ترامب يضغط على دمشق للالتحاق بقطار التطبيع.. نص خطاب الشرع بعد لقاء الرئيس الأمريكى

بيان
في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة، التقى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أمس الأربعاء 14 مايو الجارى، بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، وذلك عقب الإعلان الرسمي عن رفع الولايات المتحدة لجميع العقوبات المفروضة على سوريا، ما يعكس تحولًا نوعيًا في مقاربة واشنطن للملف السوري.
اللقاء، الذي استمر أكثر من ثلاثين دقيقة، جرى بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في حين شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الاتصال المرئي، وهو ما أضفى على الاجتماع طابعًا إقليميًا متعدد الأطراف.
وبحسب بيان صادر عن البيت الأبيض، دعا ترامب الرئيس السوري إلى الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، مشددًا على ما وصفه بـ”ضرورة ترحيل العناصر الفلسطينية المتطرفة” في إشارة إلى الفصائل التي استضافتها سوريا لعقود، وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية – القيادة العامة.
كما طالب ترامب دمشق بتحمل مسؤولية إدارة مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم “داعش” في شمال شرق سوريا، والتي تضم الآلاف من عناصر التنظيم وعائلاتهم، في ضوء الفراغ الأمني الذي خلفه انسحاب بعض القوات الدولية وتنامي القلق من إعادة تجدد النشاط الإرهابي في المنطقة.
وبينما لم يصدر تعليق رسمي من الجانب السوري حتى الآن، يُنظر إلى اللقاء بوصفه اختبارًا مبكرًا لسياسات الإدارة الانتقالية في دمشق، ومدى استعدادها للاستجابة لضغوط الانفتاح المشروط مقابل الدعم الدولي والاعتراف السياسي.
وبعد عودته إلى دمشق ألقى الشرع كلمة متلفزة شكر فيها الجميع ولم يشكر مصر، ذكر الجميع ولم يأت ذكر مصر على لسانه.
فى التالى نقدم النص الكامل لكلمة خاكم سوريا أحمد الشرع (أبو محمد الجولانى)، وذلك بعد لقائه الرئيس الأمريكى ترامب.
نص الخطاب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الشعب السوري العظيم…
لقد مرت سوريا في تاريخها الحديث بمرحلة مأساوية تحت حكم النظام البائد؛ سُفكت فيها دماء الأبرياء، وهُجّر الملايين، وغُيب الآلاف في سجون الظلم، وارتفعت فيها أصوات المعاناة، فيما نُهبت مقدرات الدولة على يد القتلة والسارقين.
تحوّلت بلادنا إلى بيئة طاردة لأبنائها، منفرّة لجيرانها، منبوذة في محيطها، وغريبة عن تاريخها المجيد.
سوريا الحضارة، التي كانت منارة للأصالة والعراقة، انزوت بعيداً عن أشقائها ومكانتها بين الأمم.
لكنها، وفي إدلب الثورة والعز، بدأت تكتب فصلاً جديداً من مستقبلها، حيث بزغ فجر سوريا الجديدة، وتحررت المناطق، وابتهج المواطنون، وشاركتنا الشعوب والدول المجاورة والعالم فرحتنا.
عادت روح الانتماء بقوة، وظهرت رغبة شعبنا في بناء دولته الحرة، كما لمسنا دعم الأشقاء ومشاركتهم في هذه المسيرة. لقد بدأ الأمل يلوح في الأفق نحو مستقبل مشرق، رغم أن سوريا ما زالت مكبلة بأثقال الماضي.
خلال الأشهر الستة الماضية، عملنا على وضع أولويات إصلاح الواقع المؤلم. ومن بين خطواتنا:
-
الحفاظ على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي.
-
فرض الأمن، وحصر السلاح، ودمج الفصائل في وزارة الدفاع.
-
تشكيل حكومة وطنية ولجنة انتخابية تمهيدًا لبرلمان يمثل السوريين جميعًا.
-
إعداد إعلان دستوري، وتنظيم مؤتمر وطني.
-
إنشاء هيئة للعدالة الانتقالية، وإلغاء القوانين الجائرة.
