسحره الوهمي، بل هناك مصل فعال قد يقلل من تأثيره الفتاك، وهو إعادة التفكير في ترابطنا الاجتماعي داخل نطاق الأسرة وتدريب ذوينا وأبنائنا منذ الصغر علي تنظيم وقتهم وبناء جسر قوي للثقة بيننا وبينهم، نمرر من خلاله استراتيجيتنا الخاصة بتحديد علاقتهم بالتكنولوجيا بصفة عامة وكيفية استخدامها.

كما يجب أن تعيد قنواتنا الفضائية تفكيرها في خرائطها الخاوية من البرامج التوعوية المفيدة للأطفال والكبار مثلما كان يفعل ماسبيرو زمان وتأثيره الطاغي بإيجابية تجعلنا نحِن لها ونحترمها.

زر الذهاب إلى الأعلى