سماح عطية تكتب: لا تسبّـوا الأسد «سلطان» بلفظ الإنسانية

دعا الدكتور مصطفى محمود، رحمة الله عليه، في كتاب “رأيت الله” إلى عدم ظلم وسبّ الأسد “سلطان” بلفظ الإنسانية…
حيث رأى الدكتور مصطفى محمود، أن “سلطان ” لا يستحق منا ذلك؛ فهو صاحب حسّ راقٍ وشعور وإحساس عالٍ غير موجود عند البشر، بل لديه من المسئولية والقدرة الذاتية على الثواب والعقاب ما لا يوجد مثيل لها عند البشر.

و قصة الأسد “سلطان” كما يرويها الدكتور مصطفى محمود في كتابه “رأيت الله”، بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين فى السيرك، حينما استدار محمد الحلو ليتلقّـى تصفيق الجمهور بعد نمرة ناجحة مع الأسد “سلطان”، وفى لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف وأنشب مخالبه وأسنانه فى ظهره.

وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً ومن فوقه الأسد الهائج، واندفع الجمهور والحُرّاس يحملون الكراسى وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد وتمكّن من أن يخلّص أباه من براثن الأسد، ولكن بعد فوات الأوان..

مات الأب فى المستشفى بعد ذلك بأيام، أما الأسد “سلطان” فقد انطوى على نفسه فى حالة اكتئاب ورفض الطعام، وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسدًا شرِسًا لا يصلح للتدريب.

وفى حديقة الحيوان استمر “سلطان” على إضرابه عن الطعام، فقدموا له أنثى لتسرى عنه فضربها بقسوة!! وطردها وعاود انطواءه وعزلته واكتئابه.

وأخيراً انتابته حالة جنون، فراح يعضّ جسده، وهَوَى على ذيله بأسنانه فقسمه نصفين، ثم راح يعضّ ذراعه، الذراع نفسها التى اغتال بها مدرّبه، وراح يأكل منها فى وحشيّة، وظل يأكل من لحمها حتى نزف ومات واضعًا بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد.

ندَم حيوان أعجم ومَلِك نبيل من ملوك الغابة، عرف معنى “الوفاء” وأصاب منه حظًا لا يصيبه الآدميون، أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين!.

درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التى تأكل شعوبًا، وتقتل ملايين فى برود على الموائد الدبلوماسية وهى تقرع الكئوس وتتبادل الأنخاب، ثم تتخاصر فى ضوء الأباجورات الحالمة وترقص على همس الموسيقى وترشف القبلات فى سعادة وكأن شيئاً لم يكن!

إنّى أنحنى احترامًا لهذا الأسد الإنسان، بل إنى لأظلمه وأسبّه حين أصفه بالإنسانية !

كانت آخر كلمة قالها “الحلو” وهو يموت: “أوصيكو ما حدش يقتل سلطان والوصية أمانة ما حدش يقتله”!
هل سمع الأسد كلمة مدربه ؟.. وهل فهمها ؟!.

وأنهى الدكتور مصطفى محمود كلامه قائلاً: “يبدو أننا لا نفهم الحيوان ولا نعلم عنه شيئاً، ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذى انتحر، على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس، وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسئولية، نفس لها ضمير يتألّم للظلم والجور والعدوان؟”.

اقرأ ايضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى