دكتور هاني الجمل يكتب: إسرائيل وإيران وحزب الله

بيان

هل ستمضي إسرائيل في تنفيذ خطة رئيس حكومتها تجاه حزب الله وإيران؟ وهل يمكن أن نشهد حرباً إقليمية في المنطقة ومن المستفيد الأكبر منها؟.
أسئلة كثيرة يطرحها المراقبون وهم يشاهدون على الشاشات الفضائية الصواريخ الاسرائيلية وهي تقصف المدنيين في جنوب لبنان بعد مقتل حسن نصر الله أمين عام حزب الله بعشرات الأطنان من القنابل، ومحاولاتها لقتل هاشم صفي الدين القائد الجديد للحزب، وينتظرون شكل الرد الاسرائيلي على قصف طهران للمدن الاسرائيلية بعشرات الصواريخ البالستية.

ولا يمكن لعين المراقب أن تغض الطرف عن الموقف الأمريكي المؤيد بقوة لإسرائيل حتى وإن عارض بايدن توجيه ضربة إسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني لاعتبارات كثيرة أولها الخوف من تأثر الامدادات البترولية للعواصم الغربية.
ومن الواضح أن هناك مصاعب وعراقيل كثيرة تقف حائلاً أمام التوصل إلى حل سلمي يجنب لبنان الحرب وتهجير الآلاف من قراهم في جنوب لبنان، وهو أمر أكّدته تصريحات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي حرص على زيارة بيروت ليؤكد دعمه لحزب الله الذي يقف جنوده في وجه التقدم البري الإسرائيلي.
ولعل السؤال الأهم الآن هو: كيف يبدو سيناريو المستقبل في لبنان في ضوء إصرار نتنياهو تنفيذ مخططه لاحتلال عدة قرى في جنوب لبنان؟، وهل ستسمح طهران بهزيمة حزب الله وتصفية سلاحه؟، وما مدى صحة قول الرئيس الأمريكي السابق ترامب ” ما قاتلتْ إيران إلّا انهزمت، وما فاوضت إلّا انتصرت”؟.
في ضوء الموقف الأمريكي الضعيف بسبب قرب نهاية فترة بايدن والذي يبدي كالبطة العرجاء، تبرز على السطح عدة سيناريوهات لما يمكن أن يقع بين إسرائيل من جهة، وكل من حزب الله وإيران من جهة أخرى.
السيناريو الأول هو إمكانية وقوع حرب ثنائية، حيث يفترض هذا السيناريو أن تقتصر الضربات الكبيرة والواسعة على إيران وإسرائيل فقط، وهو يتوقف على طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير.

فإذا أصرت إسرائيل على تنفيذ عمليات تخريبية ضخمة أو ضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ فلن يكون أمام طهران إلّا تنفيذ موجات متتابعة من الرد الصاروخي على إسرائيل دون توقف. وإذا كان الطرفان يملكان الأدوات التي تحقق هذا السيناريو، فإن وقفه مرهون بإدراك أيهما بأنه قد يتعرض لخطر وجودي مثل نهاية نظام الحكم في إيران، أو سقوط عدد كبير من القتلى الإسرائيليين نتيجة هجمات الصواريخ الإيرانية المتلاحقة.
أمّا السيناريو الثاني وهو الأصعب فهو إمكانية اندلاع حرب إقليمية شاملة وهو أمر قد يحدث إذا شاركت الولايات المتحدة مع إسرائيل بشكل مباشر في استهداف الأراضي الإيرانية، وحينها من الممكن أن تندلع “حرب إقليمية”.
وإذا اندلعت الحرب، وفق هذا السيناريو؛ فإنها قد تستهدف المصالح الأمريكية والغربية ليس فقط في المنطقة، بل ربما تستهدف أيضاً السفارات الإسرائيلية والغربية في أماكن أخرى حول العالم.

ولعل التفجيرات بالقرب من السفارة الإسرائيلية في كوبنهاجن مطلع أكتوبر الجاري، تُعد مؤشراً على ما يمكن أن يحدث حال اندلاع الحرب الإقليمية الشاملة.
أمّا السيناريو الثالث فيفترض أن تستغل واشنطن وتل أبيب الهجوم الصاروخي الإيراني؛ لتشاركا في استهداف قادة النظام الإيراني على غرار مقتل إسماعيل هنية ونصر الله، بالتزامن مع قصف منشآت حيوية؛ بما قد يشجع الإيرانيين حينها على الخروج على النظام الحاكم، من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية.
وإلى جانب السيناريوهات الثلاثة هناك أيضاً إمكانية التركيز على لبنان بهدف إعادة نحو 100 ألف إسرائيلي غادروا منازلهم منذ 8 أكتوبر 2023، وإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان حتى تضمن إسرائيل عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر من الجهة الشمالية، مع إضعاف قدرات حزب الله.
خلاصة القول.. الشرق الأوسط يعيش على صفيح ساخن في انتظار معرفة حدود الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني، والذي سوف يرسم معالم مرحلة جديدة، ليس فقط لمستقبل الأمن الإقليمي؛ بل يمكن أن يقود إلى تداعيات عميقة على قضايا وملفات بعيدة وخارج المنطقة.

اقرأ أيضا:

زر الذهاب إلى الأعلى