عاطف عبد الغنى يكتب: أزمة الإنجليز بعد رحيل جونسون

جاء بوريس جونسون، زعيما لحزب المحافظين البريطانى، ورئيسا لوزراء المملكة المتحدة، خلفا لتريزا ماى عام 2019 ، وكان فى هذا التاريخ ينظر إليه على أنه رجل توازنات يمتلك أغلبية فى مجلس العموم البريطانى، تبلغ أكثر من الثلثين من عدد نواب الحزب البالغ 358 نائبا.
ويغادر جونسون أو يرغم على ترك زعامة المحافظين، بعد استقالة أكثر من 60 وزيرا ومسئولا ممن يليهم من الحزب فى الحكومة البريطانية، وهو ما يعد أزمة كبيرة فى الحياة السياسية البريطانية، خاصة وأنه يصاحبها أزمة اقتصادية توصف أيضا بـ “الكبيرة”.
يخرج جونسون والاقتصاد البريطانى يعانى من أعلى مستويات للتضخم منذ 40 عاما، وأزمة غلاء فى المعيشة، ومخاطر انكماش، وفى المقابل لابد أن ترتفع الأصوات المطالبة بمواجهة هذه الأزمات، فتزيد الضغوط المطالبة بزيادة المساهمات الاجتماعية، ودعوات أعضاء حزب المحافظين بخفض الضرائب، ومن المعروف أن حزب المحافظين مؤيد تقليدي للضرائب المنخفضة.

وفى عهد رئاسة جونسون للحكومة، واجهت بريطاني 3 أزمات، أولها وأخطرها أزمة إنهاء مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى “بريكست”، والتى قسّمت المجتمع البريطانى، منذ التصويت الذى أجرى عام 2016 وقسّمت نتيجته تقريبا هذا المجتمع إلى نصفين، وإن فاز فيه الرأى بالخروج بنسبة ضئيلة.
الأزمة الثانية هى أزمة كورونا، التى أدت إلى زيادة الإنفاق فى الوقت الذى شهد الاقتصاد تراجعا كبيرا أدى إلى تدهور العملة، وزاد اضطراب الأسواق، الناجم عن الاضطرابات التى نالت سلاسل التوريد.
وجاءت أزمة الحرب الروسية – الأوكرانية، واندفاع بريطانيا – جونسون، لتأييد الأوكران، والمزايدة على الموقف الأمريكى من الحرب، وتقديم المساعات اللوجستية الكبيرة لبريطانيا، ورفض جونسون للحل السياسى، بل بالعكس، كانت تصريحاته ومواقفه دائما ما تصب فى جانب تأجيج الصراع ما زاد من الضغط على الاقتصاد، عبر السياسة.
ما سبق كان لابد أن يزيد النفقات، مقابل خفض الإيرادات، وزيادة الدين الكلى فى الموزانة، مع ما يستتبعه هذا من مخاطر، تفسد معادلة التوازن المالى على الاقتصاد البريطانى.
وفى الإجابة على سؤال عن تأثير كل ما سبق على بريطانيا والمواطن البريطانى أجبت أن استقالة جونسون أو رحيله لن يغير كثيرا فى الواقع الحالى، مستعينا بمقولة لـ “جونسون نفسه رئيس الوزراء المستقيل من زعامة حزب المحافظين (لم يستقل بعد من الحكومة) يقول فيها إنه: “فى السياسة ليس هناك من لا يمكن الاستغناء عنه”، ومعنى الكلام واضح أن رحيله فى حد ذاته ليس مسألة كونية.
وربما قد يشهد الجنيه الاسترلينى قليلا من الارتفاع، أو يحدث العكس فى البورصة، فتنخفض أو تخسر قليلا، لكن سريعا ما سوف تعود الأمور الاقتصادية إلى ماكانت عليه قبل انطواء صفحة بوريس جونسون، أما الأمور السياسية ، وخاصة ما يتعلق بالحرب الروسية – الأوكرانية، وهذا سؤال أخر كان يوجه إلىّ فى المداخلات والبرامج، وكانت إجابتى الدائمة عليه إنها سياسة دولة وحزب، وليست سياسة جونسون، وكنت أضيف دائما على ما سبق أن سياسات بريطانيا فى مثل هذه الأزمات الخارجية، التى تكون الولايات المتحدة الأمريكية طرفا أساسيا فيها هى انتهاج سياسة التابع الأعمى، أو الذليل، وكانت دائما ما تزايد على المواقف الأمريكية حتى أن رسامى الكاريكاتير صوروا رئيس الوزراء البريطانى جون ميجور إبان غزو أمريكا للعراق، بأنه كلب، الحلقة فى رقبته ومقوده فى يد جورج بوش الأبن، والمعنى واضح.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى