عاطف عبد الغنى يكتب: مصر التى فى المنيرة

فى لقاء مع أحد القنوات الفضائية سئلت التعقيب على حادث حريق كنيسة أبو سيفين في إمبابة، والذى تسبب في وفاة 41 شخصًا ( بينهم أطفال ) غير 14 مصابا، والتحرك السريع من الدولة ورئيسها، والحكومة، والأزهر الشريف، وتلاحم الشعب المصري وأبناء أمبابة المنطقة التى وقع فيها الحادث، وهروع أبنائها جميعا المسلمين قبل المسيحيين لإنقاذ من فى الكنيسة، ومساعدة من يحتاج إلى مساعدة فور نشوب الحريق. وقبل الإجابة تقدمت بالعزاء إلى مصر، وإلى شركاء الوطن الأقباط في ضحاياهم، ثم قلت الآتى:

عن موقف تلاحم، وتعاضد، المسلمين والمسيحيين الذى ظهر بأجلى صورة خلال الحادث وبعده فهذا شيئا ليس بجديد على الشعب المصري، وهو سلوك مذكور على مر التاريخ، ولا يتطلب أي تفسير، ويومًا بعد يوم يؤكد الشعب المصرى بأنه نسيج واحد، ولم تستطع كل محاولات تمزيقه أن تنجح، وهو في كل ملمة يظهر معدنه النفيس.

قلت – أيضا – إن مصر هى أرض الأديان من لدن إبراهيم مروروا بموسى وهارون ويوسف وعيسى سلام الله عليهم أجمعين، وملاذ الأسباط، ومريم وخطيبها يوسف النجار وبلد هاجر، عليهم جميعا السلام.

وذكرت المثل القائل “الناس على دين ملوكهم” مؤكدا على موقف الرئيس السيسي وتأكيده منذ توليه الحكم على دستور المواطنة، ونشر الحب والتسامح، بين المصريين، وضربه مثالًا عمليا للإنسانية والتراحم كواقع وسلوك عملي، وهو دائما ما يؤكد فى كل المناسبات على أن الجميع شركاء في الوطن لهم كل الحقوق التى يكفلها الدستور والقانون، لا فرق فى هذا بين مسلم ومسيحي.

وقلت إن هذا هو جوهر الدولة المدنية الحديثة، ومثالها فى التاريخ دولة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ودستورها هو “وثيقة المدينة” المبهرة إنسانيا، حين تعكس – فى زمن كان العالم فيه غارقا فى الظلم والعبودية والجهالة الدينية – كيف يمكن أن يتعايش أتباع الأديان الثلاثة السماوية وغيرهم في وطن واحد لهم جميعا كل الحقوق، وعليهم جميعا كل الواجبات.
وقلت إن مصر لديها مخزونا حضاريا، وإرثًا إنسانيًا ودينيًا موجود على أرض الواقع وعلى مر التاريخ.

وقلت إن الرئيس السيسي، هو أول من اهتم بالحادث بشدة، وباعتباره قدوة تحاكيه كل الجهات والمؤسسات في الدولة، لذلك تحركت على وجه السرعة إلى مكان الحادث، وزيارة المصابين.

وعن موقف المسؤولين قلت إنه لا يمكن لمسؤول – الآن – أن يتقاعس عن أداء دوره وهناك رئيس، يقظ لا يكاد ينام ويباشر كل ما يخص شئون الدولة بدقة، والمسؤول موجود لخدمة الوطن والمواطن.

وعن موقف الأزهر الشريف فى تقديم التعويضات للضحايا، أكدت أن الدين المعاملة وهذا هو الإسلام، فالأديان ليست شعائر فقط، وفى مثل هذه المواقف فالنجدة ومد يد العون للأخر، فرض عين، على المسلم، وليس فرض كفاية.

وعلى الجهة الأخرى فالاقباط حاضرون كتفا بكتف مع أشقائهم المسلمين، يقاسمونهم فرحة الأعياد ويعزونهم فى الملمات.

وعن الدروس المستفادة من أزمة حريق كنيسة أبو سيفين، قلت أن الحادث استحضر إلى ذهنى ما تسمى “لجنة تقنين الكنائس” وقانون دور العبادة، وبما أنه لم يعد هناك الآن تقييد على بناء الكنائس، فهذه اللجنة التى سمحت ببناء، وقننت عشرات الآلاف من الكنائس على مدار السنوات القليلة الماضية، كان من صميم عملها تأمين الكنائس ضد الحوادث، حفاظا على أرواح العبّاد والزوار، وهذا واجب الدولة، وحفظ النفس، والعقل، والدين، من موجبات الشرع، ولذلك شددت على ضرورة الاهتمام بأماكن العبادة، والكشف الدوري على أساليب أمانها، لتلافي الحوادث والخسائر وخاصة فى البشر، حيث لا تعوض كل أموال الدنيا روح إنسان فارقت جسده.

وتوقفت عند سلوك أبناء إمبابة فى موقع الحادث الأليم، مؤكدا أنهم كانوا كعهدنا بهم “رجالة” ويعرفون حق الجار ويحفظون العيش والملح .

اقرأ أيضا :

زر الذهاب إلى الأعلى