-
إصلاح المؤسسات، وتحرير الاقتصاد، وتقييم الواقع الخدمي والمؤسسي.
كل ذلك ترافق مع تحرّك دبلوماسي فاعل، تمثّل بمشاركات دولية ورفع علم سوريا في الأمم المتحدة، وفتح قنوات كانت مغلقة، وإرساء علاقات استراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة.
لقد زرت مؤخرًا عددًا من القادة العرب والعالميين، وشهدت في أعينهم حبًا صادقًا لسوريا، وحرصًا على نهضتها:
-
التقيت سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي وعد بالعمل على رفع العقوبات، وأبدى رؤية اقتصادية طموحة لمستقبل سوريا.
-
زرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي احتضن ملايين السوريين، وأبدى دعمه الكامل لعودتنا واستقرارنا.
-
التقيت سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وقف معنا بثبات منذ لحظة التحرير.
-
ثم زرت الشيخ محمد بن زايد، الذي سارع إلى فتح أبواب الإمارات أمام السوريين، وكان من أوائل المباركين.
-
كذلك أشاد الملك حمد بن عيسى من البحرين، والأشقاء في الكويت وسلطنة عمان، وملك الأردن عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الجزائري، وقيادات من المغرب وليبيا والسودان واليمن.
-
وعبّر رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني عن رغبته بإحياء العلاقات الثنائية والتبادل المثمر.
-
كما لمستُ اهتمامًا خاصًا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ودعمًا أوروبيًا من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، وسرعان ما بادرت بريطانيا برفع العقوبات.
أيها الشعب السوري…
إن وحدتكم وصبركم وتضحياتكم في الخيام، ودماء الشهداء، وصمود المعتقلين، والتفافكم حول مشروع سوريا الجديدة، كان لها الأثر العميق في تغيير المواقف الدولية.
لقد لمسنا تفاعلًا ملموسًا من الجاليات السورية في الخارج، وكان لهم دور كبير في الضغط والمناصرة. وإن تلاحم الداخل والخارج، وصدق المحبة بيننا وبين أشقائنا، هو رأس مال سوريا في هذه المرحلة المفصلية.
واليوم، لا نحتفل فقط برفع العقوبات، بل بعودة الإخوة الصادقة بين شعوب المنطقة، وصدق التوجه العربي نحو دعم سوريا. وقد صدق الأمير محمد بن سلمان بوعده، وصدق الرئيس أردوغان بمحبة، وصدق الأمير تميم بوفائه، والشيخ محمد بن زايد بمبادرته، وكذلك سائر القادة العرب.
كما استجاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشكورًا، فكان قراره برفع العقوبات خطوة شجاعة أنهت المعاناة وأسست للاستقرار.
أيها السوريون…
الطريق أمامنا ما يزال طويلًا. لكننا بدأنا مرحلة العمل الجاد، وانطلقت نهضة سوريا الحديثة. ومن هذا المنطلق نؤكد التزامنا بتعزيز مناخ الاستثمار، وتطوير التشريعات الاقتصادية، وتقديم التسهيلات لرأس المال الوطني والأجنبي للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية.
نرحب بكل المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج، ومن أشقائنا العرب والأتراك وأصدقائنا حول العالم.
نعاهدكم بأن تكون سوريا أرض السلام والعمل المشترك، وأن تبقى وفيّة لكل من وقف معها في محنتها. لن تكون سوريا بعد اليوم ساحة لصراعات النفوذ، ولا منصة لأطماع الخارج. لن نسمح بتقسيم سوريا، ولن نسمح بعودة سرديات النظام السابق التي مزقت شعبنا.
سوريا لكل السوريين، بمختلف طوائفهم وأعراقهم. التعايش هو إرثنا، والانقسامات لم تكن يومًا إلا من صنع التدخلات الخارجية، وسنرفضها دائمًا.
لقد علمتنا المحن أن قوتنا في وحدتنا، وأن طريق النهوض لا يُعبَّد إلا بالتكاتف والعمل.
ولن ننسى شهداءنا، ولا جرحانا، ولا من فقد أحبته. سيكونون في وجداننا في كل خطوة نحو المستقبل.
عاشت سوريا حرة أبية، وعاش شعبها العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
